اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

«السيكوباتي» كلمة تتألف من شقّين هما «سيكو» PSY معناها نفس، وكلمة PATH وترمز الى شخص يعاني من مرض معيّن. يدلّ هذا المعنى الى اعوجاج الفرد عن التصرف الصحيح والانحدار في السلوك المعاكس للمجتمع، الخارج على عاداته ومعاييره والقيم المثلى له، «والسيكوباتي» هو الشخص المريض الذي يكابد الاعتلالات والاضطرابات العقل نفسية.

ارتباك بالتصنيف

بالموازاة، يرتبك الباحثون من وصف الأطفال بالسيكوباتية، ويفضلون وصفهم بذوي سمات الكسل العاطفي والقسوة. هذا المفهوم كناية عن مجموعة ميزات وتصرفات تفتقر الى الشفقة وتأنيب الضمير او حتى الإحساس بالذنب، انعدام المشاعر، الوحشية واللامبالاة بالعقاب. أكثر من ذلك لا مشكلة لهؤلاء في الحاق الاذية بالآخرين للحصول على مرادهم، وان فعلوا عكس ذلك فإنهم على الاغلب يحاولون الاحتيال.

في سياق احصائي متصل، يظن الباحثون ان هذه الصفات تلوح في 1% تقريبا من الأطفال، وهي  نسبة الإصابة بالتوحد نفسها او الاضطراب «ثنائي القطب». وبحسب الاختصاصيين هذه الحالة كانت قليلة. يُشار الى انه في العام 2013 أدرجت الجمعية الاميركية للأطباء النفسيين سمات تبلّد العواطف والقسوة في دليلها التشخيصي والاحصائي للاضطرابات النفسية.

والجدير ذكره، ان كثيرا من الأطفال يستطيعون إخفاء هذا السلوك وقد يتمتعون بذكاء حاد أكثر من المتوقع لمحاكاة التصرفات الذائعة مجتمعيا.

بالمقابل، توصلت أكثر من 50 دراسة الى ان هؤلاء الأطفال أشد تهيؤا «قدّرتها بـ 3 أضعاف» لسلوك مسار اجرامي او اظهار سمات عدوانية او سيكوباتية في فترات متقدمة من حياتهم مقارنة بغيرهم من الأطفال. ويشكل السيكوباتيون الراشدون نسبة ضئيلة من عامة السكان، وتقدر الإحصاءات ان عدد الجُنح التي يقترفونها 50% من مجموع جرائم العنف. وفي هذا السياق يقول ادريان رين، عالم نفسي بجامعة بنسلفانيا «اننا إذا ما تجاهلنا هذه المشكلة سيمكننا القول ان الدماء تلوث أيدينا نحن أيضا».

بالتوازي، يتحدث الاختصاصيون عن وجود طريقتين الى السيكوباتية الأولى تسيطر على الطبيعة، والأخرى التنشئة، بحيث ان الأخيرة ترتبط بالنشأة الفقيرة والوالدين المتعنتين، والاتكال الكلي على النفس في الأماكن الوعرة التي تصنع منهم مخلوقات عنيفة وقاسية القلب. بالإشارة، الى ان هؤلاء لا يولدون فاقدين العاطفة وقساة، بل يرجح معظم الخبراء ان نَزْعهم من هذا المحيط قد يجنبهم السقوط في جهنم السيكوباتية.

على مقلب آخر، يُظهر أطفال الكسل العاطفي والقسوة على الرغم من ترعرعهم في كنف والدين حنونين وفي مكان آمن، وفي هذا الإطار أجريت دراسات كثيرة في بريطانيا اعتبرت ان هذا السلوك مردّه مشكلة وراثية او امر مستتر في المخ نفسه ووصفت تشخيصه بالأمر المتعثّر، ويقول ادريان رين « نتمنى لو كان حب الابوين قادرا على تغيير كل شيء. لكن هناك اوقاتا يبذل الابوان أفضل ما لديهما، يكون فيها الطفل من البداية ورغم كل شيء طفلا سيئا». وقد اشارت بعض التقديرات الى ان 4 من بين كل 5 أطفال ينجون من الحالة السيكوباتية.

الـ «CANDY « و «السيكوباتية»

انتشر مؤخرا في الأسواق حلويات تولّد الخوف، واشكالها تبعث الرعب وتحمل في طياتها طابعا عدوانياً منها «JELLY» على صورة أعضاء بشرية او حيوانية مثل «عين»، والتي من الممكن ان تكون محفزا لتأسيس شخصية عدوانية سيكوباتية تستلذ بالألم وتشعر بالمتعة من الأشياء المرعبة. والخطر في هذه الظاهرة، ان الطفل قد يتعوّد هذه المشاهد التي تمهّد الى الهلع في نفوس الاخرين.

