اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

نلتقي بنواب من سائر القوى السياسية. الكل قضيته فرنسا الدور، مستوى الحياة، لا مستوى المعيشة فقط، تأثير التفاعلات الايديولوجية والاستراتيجية، وحتى التفاعلات الثقافية في العالم على بلادهم. لم نلاحظ من أي نائب منهم، حتى من نواب الجبهة الوطنية التي ترأسها مارين لوبن، أي كلمة تشي بالتحريض السياسي أو الديني، أو التحريض العنصري والغرائزي...

انشغال بالتداعيات المستقبلية للصراع بين أميركا وروسيا، ولاحقاً بين أميركا والصين.

أحد نواب المعارضة قال لنا "ستكون مهمتنا شاقة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، للعثور على تلك الشخصية الاستثنائية التي تخترق المشهد الراهن، وتضطلع بدور المايسترو الذي يحاول تشكيل جبهة دولية لاحتواء تلك الصراعات، وبناء أفق جديد لعالم مهدد حتى بالزلزال النووي".

للتو نستحضر ما جرى في لقاء خلدة التي يعنينا أهلها، وتعنينا قضيتهم، وتعنينا صرختهم التي حاول بعض النواب تثميرها (علناً) للاثارة السياسية والطائفية، دون أي مراعاة للوضع في بلد يقف عند حافة الدم...

هذا ليس وقت الطائفة بل وقت الدولة، وليس وقت الغريزة بل وقت العقل، وليس وقت الغوغاء (حتى ولو كانوا من أصحاب المعالي وأصحاب السعادة) بل وقت الحكماء. وقد لمسنا بين عشائر خلدة (وان كنا بالمطلق ضد مفهوم العشيرة في زمننا)، من هم أهل الحكمة وأهل البصيرة وأهل الدولة.

أخطار كثيرة تهدد بزوال لبنان. ليس فقط الانهيار المالي والانهيار السياسي. في باريس ثمة من يحدثك عن الامتداد الأخطبوطي لـ"المؤسسة الصهيونية"، وعبر منظمات شكك وزير داخلية سابق عبر الشاشة، بنشاط المئات بل والآلاف منها.

خطط على الطاولة للتفكيك الدراماتيكي للمجتمع اللبناني، في اطار استراتيجية جهنمية تتوخى تنظيف "دولة يهوه" من أي أثر للفلسطينيين. لفلسطينيي الجليل طريقهم الينا، والالتحاق باخوانهم لاجئي 1948، باعتبار أن لبنان، وكما وصفه هنري كيسنجر "فائض جغرافي" وأنه "خطأ تاريخي" كما وصفه آرييل شارون.

حتى اللحظة، ما زالت هذه رؤية "المؤسسة الصهيونية" اذا ما تسنى لكم متابعة أبحاث وكتابات عاملين أو مقربين من "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى". هؤلاء الذين يعتبرون أن الدولة اللبنانية قطعت أكثر من نصف الطريق نحو الاندثار، وهي فقط تنتظر من يواريها الثرى. برنار ـ هنري ليفي (هنا في باريس) سأل "من يرث لبنان"؟ حين كان نوابنا يتجولون في واشنطن، وباللغة الفولكولورية اياها، يطمئنونا الى أن لبنان على الأجندة الأميركية. يا زمان العتابا والميجانا!

في ذلك السياق بالذات ضغط على دول عربية وغير عربية، لعدم التفكير باعمار سوريا، ليبقى النازحون في ديارنا، وليغدو توطينهم أمراً واقعاً، ولو اقتضى ذلك التفجير الدموي للجمهورية. في هذه الحال، ما هي مواقف ملوك الطوائف، وملوك (لا رؤساء) الأحزاب؟ وما هي مواقف أصحاب المعالي وأصحاب السعادة؟ الكثيرون متورطون مباشرة في صناعة تلك الكارثة.

هذا ما يتناهى الينا من مصادر ديبلوماسية في باريس. واذا كانت غالبية اللبنانيين ترفض انتخاب رئيس للجمهورية من الأوليغارشيا الحالية، نتوجه الى النائب ميشال معوض (نترحم أولاً على الرئيس رينيه معوض)، لنسأله "ألا يفترض بالمرشح لرئاسة الدولة، وفي هذه الظروف بالذات، أن يكون لكل اللبنانيين، وأن تكون مهمته استعادة الدولة، الدولة التائهة أو الدولة الساقطة، لا أن يستسلم لمن احترفوا التعبئة السياسية والطائفية بأبشع وجوهها، والى أي جهة انتموا ؟

ونقول له لا يليق بآدميتك ودماثتك، دور الدمية. كن مثل أبيكَ رجل لكل لبنان ولكل اللبنانيين. من أجل هذا سقط، دون أن يسقط من ذاكرتنا ولا من ضميرنا...

نواب فرنسيون حدثوني بأسى عن لبنان "لؤلؤة الشرق التي حطمتموها بأيديكم، دون أن تكون الطبقة السياسية وحدها مسؤولة عن ذلك"....

بالرغم من ذلك يقال لنا "حاولوا أن تفهموا معنى التطورات التي حولكم. هذه فرصتكم الأخيرة لتغسلوا وجه الفينيق من التراب"!!!

الأكثر قراءة

نهاية الزمن اليهودي في أميركا؟