اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تتربع دير القمر على عرش التاريخ اللبناني، حيث كانت في يوم من الأيام قلب لبنان النابض في عهد الإمارتين المعنية والشهابية، تحت ظلال السلطنة العثمانية. لقد كانت مركزاً للحياة السياسية والاقتصادية والتجارية والتربوية، لكن مع مرور الزمن وتأسيس لبنان الكبير، تحولت الأضواء نحو بيروت، العاصمة الجديدة.



تقع هذه الجوهرة في قلب قضاء الشوف بمحافظة جبل لبنان، مرتفعةً عن سطح البحر بـ850 متراً، وتبعد عن بيروت بحوالي 35 كيلومتراً. تُعد اليوم واحدة من أبرز المدن المسيحية في الشوف، وتُظهر تاريخاً حافلاً بالتغيير الديموغرافي الذي نتج عن الصراعات الطائفية، خاصةً خلال أحداث العام 1840 بين الدروز والمسيحيين.



تحكي الأساطير والروايات المتعددة قصصاً مختلفة عن تاريخ دير القمر، ولكن الباحثين لم يتوصلوا إلى إجماع. يُشير الاسم العربي للمدينة إلى تاريخها الحديث كبلدة، ولكن المؤرخ جوزيف نعمة، ابن دير القمر، يُلمح في كتابه إلى أن الفينيقيين ربما عرفوها بإسم آخر، مستفيدين من موقعها القريب من الشاطئ لتسهيل تجارتهم.



تُعتبر آثار دير القمر من أبرز المعالم السياحية في لبنان، حيث تزخر بالأديرة والكنائس العريقة والقلعة التاريخية التي تُشرف على البلدة، مُقدمةً إطلالات خلابة على الجبال والوديان الخضراء. وتشتهر المدينة أيضاً بزراعة الزيتون والحرف اليدوية التقليدية.


يعود تألق دير القمر ومجدها إلى عهد الإمارتين المعنية والشهابية، حيث كان الحكم يعود إلى الأمراء الدروز. يُذكر أن الأمير فخر الدين المعني الأول استعان بمهندسين من توسكانا لإعمار المدينة، وأسس فيها وبعقلين مركزاً لحكمه، مُحضراً معه عائلات وعسكراً ساهموا في تشكيل نسيج المدينة الاجتماعي.



لمن يزور منطقة الشوف الجبلية، تُعد دير القمر محطة لا بد من التوقف عندها، ليس فقط لجمالها الطبيعي وتراثها العمراني، بل لروحها التي تنبض بالحياة والتاريخ، مُحافظةً على هويتها حتى يومنا هذا.


الأكثر قراءة

كيف منعت إيران الحرب ضدّ لبنان؟