«بشاعة»

في هذا السياق، حذّرت الاختصاصية النفسية غنوة يونس في حديث لـ «الديار»، «من ان هذه السكاكر قد تحمل دلالات شنيعة على الأطفال بغض النظر عن الاضرار الصحية لجهة المكونات الأساسية المضرة على نمو الدماغ والحركة لهؤلاء، وهذا الجانب لن اتوسع بالحديث عنه، وانما سأتطرق الى الشق النفسي لان الطفل في هذه المرحلة يفتقد القدرة على التمييز ما إذا كانت هذه الحلوى هي فقط للاستمتاع بمذاقها الحلو او رسالة يراد منها تحويله الى طفل سفّاح». ولفتت الى «ان سعر هذه «الجيلي» حوالى الـ 400 ألف ليرة، وهناك نوعية رديئة وقد يكون ضررها كبيرا جدا على صحة الأطفال تُباع بـ 25 ألف ليرة».

واردفت « هذا ما قد يدفع بالطفل الى الخلط ما بين المتعة الشخصية التي يشعر بها والمواضيع المخيفة، وقد تتطور هذه القضية بطريقة دراماتيكية ينتج منها ان الأشياء المروّعة تجلب الفرح وقد تتخطى مسألة الحلويات، الجيلي، الكاندي، المستكة والبون بون لتشمل أشياء أخرى تتسبب بالحزن للآخرين وهذا ما يوفّر له الرَّغبة نتيجة هذا العذاب».

حماية الاطفال

وشددت يونس «على ضرورة حماية الأطفال من هذه الاشكال وتجنيبهم أكلها والذي قد يؤدي الى جزعهم لان منظرها في الأصل مقزز ويحمل اشارات مبهمة كون يوجد بداخلها مادة كأنها دم. هذا بحد ذاته يدفع بهم الى بناء مشاعر سلبية وعدوانية مفرطة مع المحيط وقد يلحقون الاذى بغيرهم عن طريق الضرب، الى جانب الكوابيس التي يحلمون ليلا بها، او قد ينهارون جراء موقف رهيب يحدث معهم».

تابعت «هذه الـ «JELLY» من الممكن ان تكون عاملا خطرا يوصل الطفل فيما بعد الى معاناة أخطر وأقسى، ولن يقف الامر على أكله لهذه الاشكال «كالجلي على شكل عين»، بل قد يتحول الى مستمتع بمشاهدة الدماء او بجرح غيره وحتى نفسه لان اللذة لديه باتت مقترنة بالشراسة».

تعويد الأطفال العادات المقبولة مجتمعيا

واكدت يونس ان «الوقاية تبدأ بتحييد الأطفال عن شراء هذه الأصناف واكلها، ويتطلب منا في هذه المرحلة ان نريهم الأشياء الجميلة والمتعارف عليها في المجتمع، وابعادهم عن التفاصيل البشعة والهياكل الشنيعة التي تَثْبت في دماغهم وتولد شخصية غير متوازنة ومذهولة ومصدومة».

وأضافت «لا ينبغي ان نتفاجأ عندما يقوم الولد بسلوك معاد في عمر غير مؤهل نفسيا لاستيعاب هذه الأمور واستقبالها بطريقة صحيحة. ومن هنا يجب ان نقدم الأشياء التي تتناسب وعمره لتجنيبه أي صدمة انفعالية وهذا التصرف يطبق على ما يشاهده من الأفلام التلفزيونية والمنصات الالكترونية او عن طريق أكل “CANDY» على صورة أعضاء».

في سياق متصل، يقول كينث كيهل عالم النفس بجامعة نيو مكسيكو ومؤلف كتاب همس السيكوباتية، «تظهر إشارات مرعبة على الطفل في عمر الثامنة او التاسعة او العاشرة، لدى ارتكابه مخالفة او جريمة خلال وجوده منفردا بعيدا عن ضغط اقرانه، وذلك دليل على نزوع داخلي نحو الايذاء، والتي تعتبر رسالة تحذر من سيكوباتية محتملة في المستقبل. ويبقى العنف المبكر هو الإنذار الأكبر».

وأجريت دراسة في كلية كينجز لندن ضمت أكثر من 200 طفل في اسبوعهم الخامس، لمعرفة أي شيء يفضلون النظر اليه وجه انسان ام كرة حمراء. وبعد عامين ونصف، ظهرت هذه السمات المرضية على الأطفال الذين فضلوا الكرة الحمراء بنسبة أكبر من اقرانهم».

الأكثر قراءة

عناصر شبكات "اسرائيلية" اعتقلوا وكشفوا عن معلومات مهمة