اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ما ان دق الأميركيون، بأحذيتهم الثقيلة، على الباب الروسي حتى استشعر شي جين بينغ أنهم يدقون على الباب الصيني. كان قراره الاسراع في بناء الأرمادا العسكرية لتضاهي الأرمادا الأميركية. التنين يستيقظ، ثانية، ولكن بملابس مرقطة!

التركيز الآن على كسر روسيا. الحصار على قدم وساق. الآن فنلندا التي ترتبط باتفاقية مع روسيا، ومنــذ 75 عاماً، بعدم ابرام معاهدة عسكرية مع أي دولة أخرى، تلتحق، تحت الضغط الأميركي، بحلف الأطلسي، لتتضاعف حدود الحلف مع روسيا الى 2500 كيلومتر.

منذ تأسيسه في 4 نيسان1949 ، وأوروبا الذراع العسكرية للولايات المتحدة التي وضعت يدها على القارة ان بانزال النورماندي عام 1944، أومن خلال مشروع مارشال عام 1948.

لكن شارل دديغول أعلن العصيان حين انسحب من الجناح العسكري للحلف، عام 1966، ليعود اليه نيكولا ســاركوزي. عام 2009، وكان التناقض المثير في شخصية ايمانويل ماكرون الذي اذ قال لـ»ايكونوميست» ان الحلف أصيب بالسكتة الدماغية، ودعا الى انشاء قوة أوروبية مستقلة، حوّل بلاده الى «قوة صدم» للحلف.

رجل الاليزيه بدا وكأنه الأقل ثقافة بين رؤساء فرنسا. نابليون بونابرت هو الذي غزا روسيا، عام 1812، في حين نقل بطرس الأكبر، الكثير من المظاهر الثقافية، والعمرانية، الفرنسية الى بلاده...

وسط هذا الضجيج الدولي، أي هو الشرق الأوسط؟ لعقود طويلة، ومع استثناءات قليلة، في قبضة البيت الأبيض، حتى ان قيادة القيادة الوسطى في دولة عربية هي البحرين. هنا النفط، الدم السحري للحضارات، وللقوى، الحديثة. ولكن حين كان النفط يطلق الثورات الصناعية في مناطق مختلفة من العالم، كانت الادارات الأميركية المتعاقبة تحول دون العرب والولوج الى لعبة العصر...

لا مصانع، ولا مفاعلات لمواجهة مفاعل ديمونا، ولا ثورات زراعية تؤمن الحد الأدنى من الأمن الغذائي للمنطقة العربية، بل تكريس للسوسيولوجيا القبلية. برنارد لويس بكل فظاظته لم ير فينا سوى السكارى يقبعون عند باب شهرزاد. لم يقل عند باب... الليدي غاغا!

في وقت متأخر، اكتشف الأميركيون، ولطالما سخروا من «المسار الكاريكاتوري للتاريخ»، أن العالم يتغير، وأن الصينيين الذين قام ماو تسي تونغ بتعليبهم ايديولوجياً، والى حد تعليب الحياة، ما لبثوا أن تركوا صورة ماو تهترئ فوق بوابة «المدينة المحرمة»، ليسيروا وراء دنغ شياو بينغ، وقد اطلق ما دعاها ديفيد مان، كبير الاقتصاديين الدوليين في بنك «ستاندارد تشارترد»، «أكبر المعجزات الاقتصادية في التاريخ».

في عام 1978، كانت صادرات الصين 10 مليارات دولار لترتفع بعد عقدين فقط الى 4.2 تريليونات دولار. اهتز الأميركيون وهم يرون الاقبال على المنتجات الصينية في اسواق نيويورك. التنين يختال في عقر دارهم.

مثلما العالم يتغير، يفترض بالشرق الأوسط أن يتغير، ويخلع الجلباب الأميركي. الصين البديل؟ الاستثمارات بدل الأساطيل. الثقافة (والحياة) الصينية مختلفة كلياً عن الثقافة (والحياة) الأميركية بجاذبيتها الهائلة.

الأميركيون هم من بادروا حين بدؤوا الانسحاب من الشرق الأدنى الى الشرق الأقصى. لكن الحرب في أوكرانيا أظهرت مدى ارتباط حياة الحلفاء بنفط المنطقة.

ارتباك ادارة جو بايدن بدا جليّاً اثر الرفض السعودي لرفع انتاج النفط بدل تخفيضه. هذا يحدث، للمرة الأولى، ومنذ لقاء الملك عبد العزيز والرئيس فرنكلين روزفلت في قناة السويس عام 1945. اللقاء الذي له دلالاته الاستراتيجية الخاصة كونه حدث مباشرة عقب مؤتمر يالطا .

على نحو هيستيري، تعاملت التعليقات الصحافية الأميركية مع الموقف السعودي. «الشرق الأوسط يفلت من أيدينا»، حتى اذا ما أتى اتفاق بكين، وبرعاية شي جين بينغ، بين السعودية وايران، مع تداعياته في وقف أزمات المنطقة، وأكثرها مبرمج على التوقيت الأميركي، حتى تساءل آرون ميلر ما «اذا كنا أمام الشرق الأوسط الآخر».

ترانا ذهبنا بعيداً في التفاؤل. الحاخام الأميركي شمولي بوتيتش توجه الى جو بايدن: هل تعلم ماذا يعني أن تترك الشرق الأوسط للصين؟!

الأكثر قراءة

لا جديد عند حزب الله رئاسياً... باسيل يطلب ضمانات خطية... وفرنجية لن ينسحب ماكرون «المتوجس» من توسيع الحرب يلتقي اليوم ميقاتي والعماد جوزاف عون مسيّرات المقاومة الانقضاضية تغيّر قواعد الاشتباك: المنطقة على «حافة الهاوية»؟