اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم تمر أشهر قليلة على زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت حتى عاد إليها مجدداً، ورغم ذلك حظيت بأهمية كبرى بتوقيتها ومعناها، باعتبار ان هذه المرة تكمن أهميتها أنها أتت بعد الإتفاق الإيراني- السعودي، وما تبعه من تغيّرات سياسية في المنطقة سيتأثر بها لبنان عاجلاً أم آجلاً..

الزيارة أتت لإطلاع الجانب اللبناني وتحديداً الحلفاء على التطور الذي حصل في الإتفاق الإيراني- السعودي ونتائجه، وهذا يُعتبر ، وبحسب مصادر سياسية، جزءاً من الديبلوماسية الإيرانية القائمة على احترام شراكتها مع دول المنطقة وإشراكها بتقرير مصيرها ومنع التدخل الخارجي. فالتغيّرات التي تجري في المنطقة تعني الأطراف اللبنانية، لذا أتى عبد اللهيان ليضعها بآخر التطورات بشكل مباشر لوضع حد للتأويلات ومنعاً للالتباس، خاصة وأن المتضرر من هذا الإتفاق لم يعد يمتلك سوى البروباغندا.

واشارت المصادر الى ان الإتفاق يمكن اعتباره مرحلتين:

- الأولى: تسمى دائرة الإتفاق التي تُعتبر شأن إيراني له علاقة بإعادة العلاقات الدبلوماسية بين دولتين.

- الثانية: تسمى تداعيات الإتفاق، وهذه المرحلة هي التي تعني دول المنطقة، لكن منها مَن ينتظر انعكاسها عليه، ومنها مَن ينتظر أحد أطرافها المُساعَدة.

هنا الفرق بين لبنان واليمن، تضيف المصادر، الذي بدأ بمسار التفاوض بين السعودية وأنصار الله قبل الاتفاق الذي كانت ترفض إيران سابقاً التدخل فيه بأي شكل من الأشكال، قائلة إن الحل هو بالحديث مع اليمنيين أنفسهم، إلا أنه وبعد أن لجأ محمد بن سلمان الى الصين، بلحظة تُعتبر تاريخية، والتي تلتقي مع التوجه الإيراني الإستراتيجي بالمصالحة مع دول المنطقة، حصل الإتفاق الإيراني مع السعودية ، بعد أن اعترفت الأخيرة أنها طرف بالحرب وليست وسيطا، وأبدت استعدادها لوقف الحرب وطلبت مساعدة إيران، قبلت الجمهورية الإسلامية الحديث بهذا الملف كوسيط ، وهذه فرصة أتاحها الإتفاق بكل تأكيد.

وعن أولوية الملفات السعودية، تقول المصادر لا يختلف عليها أحد، فالملف اليمني أولى أولوياتها، والملف اللبناني آخرها حتى بالمقايضة، فالمملكة تُفضِّل بداية أن تُقايض بموضوع أوبك+ أو "مجموعة البريكس"، أو على مستوى الإستثمارات التي من الممكن أن تستفيد منها في ايران كمنافس للإمارات، أو التبادل التجاري بالعملة المحلية، قبل أن تصل الى الملف اللبناني الذي تعتبره ليس رابحاً لها، باعتبار أنها لا تمتلك بدائل، من هنا تقول المصادر نشهد المماطلة فيه.

فالديبلوماسية السعودية قطعت أربع مراحل بالتعاطي مع الملف الرئاسي اللبناني، على حد قول المصادر:

- الأولى: مرحلة الفيتو "لا أثق بفرنجية" .

- الثانية: هي غير معنية بالملف اللبناني وغير مستعدة لتقديم المساعدات.

- الثالثة: أنا أتعامل مع الرئيس الذي ينتخبه اللبنانيون دون تعهد بتقديم المساعدات.

- الرابعة: لا "فيتو" على فرنجية بشرط الضمانات التي تُحاول فرنسا تحصيلها منه.

ومن خلال هذا التدرج بالمواقف إن لم نقل تراجعاً، يمكن أن تكون الخامسة مرحلة القبول بفرنجية، بحسب المصادر.

وبالعودة الى زيارة وزير الخارجية الإيراني، فحتى الجولة التي قام بها من زيارة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، مروراً باتصاله بقيادة حماس والجهاد، وصولاً لزيارة الحدود اللبنانية – الفلسطينية، أراد منها إيصال رسالة ألا وهي أن شركاء إيران في لبنان بالقضية الفلسطينية هم شركاء كاملون، وأن الجمهورية الإسلامية جزء من محور يشاركها فيه حلفاؤها بصناعة القرار.

الزيارة اختلفت هذه المرة، تضيف المصادر، فهي لم تقتصر على الزيارات الرسمية "أي أركان الدولة" وزيارة الحلفاء، إنما شملت مختلف الأطراف السياسية، فمن ناحية الواقع اللبناني ساعد على تغيير شكل الزيارة، نظراً لعدم وجود رئيس جمهورية وحكومة مكتملة الصلاحية، ومن ناحية أخرى فإن مفهوم الديبلوماسية هو بمخاطبة جميع الأطراف وتوسعة دائرة الإستشارات، كمقدمة لطريقة تعاطي جديدة تُناسب المرحلة والظرف السياسي المُستجِد والمختلف، والذي تستغله بتكرار عرضها الكهربائي للبنان.

واكدت المصادر ان الجمهورية الإسلامية الإيرانية تؤسس للمستقبل الذي تراه حتمياً بعد إزالة العقبات أمام حضورها السياسي والإقتصادي بمنطقة غرب اسيا، فطهران تشعر بضعف قدرة الأميركي على التحكّم بالقرار في المنطقة، باعتبار أن أولوياته أصبحت في مكان آخر، فهو أصبح يريد الحفاظ على الحد الأدنى لحضوره في المنطقة بالإدارة الناعمة بعد يأسه من الإدارة الخشنة، ما يعني أننا أمام نهاية مرحلة، وبداية مرحلة جديدة لإيران دور أساسي فيها..

الأكثر قراءة

أيها الإيرانيّون... اصنعوا القنبلة