اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يربط البعض عودة سوريا الى الجامعة العربية بالملف الرئاسي في لبنان أو على الأقلّ بحلحلته، مع المتغيّرات التي طرأت على المنطقة بعد الإتفاق الإيراني - السعودي، الذي بدأت تداعياته تنعكس إيجاباً على بعضٍ منها. غير أنّ الواقع مغاير لمثل هذا الطرح، إذ أنّ عودة سوريا تتعلّق بإيجاد حلّ شامل للأزمة فيها، وليس من رابط مباشر بينها وبين الإستحقاق الرئاسي في لبنان، سيما وأنّ قرار عودتها الذي يتطلّب وقتاً، يُستعاض عنه حالياً بعودة العلاقات الثنائية بينها وبين بعض الدول العربية المؤثّرة في المنطقة. فهل يُمكن أن يُتخذ قرار عودة سوريا الى الجامعة خلال القمة العربية الثانية والثلاثين التي ستُعقد في 19 أيّار الجاري في الرياض، أم سيتمّ تأجيله الى وقت لاحق؟ وكيف سيؤثّر ذلك على انتخاب الرئيس في لبنان؟

تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة، بأنّ إجتماع وزراء خارجية الدول العربية الخــمس الذي عُــقد يوم الإثنين في عمّان بين الأردن والسعودية ومصر والعراق بمشاركة ســوريا، ناقش سُــبل إعادة الــعلاقات الــعربية معــها، قبل موعد انعــقاد القمــّة العربية المرتقبة في الرياض. غير أنّ لبنان غاب عن هــذا الإجتمــاع، إذ لم يُدعَ اليه أولاً، ولأنّه ليس من رئيس للجمهورية أو حكومة ذات صلاحيات كاملة، الأمر الذي يستوجب انتخاب الرئيس في أسرع وقت ممكن، لكي لا يتمّ عزله عن الإجتماعات العربية وسواها، بسبب تلكؤ المسؤولين فيه عن أداء واجباتهم ومسؤولياتهم.

ويبدو أنّ سوريا والدول العربية التي تودّ التطبيع معها، تكتفي حالياً بإعادة العلاقات الثنائية فيما بينها الى طبيعتها، وهذه العلاقات لا علاقة لها بعودة سوريا الى الجامعة أو بعدمها. علماً بأنّه تمّ تعليق عضويتها في الجامعة العربية منذ العام 2011 ، وقامت بعض الدول العربية بقطع علاقاتها الديبلوماسية معها لا سيما الدول الخليجية، لتكون الإمارات لاحقاً أول دولة عربية تُعيد علاقتها معها الى طبيعتها. كذلك فإنّ الرئيس السوري بشّار الأسد يهمّه من كلّ ما يجري تمتين العلاقات مع السعودية، كما مع سواها من الدول العربية قبل إعادة بلاده الى مقعدها الشاغر في الجامعة، لكي تستعيد عافيتها من خلال تعزيز العلاقات العربية. وهذا الأمر يفيد الجوّ العام في العالم العربي، فتنقية الأجواء بين الدول العربية من شأنه أن ينعكس إيجاباً على الأمن والسياسة والتجارة والصناعة والسياحة الخ.. في دول المنطقة.

وأكّدت الاوساط أنّ عودة سوريا الجامعة هو أمر حتمي، وأنّ المسألة تتعلّق بالتوقيت، غير أنّها لن تتزامن مع موعد القمّة العربية المرتقبة في الرياض، رغم أنّ السعودية تريدها قمّة ناجحة بالنسبة لإيجاد الحلول لملفات دول عدّة في المنطقة. ولهذا بدأت بتحسين العلاقات الثنائية فيما بينها وبين سوريا، على غرار ما فعلت دول عربية أخرى في فترة سابقة، تمهيداً لعودتها لاحقاً الى الحضن العربي. أمّا الموعد المقرّر لهذه العودة، فيتمّ بعد القمّة العربية خلال اجتماعات عربية بمشاركة سوريا، شبيهة باجتماع الأردن الأخير.

