اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

وقعت حكومة تصريف الاعمال المستقيلة والمبتورة بمقاطعة وزراء «التيار الوطني الحر» لجلساتها، بما سبق وقامت به حكومات سابقة في رفع الاجور والرواتب، او تعديلها، مما الحق ضرراً بالاقتصاد الوطني، وكبّد الخزينة نفقات اضافية، وحمّل المواطنين اعباء رسوم وضرائب جديدة، في هدر المال على الادارة العامة والمؤسسات والمصالح والاسلاك العسكرية والامنية والقضائية والديبلوماسية وهي تعج في بعضها بفائض موظفين، وفساد ورشى وتعطيل اعمال المواطنين او تأخيرها، لتسهيل وجود وسيط بين المواطن والدولة، وهو «معقّب المعاملات» الذي شرّعته المؤسسات الرسمية، بدلا من ان تذهب الحكومات المتعاقبة الى اللامركزية الادارية، واتخاذ اجراءات تخفف الحصول على اوراق قد لا تكون مفيدة، حيث حاولت بعض المؤسسات «مكننة» العمل الاداري، توفيراً على المواطنين مشقة التنقل وصرف الوقت في غير محله، وحصل تحسن في بعض الادارات، بانشاء المنصات، وفتح مواقع الكترونية، لكن يبقى العامل البشري الكفؤ والنزيه هو ما يصبو اليه المواطنون.

وجرت محاولات لاصلاح الادارة، ووقف الفساد فيها، بدأت مع انشاء مجلس الخدمة المدنية ليكون العبور منه الى الوظائف التي بحاجة اليها المؤسسات، وكانت خطوة جريئة واصلاحية، حصلت في عهد الرئيس اللواء فؤاد شهاب للحد من تدخل السياسيين في الادارة، وزرع زبائنهم فيها، واسماهم الرئيس شهاب «أكلة الجبنة» (fromagiste) وانشأ الى جانب مجلس الخدمة هيئات رقابية كالتفتيش المركزي وديوان المحاسبة والمجلس التأديبي، حيث بدأ العمل ينتظم اكثر في الادارة، الا انه لم يتم بناء الانسان، اي الموظف صاحب الضمير، بل تم الاكتفاء بالخبير، والذي عبره تبنى المؤسسات بالاخلاق، ويسقط الفساد.

وعقدت خلوات ومؤتمرات واجتماعات لاصلاح الادارة، التي تم تعيين وزير اعطي اسماء عديدة، من وزير الاصلاح الاداري الى التنمية الادارية، دون ان يتمكن احد من الوزراء، من الوصول الى الاصلاح الذي، كانت تخرقه ثُغر، كمثل المتعاقدين والمياومين والموسميين والمؤقتين، وكانت تنشأ مصالح في ظروف معينة، وتبقى قائمة مع موظفيها وتستمر بالرغم من انتفاء وجودها، كمثل «مؤسسة اليسار» و «الاسواق الاستهلاكية» وغيرها...

لذلك فان لجوء الحكومة الى الترتيب المالي لاوضاع الموظفين والمعلمين والقضاة والاسلاك العسكرية الذين في الخدمة او في التقاعد، ليس هو المطلوب فقط، مع انهيار العملة وعدم استقرار سعر صرف الليرة امام الدولار، الذي يفقد الليرة اللبنانية قدرتها الشرائية، مما ابقى الازمة، لا بل تزيد تعقيداً وتصعيداً، اذ تم رفض قرارات الحكومة الاخيرة، التي قضت بصرف اربعة رواتب اضافية للعاملين وثلاثة رواتب للمتقاعدين، اضافة الى راتبين سابقين ورفع بدل النقل الى 450 الف ليرة لكل يوم عمل لمدة 14 يوماً كحد ادنى و 18 يوماً كحد اقصى.

