اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يتساكن الشعب اللبناني مع ازماته التي تهدد وجوده البشري بالجوع والفقر والمرض في ظل الانهيار المالي والاقتصادي والخدماتي والاجتماعي وهبوط القدرة الشرائية لديه مع الارتفاع المستمر لسعر الدولار امام الليرة اللبنانية وانسداد الافق امام حل سياسي للشغور الرئاسي واعادة الانتظام لعمل المؤسسات الدستورية بانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة واجراء الاصلاحات المطلوبة دوليا اولا حيث ارتبطت المساعدات والقروض والاستثمارات في حصولها بدءا من قطاع الكهرباء الذي استنزف مالية الدولة على سنوات بحوالى 30 مليار دولار وربما اكثر كما يقول معنيون به اذ تبلغ الوفد النيابي اللبناني الذي زار اميركا من صندوق النقد الدولي بان لا قروض للبنان بشأن الكهرباء قبل تحقيق اصلاحات تبدأ بتعيين مجلس ادارة للمؤسسة وهيئة ناظمة للقطاع كما تقديم تقرير مالي من خلال محاسبة دقيقة وموثوقة حول الاموال التي صرفت واين وكيف؟

فأزمة الكهرباء هي واحدة من ازمات اخرى تتراكم وفي كل القطاعات من مياه ونقل وتربية واستشفاء وضمانات صحية يقوم بها الضمان الاجتماعي والجيش وتعاونية موظفي الدولة ووزارة الصحة اذ تراجعت الخدمات فيها يضاف اليها الفساد المستوطن في المؤسسات والادارات منذ عقود وقد فتحت مؤخرا ملفات الفساد في الدوائر العقارية وهيئة ادارة السير والتنظيم المدني والتي يجب ان تتوسع نحو مديرية الجمارك والواردات في وزارة المالية والكشف عن المتهربين من الضرائب والرسوم اذا الفساد هو احد مسببي الازمة المالية في لبنان، والذي منه تلزيم مشاريع في الدولة لصالح عدد محدود من الشركات يتوزعون الصفقات مع مراجع رسمية.

فالكشف عن الفساد في هذه الفترة مفيد لكن السؤال هل يفتح ملفه لحسابات سياسية اوتصفيات شخصية او خلافات داخل "مافيا الفساد" ولم يمر عهد الا وكان فيه فساد ومحاولة لمنعه لكن الاجراءات كانت ظرفية وآنية اذ سبق وحصلت عملية تطهير في الادارات والمؤسسات وحتى القضاء وكانت تنتهي في لحظتها وفي وقت تقوم جمعيات وهيئات معنية بمكافحة الفساد بالكشف عن المتورطين فيه واللجوء الى القضاء الذي يستجيب احيانا بعض القضاة ويبتون بالملفات المعروضة امامهم وبعض اخر يتستر عليها لاسباب عدة واكثرها مرتبط بالسياسة او بطائفة الفاسد.

هذا الانجاز القضائي ومعه الامني المرتبط بدور لمخابرات الجيش وفرع المعلومات والشرطة القضائية في قوى الامن الداخلي وامن الدولة والامن العام في الكشف عن الفساد الذي دائما ما لا يعرف مصير الفاسدرين لجهة تدفيعهم ثمن ما ارتكبوه من جريمة بحق لبنان وشعبه حيث تسأل مصادر سياسية عن التوقيت كما عن النتائج اذ ان الثقة بالمؤسسات الرسمية باتت معدومة لدى اللبنانيين وان الاصلاح المطلوب لبنانيا ودوليا يجب ان يستمر وان حضور لجان قضائية من فرنسا والمانيا واللكسمبورغ قد يكون حرك مراجع قضائية وامنية لفتح ملفات الفساد وهي مهمة هيئات الرقابة في لبنان التي عليها ان تكشف عن الهدر كديوان المحاسبة والتفتيش المالي والاداري كما النيابة العامة المالية التي عليها ان تتحرك عندما تظهر تقارير او تصريحات او الاعلان عن "اخبارات" في مواضيع الفساد والرشوة والتهرب الضريبي اذ لا ينقص لبنان قوانين بل تطبيق لها عبر مؤسسات غير مرتهنة لسياسيين او اخرى باتت مصدر ثراء لمن تولوا السلطة في لبنان.

فالقوانين موجودة كالاثراء غير المشروع والذي يعرف "من اين لك هذا" اضافة الى ضرورة تصريح الرؤساء والوزراء والموظفين عن اموالهم عند توليهم المسؤولية وانشئت اخيرا "لجنة الشراء العام" كما صدر قانون الوصول الى المعلومات وانشئت قبل اكثر من عام "هيئة مكافحة الفساد" ومع ذلك لم يتراجع الفساد ولم تتوقف الرشوة وعمرهما من عمر استقلال لبنان الذي لم تقم فيه دولة القانون والمؤسسات ووصفت بـ "المزرعة" وتقاسم المغانم والحصص ومن دخل اليها بات من "الاثرياء الجدد" وفق ما يوصفون وفي الوقت نفسه خرج من الحكم رجال لم يتلوثوا بالفساد ومن ابرزهم الرؤساء فؤاد شهاب والياس سركيس وسليم الحص الذين باتوا مضرب مثل، ومثل هؤلاء لا يمكن ان ينتخب اللبنانيون لمجلس النواب او يترشحون لرئاسة الجمهورية ويتم اختيارهم لرئاسة الحكومة وتسمية وزراء اكفاء يتركون انجازات والاسماء عديدة اضافة ان يتقدم في الوظيفة من دخل اليها عبر مجلس الخدمة المدنية لا ابواب السياسيين فيتم ترفيع من هو سجله الوظيفي والعدلي والاخلاقي نظيفا فتصلح الادارة.

ففتح ملفات الفساد هو توقيت محلي ضروري مع الاعتراف بان الفساد كان من اسباب الانهيار في كل القطاعات وهو مطلب دولي اقليمي كي لا تذهب المساعدات الى سلة بل الى خزنة.

الأكثر قراءة

ولادة أخرى للشرق الأوسط؟