اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

صبّت زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت، التي بدأها بعد ظهر الأربعاء وتنتهي اليوم الجمعة بمؤتمر صحافي يعقده عصراً في مقرّ السفارة الإيرانية، بعد جولة له في منطقة مارون الراس في الجنوب، في إطار مناقشة الملف الرئاسي مع المسؤولين اللبنانيين الذين زارهم والكتل النيابية التي عقد مع ممثليها عصر أمس لقاء حوارياً موسّعاً للغاية نفسها في مبنى السفارة. وقد استثنيت «القوّات اللبنانية» من هذا الإجتماع، الذي حضره عدد من النوّاب ممثلين كلّ من «التيّار الوطني الحرّ» و»الطاشناق» و»اللقاء الديموقراطي» و»التكتّل الوطني»، وكتل «الوفاء للمقاومة» و»التنمية والتحرير» و»المشاريع الإسلامية»، فيما اعتذرت «الكتائب اللبنانية» و»الوطنيين الأحرار» ونوّاب «تغييريين» ومستقلّين عدّة عن المشاركة فيه لأسباب مختلفة.

وحَمَل الموفد الإيراني في جعبته خلال زيارته الأولى الى لبنان بعد الإتفاق الإيراني- السعودي في بكين، عروضاً ومقترحات لمساعدة لبنان على تحسين وضعه الاقتصادي في مجال النفط والكهرباء، وهي ليست بجديدة، إذ سبق لبلاده وأن أبدت جهوزيتها مرّات عديدة لمدّ يدّ العون للبنان. غير أنّ المبادرات الإيرانية كانت تقابل بالرفض، من دون حتى دراستها في مجلس الوزراء بسبب الضغوطات الأميركية من جهة، والخشية من أن تكون «مشروطة» من جهة ثانية. أمّا في السياسة فجرت مناقشة الاستحقاق الرئاسي، رغم نفي عدة مسؤولين حصول هذا الأمر، مع تأكيد عبد اللهيان على دعم بلاده لأي انتخاب وأي اتفاق، مناشداً الدول الأجنبية عدم التدخّل أيضاً (أي على غرار إيران) في الشأن الداخلي اللبناني.

وإذ حاول البعض الغمز من قناة التدخّل الإيراني المباشر والعلني هذه المرّة في الاستحقاق الرئاسي، لا سيما من خلال اللقاءات والمحادثات المطوّلة التي أجراها عبد اللهيان في بيروت مع عدة أطراف ، رغم نفي إيران وحزب الله لهذا الأمر، تقول مصادر سياسية مطّلعة انّه في الوقت الحالي أصبحت إيران إحدى الدول المؤثّرة والمعنية بالملف اللبناني، سيما أنّها انضّمت بطريقة غير مباشرة حتى الآن الى الدول الخمس التي التقت في باريس في 6 شباط الماضي لمناقشة الوضع اللبناني، وإيجاد الحلول لأزماته المتراكمة. فيما أكّد عبد اللهيان خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب الخميس على «أنّنا نشجّع جميع الجهات في لبنان على تسريع العملية الانتخابية»، مشيراً الى «أنّنا سندعم أي انتخاب وأي اتفاق يحصل بين جميع الجهات في لبنان، وندعو الأطراف الأجنبية كافة لدعم هذا الانتخاب من دون أي تدخّل في الشأن الداخلي».

