اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

قرّر الوسيط الاميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان والعدو الإسرائيلي آموس هوكشتاين عدم العودة سريعاً الى لبنان، منذ زيارته الأخيرة له في 9 أيلول الجاري، لانه كان يعلم أنّ اجتماعات الدورة ال 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ستجعل المسؤولين اللبنانيين يزورونها للمشاركة في أعمالها، ومن بينهم رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي، نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب المكلَّف من رئاسة الجمهورية متابعة هذا الملف. ولهذا التقى هوكشتاين ميقاتي في نيويورك يوم الثلاثاء، وبوصعب مرتين، وجرى إبلاغه بموقف لبنان، وعرض بعض المقترحات الجديدة عليه.

وتقول أوساط ديبلوماسية مراقبةا نّ ميقاتي وبو صعب نقلا لهوكشتاين موقف لبنان من المقترح «الاسرائيلي» الأخير وَمِمَّا يُعرف بـ «خط العوّامات» أو بـ «خط الطفّافات». فالحدود بين لبنان وفلسطين المحتلّة مرسّمة منذ العام 1923 في اتفاقية «بوليه- نيوكومب»، ويمكن العودة الى هذه الإتفاقية التي تُعرف بـ «إتفاقيات الحدود الفرنسية- البريطانية»، وما تتضمّنه من خرائط مرافقة وموقّعة من قبل المندوب الفرنسي الكولونيل ن. بوليه والكولونيل البريطاني ستيوارت فرانسيس نيوكومب.

وتبدأ الحدود، وفقاً للاتفاقية المذكورة، من البحر الأبيض المتوسط، من نقطة تُسمَّى رأس الناقورة، وتتبع خط القمم انطلاقاً من هذا المرتكز نحو العلامات 1 و2 و3 و4. وفي المادة الخامسة من هذا الاتفاق، يتعهّد الجانبان ألا يقوم بعمل شبيه بالأعمال الحربية، أو عمل معادٍ من أراضٍ تحت إشراف أحد طرفي هذا الاتفاق ضد الطرف الآخر. كما يشير الى أنّ القصد الرئيسي من وراء إقامة خط الهدنة الدائمة هو تخطيط الخط الذي يجب على القوّات المسلحة للأطراف المعنية ألّا تتجاوزه، على أن يتبع خط الهدنة الدائمة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين المحتلة.

ولأنّه من حقّ لبنان الطبيعي الاستفادة من ثروته النفطية الموجودة في أعماق البحار، فلا بدّ من أن تتضمّن اتفاقية الترسيم بين لبنان والعدو الإسرائيلي المرتقبة، على ما أضافت الاوساط، بنداً يتعلّق بالسماح أو بعدم منع الشركات الدولية من المجيء الى لبنان والعمل في بلوكاته البحرية في عمليات الاستكشاف والتنقيب، ومن ثم الاستخراج والإنتاج توازياً مع عمل «الإسرائيلي» في الحقول النفطية، بدءاً من حقل «كاريش». أمّا ما غير ذلك، فسيؤدّي الى منع «الاسرائيلي» من الاستخراج من «كاريش» وهو بات يعلم هذا الأمر، وليس من مصلحته بالتالي فتح جبهة مع لبنان عند الحدود الجنوبية، لأن من شأن ذلك مغادرة سفينة «إنرجين» الى غير عودة.

وتقول الأوساط نفسها انّ المفاوضات غير المباشرة لترسيم الحدود البحرية تسير في الاتجاه الصحيح، انطلاقاً من أنّ لبنان يريد «أكل العنب» وليس قتل الناطور، وأشارت الاوساط الى أنّه من مصلحة لبنان و»اسرائيل» توقيع الاتفاقية في المرحلة الراهنة، سيما أنّ ثمّة طلبا دوليا، لا سيما أوروبي على مادتي الغاز الطبيعي والنفط خلال السنوات المقبلة.

غير أنّ الاوساط لم تجزم إذا ما كان توقيع الإتفاقية سيتمّ خلال الفترة القصيرة المتبقية من عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أم بعده، أي بعد الإنتخابات «الإسرائيلية» التشريعية التي ستجري في الأول من تشرين الثاني المقبل والانتخابات الأميركية الرئاسية النصفية في الشهر نفسه. ولكن في مطلق الأحوال، أحصل التوقيع في أيلول أو في تشرين، أم في فترة الشغور اللبناني الرئاسي المتوقّع بعد 31 تشرين المقبل، فإنّ إتفاقية الترسيم ستُحسب كإنجاز للأجيال المقبلة، حصل في عهد الرئيس عون كونه هو من حرّك هذا الملف الذي كان نائماً في الأدراج طوال العهود السابقة.

والأهمّ من ذلك، بحسب الأوساط عينها، أن تعود شركة «توتال» سريعاً الى لبنان لاستئناف عملها في البلوكين 4 و9، وتسريع وتيرته لكي يتمكّن من الإنتاج خلال السنوات المقبلة. كما أن يمون هناك بالتالي الكميات الضخمة المتوقّعة من الغاز والنفط في البلوكات اللبنانية، والتي تساوي مليارات الدولارات التي يحتاج اليها لبنان لتحسين وضعه الإقتصادي والمالي وسدّ ديونه الخارجية.

أمّا في حال تعرقل توقيع الإتفاقية لسبب من الأسباب، أو لعدم توافق لبنان واعدو الاسرائيلي على الشروط من جهة، وعلى المطالب المحقّة من جهة ثانية، أو لعدم عودة يائير لابيد الى رئاسة الحكومة إنَّما بنيامين نتنياهو، على ما عقّبت الاوساط، فإنّه باستطاعة لبنان أن يعود الى الخط 29 من خلال تعديل إحداثيات المرسوم 6433، وإيداعه لدى الأمم المتحدة. فمثل هذه الخطوة من شأنها منع الإسرائيلي من استكمال العمل في حقل «كاريش» بالطرق الديبلوماسية، على غرار ما فعلت قبرص في ما يتعلّق بحقل «أفروديت» الحدودي بينها وبين العدو الإسرائيلي، ما أرغمه على وقف العمل فيه.  

الأكثر قراءة

هنري كيسنجر... نبي الدم