اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لعلّها الأيام الأصعب التي تمر على «القوات اللبنانية» لشعورها أن خياراتها محدودة، فليس سهلاً عليها أن تنتقل من مرحلة لها دور أساسي فيها، الى مرحلة يتراجع فيها هذا الدور، باعتبار أن كل التغيّرات التي تحصل في الخارج لا تصب في مصلحتها، وتنسف كل ما قامت به خلال سنوات سابقة...

هذا الواقع والموقع الجديد تُعبِّر عنه «القوات» بالصراخ الذي نسمعه من رئيسها ونوابها هذه الأيام، حتى أنها وصلت بها الأمور الى تخطي سِهامها القوى الداخلية لتُصيب القوى الخارجية، وبالتالي تبدأ اللعب مع قوى إقليمية ودولية بمعادلة أكبر منها بكثير، على ما يبدو أنها لا تعرف عواقبها بعد.

تُحاول «القوات»، وبحسب مصادر سياسية، أن تمنع شيئا تخاف من حدوثه، أو تُسجِّل اعتراضا عليه، وتحاول التهويل لأنها تُدرِك أن الأمور تسير بغير صالحها، فالإستدارة السعودية بهذا الشكل كانت خارج حساباتها، هكذا تؤكد ردة فعلها والرسائل التي تُريد إيصالها من خلال مواقفها التصعيدية. فهي مُربَكة وتخاف على موقعها بأن تتراجع مشاركتها بالحياة السياسية، وأكثر من ذلك يتركّز خوفها بأن تكون «كبش محرقة» بعد الإتفاق السعودي -الإيراني.

رفع رئيس حزب «القوات» السقف الى أعلى درجاته، بطريقة تعتبرها المصادر أنه يهدف من خلالها لأمرين: إما الفوضى وإما التصعيد التفاوضي، بمعنى انه في الحالتين يريد حجز مكان له في المرحلة المقبلة، لكن ما لم يحسب له حساباً هو أن لمهاجمة فرنسا ثمنا، وللتشكيك بالنوايا السعودية ثمن أكبر سيدفعه.

الموقف «القواتي» السلبي من باريس ليس جديداً، تضيف المصادر، فهو بدأ عندما بدأت فرنسا تتعامل بواقعية مع الساحة اللبنانية وفق توازناتها الحالية، أي تحديداً عندما زار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبنان بعد تفجير المرفأ، وعقد لقاءات مع القوى السياسية، ورفض الحديث عن سلاح حزب الله، واعتبر أن الأولوية لملفات أخرى. فمنذ ذلك الوقت بدأ الإمتعاض «القواتي» من السياسة الفرنسية في لبنان، وبدأت الانتقادات تسقط على ماكرون، إلا أن ما فجّره اليوم على طريقة إدارة فرنسا للملف الرئاسي، وتبنّيها ترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية والترويج له ومحاولة إقناع المملكة به، كل ذلك أدى الى تصعيد الموقف «القواتي» العنيف بوجهها.

باريس التي نفت مؤخراً أن ليس لديها أي مُرشح للرئاسة في لبنان، ليس سراً أنها هي مَن تُدير معركة فرنجية الخارجية، عبر إقناع الأطراف به وبالأخص المملكة، إلا أن النفي يعتبره البعض أنه يُعزز حظوظ رئيس «تيار المردة» أكثر، لأنه لو كان هناك نية لحرقه لكانت أقدمت فرنسا على خطوة تسميته، وتحمّلت ردة الفعل الداخلية في لبنان وتحديداً المسيحية، الا ان فرنسا وبتصريحها الأخير اوضحت انها تضَع جهودها بسياق بالملف الرئاسي، محاولةً إرضاء جميع الأطراف الداخلية، فمن ناحية هي تعلَم أن التسوية لن تتم من دون حزب الله الذي يريد فرنجية، ما يعني أن التسوية تبدأ به، وبنفس الوقت هي لا تريد إغضاب المسيحيين، لكنها لا تعتمد على الكلام المباشر معهم، نظرا للخلافات الحاصلة بين أحزابهم، لذا ترى أن بإقناع السعودية يلين موقف «القوات» من جهة، ومن جهة ثانية تعتمد على حزب الله بإقناع «التيار الوطني الحر»، فالفرنسي يعتبر من خلال السياسة التي يتبعها أنه يُسهّل الأمور في لبنان، فهو قدّم أكثر من عرض وأكثر من حل، وحتى انه طرح السلة المتكاملة. ورغم كل التأويلات، اللافت أن الثنائي الشيعي بات مقتنعاً أن المسار الذي تسير به فرنسا بالتسوية المُنتظَرة قطعت بها شوطاً متقدماً... 

الأكثر قراءة

عناصر شبكات "اسرائيلية" اعتقلوا وكشفوا عن معلومات مهمة