هذا التدبير التقني، رفضه المعنيون به في القطاع العام، لانه سبق ولجأت الحكومة الى مثله، ولم يؤد الى نتيجة ايجابية، فاستمر الاضراب واخطره في المؤسسات التربوية، اذ جاءت المواقف الرافضة من كل القطاعات، لان الحكومة ما تعطيه بيد ستأخذه اضعافا باليد الاخرى من المواطن والموظف ايضا، وفق ما يقول مرجع نقابي وآخر ناشط في المطالبة بحقوق الموظفين في كل الادارات والاسلاك العسكرية، لان ما يحصل هو «حلول ترقيعية» وليست اصلاحية، كمثل ان تثبت الحكومة سعر صرف الليرة، حيث وقع الخلاف مع الموظفين على اي سعر سيتم قبض الرواتب، اذ اقرت الحكومة صرف الرواتب على سعر صرف صيرفة الرسمي اي 87 الف ليرة، فيتناقص الراتب الذي تسلبه الحكومة من خلال التلاعب بسعر الصيرفة، اذ ان الزيادات التي تحصل تتآكل فوراً، مع رفع سعر الدولار الجمركي الى 60 الف ليرة، وهو ما يحقق تضخماً في الاقتصاد، ويدفع بمصرف لبنان الى طباعة اوراق نقدية، مع الارتفاع المستمر لسعر صرف الدولار، الذي جرى تجميده سياسياً في هذه المرحلة وليس اقتصادياً، كمثل الزيادات على الرواتب التي لن تعيد الموظفين الى دوامهم الذي تقلص الى نحو نصف شهر، وهو ما يؤكد عدم وجود برنامج اصلاحي لدى الحكومة المطلوب منها ان تعيد ترشيق الادارة وترشيد انفاقها، وفق ما يكشف خبير اقتصادي، الذي يقول ان اعادة هيكلة الادارة هو شرط او بند من بنود الاصلاح المطلوب دولياً، لا سيما من صندوق النقد الدولي، الذي غادر وفده لبنان، متشائما ومبشرا بكوارث مالية واقتصادية واجتماعية.

فالحكومة لا تقوم بالفعل، بل بردات الفعل، وتستجيب لمطالب محقة، ولكن باجراءات غير علمية، حيث لا تنفع زيادة الرواتب، مع رسوم وضرائب مضاعفة، اذ تستهلك فواتير المياه والكهرباء والهاتف والنقل كل الراتب الشهري لموظف في القطاع العام والخاص، والمسؤولية تقع على جميع السلطات، واولها المجلس النيابي الذي هو مصدر السلطات، ويعطي الحكومة الثقة او يحجبها، ولا يبررعدم وجود رئيس جمهورية عدم اقدام هذه الحكومة وما سبقها على الاصلاح، وتوجد فضيحة هي ادخال حوالى 7100 موظف الى المؤسسات الرسمية، مخالفة للقانون 47 الذي اقرّ سلسلة الرتب والرواتب عام 2017 ومنع التوظيف ليتبين ان القوى السياسية والحزبية ادخلت الاف الموظفين كرشوة لمحاسيبها وزبائنها قبل الانتخابات النيابية 2018، واعترفت لجنة المال والموازنة النيابية بذلك، لكن وزارة المال ما زالت تصرف لهم رواتبهم، دون ان يتحرك احد في النقابات التي طالبت باقرار سلسلة الرتب والرواتب، بل تم السكوت عن هذه الفضيحة التي تكشف هذا الفساد، وغيرها الكثير، حيث لم يقم ايضا من انتفضوا في الشارع في 17 تشرين الاول 2019، بوضع برنامج مطالب، ومنها هذه الفضيحة ليحارب الفساد، بل تساوى من هم في السلطة مع من سموا انفسهم «تغييريين»، حيث ترفع الكتل النيابية والاحزاب الطائفية منها، والعقائدية و «المجتمع المدني» ورجال دين، شعارات الاصلاح ومحاربة الفساد، الا انهم في الممارسة شعبويون، فارغون منافقون، متعددو الاوجه، مستزلمون، زحفطيون، غشاشون، متسلطون، وكل عبارات القدح والذم ملتصقة بهم. 

الأكثر قراءة

لا جديد عند حزب الله رئاسياً... باسيل يطلب ضمانات خطية... وفرنجية لن ينسحب ماكرون «المتوجس» من توسيع الحرب يلتقي اليوم ميقاتي والعماد جوزاف عون مسيّرات المقاومة الانقضاضية تغيّر قواعد الاشتباك: المنطقة على «حافة الهاوية»؟