في العام 2022 "بيّضها" شتاء لبنان، وكان ثلجيّا بامتياز، فيما اليوم وبعد ما يقارب الشهر على بداية هذا الفصل، لم نشهد ما يدّل على سنة ماطرة وثلجية ننتظرها بفارغ الصبر، كي لا نقع في أزمة مياه صيفا.
طبعا، كلّنا يذكر كيف تحوّلت شتوة لبنان الأولى هذا العام، إلى ما يشبه الفياضانات، فالسماء أمطرت كثيرا في وقت قليل نسبيّا، فهل هذا دليل خير، وكيف يُحتسب المعدل العام لتساقط الأمطار والثلوج؟ وهل بلغت الهطولات المعدّل المطلوب حتى اللحظة؟
رئيس دائرة التوقعات في مصلحة الأرصاد الجوية، المهندس عبد الرحمن زواوي أشار لـ"الديار" إلى أنّ المعدل العام لتساقط الأمطار يحتسب على مدى 30 سنة، مثلا معدّل لبيروت 800 ملم و طرابلس 820 ملم، بحيث تتّم مقارنة معدّل السنة المطرية التي تبدأ في الأول من شهر أيلول وتنتهي في آخر شهر آب من السنة التالية، بالمعدّل العام، فإذا كانت أقلّ بكثير تكون سنة شحيحة، أقلّ بقليل تكون مقبولة، وأكثر بكثير تكون كريمة، فيما كميات الثلوج لا تقاس بل تقدّر وتراقب، وكانت هذه السنة إجمالا أقلّ من السنة الماضية، فيما كانت الأمطار أكثر، لكن أقلّ من المعدّل العام، وأنّ تكون كميات الأمطار خلال سنتين متتاليين، أقلّ من المعدل العام فهذا حتما سيؤدي إلى شحّ في المياه.
توقّعات طقس الحوض الشرقي للمتوسط
وفق الخبراء، لا يتجاوز تحديد الطقس بدقّة العشرة أيام، لكن هل يمكن أن نستشرف حالة الطقس، اعتمادا على طقس الدول التي نتأثر عادة بها على مستوى المنخفضات الجوية التي تتوجه إلينا منها أو عبرها كلّ عام؟
أجاب زواوي أنّ توقعات الطقس إجمالا تمتّد لثلاثة أيام، بعدها تضعف نسبتها لأسبوع كحدّ أقصى، وهناك التوقعات الفصلية التي تبنى على دراسات طويلة، وتقوم بها بعض الدول، ولكن لا تكون دقيقة بالإجمال بالنسبة لكلّ الدول، مضيفا أنّ التوقعات لهذه السنة هي أنّ كميات الأمطار في الحوض الشرقي للمتوسط ستكون أقلّ بقليل من المعدّل المعتاد وهذا ما شهدناه حتى الآن، فيما درجات الحرارة فإنّها دائما ما كانت تكون أقل من المعدلات الطبيعية ويكون الطقس باردا إجمالا، وهذا ظهر بين 13 و16 كانون الثاني الجاري، ورغم أنّ كمية الرطوبة لم تكن كبيرة لكن درجات الحرارة المنخفضة أدّت إلى استمرار الأمطار بشكل خفيف ومتوسط ومتواصل وهذا مفيد جدا للزرع.
ماذا عن موسم التزلج هذا العام؟
كشف زواوي أنّ كميات الثلوج التي تساقطت حتى الآن لم تكن كافية كي نتحدّث عن موسم التزلج الذي ينتظره الناس في شباط من كلّ عام، وكي يتحقق ذلك يجب أن يكون لدينا منخفضات جوية ثانية، أقلّه إثنان، وبكميات ثلوج أكثر، حتى نتحدّث عن ثلوج تراكمت وثبُتت مع درجات حرارة منخفضة، موجودة فعليّا، لكن كميّة الثلوج ليست "مؤمّنة" حتى الآن.
تطرّف المناخ في لبنان
تتمظهر تأثيرات التغيّر المناخي اليوم في مختلف دول العالم، فأوروبا شهدت موجة من الجفاف هي الأولى منذ نحو 500 عام، والولايات المتحدة شهدت عاصفة ثلجية قاسية جدا، فهل للبنان حصّة من هذه الظواهر المتطرّفة؟
أفاد زواوي أنّ الولايات المتحدة شهدت أمطارا غزيرة أو كتلا باردة وعواصف ثلجية باردة جدا هذه السنة، ورغم ما يحكى عن تصحّر في بعض المناطق وعن ارتفاع في درجة حرارة الأرض، فإنّ العاصفة التي شهدتها الولايات المتحدة هذه السنة لا مثيل لها على مستوى درجات الحرارة التي وصلت 40 درجة تحت الصفر، في كثير من المناطق فيها، وفي كندا كذلك، كما شهدت أوروبا في الصيف الماضي، نوعا من من الجفاف لم تشهد مثله منذ فترة طويلة، ما يدل على أنّ هناك تطرفا مناخيا ناتجا عن التغيّر المناخي.
ولفت بالنسبة للبنان أنّ ظواهر التغيّر المناخي قليلة، وإحدى هذه الظواهر درجات الحرارة الدنيا في الصيف، والتي نشهدها في فترة الليّل والفجر، وقد سجّلنا في تموز وآب على فترة 20 و30 سنة أنّ درجات الحرارة الدنيا ارتفعت تقريبا نصف درجة خلال 10 سنوات، وهذا يمكن أن يكون ناتجا عن التغيّر المناخي، وقد بلغت درجة الحرارة 33 درجة نهارا و 24 أو 25 درجة ليلا، وعندما يتقلّص الفارق يتعب جسم الإنسان، إلّا أنّ الحسنة في لبنان أنّ درجة الحرارة تنخفض ليلا ما يؤدي إلى راحة الجسم، وكأنّ شيئا لم يكن في النهار، فالتغيّر المناخي يقلّص الفارق في درجة الحرارة بين النهار والليل وهذا مزعج للإنسان.