وترى الاوساط بأنّ عدم عودة سوريا الى الجامعة خلال القمّة العربية، لا يعني بأنّ استكمال التطبيع معها من قبل بعض الدول سيتوقّف، على العكس، وإن كانت دول أخرى مثل قطر والكويت والمغرب ليست مع هذه العودة، حتى أنّ مصر تؤيّد هذه العودة شكليّاً، في حين يهمّها أن تتحقّق مع بعض التنازلات أو المطالب، أو التوافق السياسي العربي على أمور عدّة. لهذا يُكتفى اليوم، على ما شدّدت الأوساط نفسها بالعلاقات الثنائية وبإعادة تفعيلها بين كلّ من سوريا والسعودية، وسوريا والإمارات وسواها.

وأوضحت الاوساط أنّ الولايات المتحدة تضغط اليوم لعدم إعادة سوريا الى الجامعة، لأنّه عندها ينتفي مبرّر العقوبات الإقتصادية التي تفرضها عليها و»قانون قيصر» ومقاطعة النظام وما الى هنالك. فالعقوبات الأميركية تُقرّ بقوانين من الكونغرس ومع عودة سوريا الى الحضن العربي، ولا سيما من خلال عودة علاقاتها مع السعودية الى طبيعتها، لا يعود لهذه العقوبات أي أهمية أو قيمة. لهذا تضغط أميركا لتأجيل هذه العودة وفقاً لمصالحها، فيما يتفاوت موقف الدول العربية منها كلّ بحسب مصالحها أيضاً، الأمر الذي يجعل العودة مؤجّلة، أو معلّقة الى أن يحين وقتها.

وفيما يتعلق بالإستحقاق الرئاسي، تجد الاوساط أنّ حلحلة الأمر لا علاقة مباشرة له بعودة سوريا الى مقعدها الشاغر في الجامعة أم لا، بقدر ما يهمّ الدول الخمس المعنية به، من دون أن تعتبر ذلك تدخّلاً في الشؤون الداخلية للبنان، حصول توافق داخلي على إسمي رئيسي الجمهورية والحكومة المقبلين أولاً. كما تعطي أهمية للبيان الوزاري للحكومة ولخطة عملها في المرحلة المقبلة، بما لا يتعارض مع السياسة الإقليمية الجديدة في المنطقة.

ويُعوّل على الإجتماعات العربية التي ستُعقد لاحقاً، على ما أضافت الأوساط عينها، أي ما بعد القمّة المرتقبة على الأرجح، لوضع حدّ لبعض الخلافات فيما بين دول المنطقة. فاجتماع الأردن تمكّن من الخروج بتعهّد دمشق بالسعي لإنهاء تهريب المخدرات عبر حدودها، وهذا أمر جيّد. فإذا خرج حلّ من كلّ إجتماع مرتقب فيما بين عدد من الدول العربية، فهذا يعني بأنّ المشاكل ستتدحرج مثل كرّة الثلج، ما من شأنه إعادة العلاقات العربية برمّتها الى سابق عهدها.

أمّا لبنان، فيستفيد بالطبع من هذا الوضع المريح، على ما عقّبت الاوساط بدءاً من انتخاب الرئيس وصولاً الى إنجاز الإستحقاقات الأخرى. فالأجواء الخارجية المريحة تضح حدّاً للتشنجات الداخلية، وتبدأ بوادر الإنفراج بين القوى المسيحية وبقية الأطراف للتفاهم على أسس المرحلة المقبلة في لبنان التي عليها مواكبة كلّ التغيّرات والتطوّرات الحاصلة في المنطقة.

الأكثر قراءة

بعد انكشاف نقاط ضعف «إسرائيل»... تحرّك غربي لتحييد منظومة حزب الله الصاروخيّة! ترسانة مُتطوّرة ودقيقة من المسافة «صفر» و«كمين جولاني» رسالة جهوزيّة الأمن الغذائي مُؤمّن لـ 3 أشهر... ولا ضمانات بتغيير سياسة أوروبا في ملف النزوح