وأوضحت المصادر أنّ عبد اللهيان وضع المسؤولين الذين التقاهم في تفاصــيل الإتفاق الإيراني- السعودي الذي عُقد في بكين، وتأثيراته الإيجابية المتوقّعة في دول المنطقة بدءاً من اليمن وصولاً الى القضية الفلسطينية والوضع في لبنان. فلإيران تأثيرها في دول عربية عديدة في المنطقة مثل اليمن والعراق وسوريا، كما على لبنان، والمفاوضات التي حصلت بينها وبين الســعودية قد شملت ملفات هذه الدول، وكيفية التعاون فيما بينها لمعالجة مشاكلها. وشدّد على أنّ الإتفاق مهمّ جدّاً لإرساء السلام في المنطقة خلال المرحلة المقبلة، وعلى أنّ أمن لبنان كدولة مهمّة في منطقة الشرق الأوسط، على ما وصفها، هو من أمنها ككلّ، لهذا لا بدّ من الحفاظ عليه من أي زعزعة داخلية أو خارجية. غير أنّ الوزير الإيراني وضع المسؤولين في أجواء أنّ الإستحقاق الرئاسي لا يدخل في الإتفاق الإيراني- السعودي، كما أنّه لم يجرٍ الحديث عنه خلال المحادثات التي سبقته، أو تلك التي تلته، مع التأكيد التام بعدم تدخّل إيران في الشؤون الداخلية اللبنانية.

وعن الأفكار والمبادرات التي تحدّث عنها عبد اللهيان خلال المحادثات، ذكرت المصادر نفسها بأنّها تدخل ضمن إطار استعداد إيران للتعاون الشامل مع لبنان، ولمساعدته في قطاع الكهرباء، وفي تقديم هبة على صعيد النفط، ولتعزيز العلاقات في جميع المجالات الإقتصادية والتجارية والسياسية والعلمية والسياحية... وقد سبق لها وأن أبدت استعدادها مرّات سابقة عدّة لمدّ يد العون للبنان، غير أنّها لم تحصل على أي جواب إيجابي لكي تتحرّك، وهي اليوم ستنتظر ما ستُقرّره حكومة تصريف الأعمال في هذا الصدد الى حين انتخاب الرئيس.

وشدّدت المصادر على أن لا مبادرة رئاسية إيرانية عرضها عبد اللهيان على ممثّلي الكتل النيابية خلال اللقاء الذي جمعه بهم في مبنى السفارة، إذ أكّد أنّ لهم القدرة والكفاية اللازمة على التوصّل الى اتفاق والى إجــماع بشأن انتخاب رئيس الجمهورية. ولهذا فإنّ بلاده لن تفرض أي رئيس كونها لا تتدخّل في الشؤون الداخلية، بحسب الإتفاق مع السعودية، بل ستدعم ما أو من يتمّ التوافق عليه في الداخل بين الأطراف الســياسية. علماً بأنّ المصادر كشفت أنّ المرحلة المقبلة في لبنان والمنطقة ستكون قائمة على معادلة «س.إ.س» وليس فقط على الـ «س.س» السابقة، فإيران تتمسّك بموقفها نفسه في لبنان، لا سيما في ما يتعلّق بالمعادلة الذهبية «الشعب الجيش والمقاومة».

وإذ دعا عبد اللهيان الدول الأجنبية كافة دعم انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان من دون أي تدخّل في الشأن الداخلي، شرحت المصادر عينها أنّ مثل هذا الكلام يدلّ على انزعاج إيران من بعض التدخّلات الأجنبية التي تحصل على صعيد الإستحقاق الرئاسي، ما يعيق الذهاب الى مجلس النوّاب وانتخاب رئيس الجمهورية. في الوقت نفسه، فإنّ وقف الخلافات السياسية في المنطقة بين الدول الإقليمية من شأنه توفير الأمن والإستقرار في لبنان، ما ينعكس إيجاباً على المنطقة ككلّ.

أمّا موضوع النازحين السوريين في لبنان وضرورة عودتهم سريعاً الى بلادهم تلافياً لأي توتّر أمني، فقد كان أيضاً أحد مواضيع اللقاء بين عبد اللهيان والمسؤولين والنوّاب اللبنانيين، سيما أنّه سيتوجّه الى دمشق بعد إنهاء زيارته الى لبنان. فمع إعادة تشكّل المنطقة من جديد، لا بدّ للبنان من أن يستفيد من هذا الأمر، ويستعيد استقرار وضعه الداخلي الذي وتّرته أخيراً بعض المواجهات بين اللبنانيين والنازحين السوريين، ما دفع الحكومة الى اتخاذ قرارات حاسمة في هذا الإطار.  

الأكثر قراءة

طريقنا... طريق واشنطن ـ طهران