ما معالم شتائنا؟
أوضح زواوي أنّ الشتاء في لبنان بدأ في تشرين الثاني حيث تساقطت أمطار غزيرة، وأدّت إلى فيضانات في طرابلس وكسروان، وكذلك تساقطت الثلوج لكن بكميات غير كافية، وهذا حصل في فصل الخريف بين آخر تشرين الثاني وأول كانون الأول، بعدها مررنا بفترة "نشاف" على حدّ تعبيره، وذلك بعد منتصف كانون الأول، فيما بدأنا نشعر اليوم بالأمطار قليلا، وكذلك الثلوج ولكن لا تزال بكمية غير كافية، إذ ليس هناك أمطار غزيرة كالتي يقال إنّها ناتجة عن التغيّر المناخي، بل أمطار خفيفة ومتوسطة مفيدة كثيرا للزرع، كما أنّها وطبيعية في هذا الوقت من العام، ويمكن أن تكون الكميّة أكثر من ذلك ولكن هذا ليس بيدنا.
الكتل الهوائية الباردة والمنخفض الجوي في وسط أوروبا وغربها
إلى ذلك أشار زواوي إلى الكتل الهوائية الباردة والمنخفض الجوي الذي يؤثر على وسط أوروبا وغربها، كـ فرنسا،إيطاليا وألمانيا بشكل قوي جدا، ووصل الى الجزائر وتونس، في المقابل يسيطر مرتفع جوي مسيطر علينا ابتداء من نهار الأربعاء في 11 كانون الثاني الجاري، وهذه المنخفضات التي تضرب أوروبا، يمكن في الوقت نفسه أن تضرب أوروبا الغربية وبلداننا، لذلك عندما تشهد أوروبا الغربية هذا النوع من المنخفضات الجوية، نشهد نحن طقسا مستقرا.
خلاصة القول...
كما حال كثير من الملفات اللبنانية العالقة، لم يقل شتاء لبنان كلمته الأخيرة بعد، وصحيح أنّ المؤشرات لم تدّل حتى اللحظة على شتاء مطري وثلجي وبالتالي ضمان عدم شحّ المياه صيفا، لكن ننتظر ونتأمل رحمة إلهية في زمن اللارحمة البشرية، وحتما لن يخيب ظنّنا.
يتم قراءة الآن
-
ولادة أخرى للشرق الأوسط؟
-
مساعٍ للــــــقاء «الخـــماسي» في القاهرة او الرياض اواخر نيسان المــــوفد القطري في بيروت غدا والانقسام الداخلي يصعّب حسم الخيار الرئاسي ميقاتي لم يحسم جلسة الحكومة ولبنان يتجنب العزلة بعد فك اضراب اوجيرو
-
دمج النازحين السوريين هو الحدث الخطير الذي يخطط للبنان القرار الأميركي – الأوروبي اتخذ بتواطؤ لبناني وتنفيذه "دولرة المساعدات"
-
زيارة فرنجية لفرنسا تخطف الاضواء وتساؤل حول النتائج قيادي اشتراكي بعد «لقاء باريس»: نظرية الرئيس التحدي سقطت والانتقال الان الى مرشح توافقي قطاع الاتصالات يهوي ولبنان يقترب من عزله عن شبكة التواصل العالمي
الأكثر قراءة
-
مساعٍ للــــــقاء «الخـــماسي» في القاهرة او الرياض اواخر نيسان المــــوفد القطري في بيروت غدا والانقسام الداخلي يصعّب حسم الخيار الرئاسي ميقاتي لم يحسم جلسة الحكومة ولبنان يتجنب العزلة بعد فك اضراب اوجيرو
-
دمج النازحين السوريين هو الحدث الخطير الذي يخطط للبنان القرار الأميركي – الأوروبي اتخذ بتواطؤ لبناني وتنفيذه "دولرة المساعدات"
-
طهران تعلن استشهاد دبلوماسييها المختطفين في لبنان منذ 1982
عاجل 24/7
-
11:26
البابا فرنسيس وصل إلى ساحة القديس بطرس في الفاتيكان ليترأس قداس أحد الشعانين
-
10:56
الراعي: ليعلم السياسيّون وعلى رأسهم نواب الأمّة أنّ ضامن السياسة الصّالحة هو انتخاب رئيس جمهوريّة لكي تنتظم معه المؤسّسات الدستوريّة
-
10:55
الراعي: السياسيّ مدعوّ ليُدمّر في ذاته خطيئة الفساد والمصالح الخاصة والأنانية و المكاسب غير المشروعة والتعدّي على المال العام وعليه أن يلتزم خدمة المحبّة والعدالة وخير المواطنين
-
10:54
البطريرك الراعي في قداس أحد الشعانين: السلطة هي خدمة ولا يُمكن أن تكون تسلّطاً والمسؤولون خدّام الناس للخير العام فالسياسيّ الحقيقيّ خادم وعندما لا يكون كذلك فهو سياسيّ سيّء بل ليس سياسيًّا لأنّ السياسة فنٌّ شريف لخدمة الخير العام
-
09:45
بوتين: روسيا وبيلاروسيا تتعاونان بشكل فعال رغم ضغوط العقوبات الغربية
-
09:21
وكالة الأنباء الكورية الشمالية: قدرات بيونغ يانغ النووية ليست "بأحاديث فارغة"
