اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في مقالة لصحيفة «لوموند « الفرنسية، لاحظ الكاتب أن الفساد يشكل فلسفة حياة، أو فلسفة وجود في اللعبة السياسية اللبنانية. لا دولة هنا دون فساد. أي محاولة لاجتثاث هذه الآفة تبدو وكأنها محاولة لتقويض الدولة ...

الكاتب يضيف: كما نتعايش مع الشيطان، حتى أثناء تناولنا القربان المقدس، لا سبيل أمام اللبنانيين الا أن يتعايشوا مع تلك الحالة التي ما لبثت أن تحولت الى وباء ثقافي يجتاح سائر طبقات المجتمع». نفهم من من الفقرة الأخيرة في المقالة أن اللبناني النظيف الكف استثناء. ربما كان ... عاهة سوسيولوجية !

الفرنسيون يقولون الآن أنهم مرغمون على التفريق بين المشكلة السياسية والمشكلة الاقتصادية في لبنان، بالرغم من الترابط العضوي بينهما. لذا ينصحون برئيس يمتلك بعضاً من الدراية، أو من الرؤية الاقتصادية، بعدما أصاب البلد ما أصابها من الخراب المالي والاقتصادي.

لكن المنطق، ولطالما أخذ الفرنسيون بالمنطق الديكارتي على أنه فاق المنطق الأريسطي، يقول برئيس للدولة يتصف بالاستقامة، وبالترفع عن الغوص في الوحول (بما فيها الوحول السياسية والطائفية)، ناهيك عن الشفافية الأخلاقية والتصدي لذئاب المال العام.

ثمة أمثلة كثيرة على عدم حاجة الدول التي واجهت أزمات اقتصادية أو أزمات مالية، الى رئيس للسلطة التنفيذية يمتلك التجربة الاقتصادية (والمالية) . تكفي الكثافة (أو الديناميكية) الأخلاقية.

من هنا جاء شارل ديغول لا لينقذ فرنسا من التدهور السياسي فحسب، وانما أيضاً من التدهور الاقتصادي. عيّن جورج بومبيدو، الآتي من ادارة مصرف غي روتشيلد في الماتينيون، ليحتل فاليري جيسكار ـ ديستان، خريج الـ ENA والدماغ الفذ، منصب وزير المال والاقتصاد.

فرنكلين روزفلت، الذي يعتبر مع جورج واشنطن وأبراهام لنكولن الثالوث الذهبي في قائمة رؤساء الجمهورية، كان محامياً ودرس القانون في جامعة كولومبيا. مع ذلك، هو مَن أخرج بلاده من حقبة الكساد الكبير، وأطلق الـ New Deal كمجموعة من البرامج الاقتصادية لاغاثة الأميركيين الخارجين للتو من الحرب العالمية الثانية ..

مهاتير محمد الذي انتقل بماليزيا من الدولة الزراعية الى الدولة الصناعية، كان طبيباً ودرس الطب في جامعة الملك ادوارد قي سنغافورة .

مارغريت تاتشر، المحامية وابنة البقال، اذ درست الكيمياء في جامعة أكسفورد، أرست مفهوما أكثر حداثة للايقاع الاقتصادي من خلال نظرية «النقدوية» Monetarism لصاحبها ميلتون فريدمان، الحائز نوبل في الاقتصاد .

رونالد ريغان الذي كان أول من أخذ بـ «النقدوية»، ممثل هوليوودي ولا علاقة له بالاقتصاد سوى أنه كان المتحدث باسم شركة «جنرال الكتريك»، أطلق استراتيجية اقتصادية أثبتت نجاحها، وعرفت بالـ «ريغانوميكس «.

بيل كلينتون، المحامي وعازف الساكسون، درس القانون في جامعة ييل، لتشهد أميركا خلال وجوده في البيت الأبيض أطول مدة من الازدهار الاقتصادي. من هذه الزاوية تم التداول بين الأميركيين والفرنسيين والسعوديين باسم العماد جوزف عون، ليس فقط كرجل ظل بعيداً عن لوثة الضوء، وبقي ملتزماً المفاهيم الفلسفية للمؤسسة العسكرية، بل كقائد خاض معركة ضارية ضد تدخل السياسيين في امتحانات المدرسة الحربية، بعدما كان أركان بعض الأحزاب، أو القوى السياسية والطائفية، يتعامل مع هذه المسألة بالطريقة العثمانية ( أي البازار الخاص بشراء أو بيع وظائف الدولة العليّة).

في كل الأحوال، صندوق النقد الدولي هو من سيتولى ادارة المالية العامة. لا مكان، ولا مجال أمام ناهبي المال العام من نجوم الأوليغارشيا الحاكمة. الأشعة ما تحت الحمراء لمراقبة كل التفاصيل المالية.

في هذه الحال، ما هو رأي حزب الله كقوة مؤثرة في ذلك الاستحقاق الدستوري؟ بحسب معلوماتنا، الحزب الذي لم يقترب يوماً من موبقات أهل السلطة، أو جلّهم، يريد رئيساً للدولة يعي الحالة اللبنانية بكل تفاصيلها، ويعيد الاعتبار الى الضمير السياسي والضمير الوطني، الذي ضاع بين تضاريس مغارة علي بابا ... 

الأكثر قراءة

جبهة الجنوب تترقب «عض الأصابع» في الدوحة... وجيش الإحتلال في محنة سفراء «الخماسيّة» يُروّجون لمرونة وهميّة: تهيئة الأرضيّة لما بعد الحرب! «بضاعة» باسيل كاسدة مسيحياً... برودة في بكركي... وسلبيّة «قواتيّة» ــ «كتائبيّة»