اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تصدر «الكباش» القضائي المشهد بالامس مع صدور قرار المجلس التاديبي بصرف النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون من الخدمة. لم يكن القرار مفاجئا لاسباب عديدة لعل اهمها ان عون منحت خصومها الفرصة للاقتصاص منها عبر مخالفات قانونية تسمح بالنفاذ منها لتبرير القرار الصادر بالاجماع، اضافة الى غياب «المظلة» السياسية الحاضنة للقاضية بعد خروج الرئيس ميشال عون من بعبدا. ولهذا يمكن الجزم اليوم ان عون تدفع ثمن جراتها على فتح ملفات تناولت محظيين في النظام السياسي والمالي لم يجرؤ عليها غيرها، لكنها تدفع ايضا ثمن سوء ادارة ملفاتها على نحو عشوائي وغير متوازن.

رئاسيا، جديد السفير السعودي الوليد البخاري الاعلان صراحة عن عدم وجود «فيتو» لبلاده على اي مرشح يجمع عليه اللبنانيون، وهو موقف متقدم براي اوساط معنية بالملف، لكنه لن يحرك المياه الراكدة باعتبار ان عدم التدخل السعودي مع الحلفاء لفتح ابواب الحوار للوصول الى تسوية يعني اطالة امد الازمة الى حين تنضج الاتصالات حول» سلة» اقليمية تشمل على ما يبدو اكثر من ملف ومن ضمنها لبنان. وبعده كلام آخر، خصوصا ان ثمة من يراهن على بداية سقوط بعض «الفيتوات» الداخلية على ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية.

وفي الانتظار، لا يمر يوم الا ويثير المجتمع الدولي الشبهات بنياته في دمج السوريين في لبنان، وقد فجرت مسالة «داتا» النازحين ازمة بين مفوضية الامم المتحدة والجهات الرسمية بعد مقايضة منحها بمنحهم الاقامات، وهو ما رفضه الامن العام ومنح المفوضية حتى الاثنين المقبل مهلة اخيرة لتسليم «الداتا»؟!

دمج النازحين؟

وفي هذا السياق، علمت «الديار» ان المفوضية لم تلتزم بالمهلة الحكومية لتسليم «الداتا»، وبدل ذلك ابلغت الامن العام شفهيا ان العدد المسجل لديها هو مليون و 660 نازحا، لكن المفاجأة كانت في اشتراطها مقايضة هذه المعلومات بمنحهم اقامات في لبنان تسمح لهم بالعمل وحق التعلم، وهو ما وصفته مصادر سياسية بانه الطلب الاكثر وضوحا الذي يكشف النيات المبيتة حول دمج النازحين في لبنان. لكن الامن العام كان واضحا برفض المقايضة على الامر اثر مراجعة المسؤولين المعنيين وامهل المفوضية حتى الاثنين المقبل لتسليم المعلومات كاملة بما فيها «بصمة العين» ودون اي شروط.

والمفارقة تبرز في اعتبار المفوضية ان كل السوريين الموجودين على الاراضي اللبنانية يتمتعون بصفة النازح. لكن الدولة اللبنانية تعتبر ان الذين تسجلوا بعد 2015 ليسوا نازحين. وفيما لم تمنح المفوضية اي ردود واضحة حول ما سرب عن المقايضة التي اقترحتها، لم تتردد في تجديد موقفها حول دعم العودة الطوعية مشروطة بشعور النازحين بالامان. وشددعت على ان الاولوية لديها تبقى في ضرورة تسجيل الولادات كيلا يبقى الاطفال السوريون مكتومي القيد. واستناداً إلى نتائج آخر احصاء لدى اللاجئين السوريين في لبنان، فإن 80% من الأطفال حديثي الولادة السوريين لديهم شهادة ميلاد من المختار و53% قد تم تسجيل ولادتهم في دوائر النفوس.

العودة الطوعية

في هذا الوقت، باشر الامن العام تسجيل أسماء النازحين الراغبين بالعودة، بناء على توجيهات مدير عام الأمن العام بالإنابة العميد إلياس البيسري. وكانت هذه الإجراءات توقفت لأسباب لوجيستية في وقت سابق، ونظم الأمن العام الرحلة الأخيرة في تشرين الأول الماضي وبدأ عناصر الأمن العام التسجيل بإشراف رئيس فرع الأمن القومي في البقاع الرائد أحمد الميس، وشهد المركز إقبالاً لافتاً من قبل الراغبين بالعودة على طريق وادي حميد في عرسال باتجاه معبر الزمراني في القلمون الغربي على الضفة السورية، للعودة إلى القرى السورية في مناطق القلمون الغربي وريف القصير. وأكدت المعلومات أن الأمن العام سيستمر في تسجيل الأسماء في مركزه لمدة 3 أيام من كل أسبوع .

الاستحقاق الرئاسي

رئاسيا، وعلى وقع عدم حصول اي خرق في حالة الاستعصاء القائمة، سارعت «عين التينة» الى نفي المعلومات حول زيارة مرتقبة لوفد من قبل الرئيس بري الى بكركي اليوم، وفيما لم يفض الحراك الدبلوماسي الذي تشهده الساحة المحلية لكسر الجمود الرئاسي، خاصة من قبل السفير السعودي وليد بخاري والسفيرة الاميركية دوروثي شيا، الى اي نتائج ملموسة، يستمر الحراك الداخلي عبر نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب، وكذلك النائب غسان سكاف الذي يحمل مبادرة يفترض ان تتضح معالمها اليوم مع تفاؤله بالتوصّل الى اسم مرشح موحّد للمعارضة نهاية الأسبوع الحالي.

 ما جديد الموقف السعودي؟

وقد واصل السفير السعودي جولته على المرجعيات ‏اللبنانية السياسية والروحية. ووفقا للمعلومات، حرص البخاري على ابلاغ من التقاهم خصوصا الحلفاء ان المملكة لم تطلب ولن تطلب من احد التصويت لمرشح لا تريده. وهو موقف ابلغه ايضا الى الرئيس نبيه بري، وقال «نحن ضد الاملاءات من الخارج والرئيس يجب ان يصنع في لبنان». وقد اشار الى ان المملكة تريد ان يتحمل المسؤولون اللبنانيون مسؤوليتهم الوطنية، وهي تشجع على انهاء الفراغ سريعا لانه يفاقم الامور.

لم تنضج التسوية بعد!

ووفقا لمصادر سياسية بارزة، فان خلاصة الموقف السعودي تشير الى ان التسوية لم تنضج بعد، لان عدم التدخل في الشؤون اللبنانية كلام عام ليس جديدا، كما عدم وجود «فيتو» سعودي على اي مرشح لم يكن مفاجئا لاحد ممن التقوا السفير، لكن تحييد الرياض نفسها عن تقديم «النصيحة» او المشورة لحلفائها لمواكبة التسوية في المنطقة عبر اطلاق حوار منطقي يراعي مصلحة كل الاطراف، يشير بوضوح الى ان المراوحة ستطول حتى تنضج «الطبخة»، خصوصا ان مؤيدي ترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يكتفون اليوم بالاعلان الصريح عن عدم وجود «فيتو» سعودي عليه لاستكمال معركته. فيما الطرف الآخر سيستفيد من غياب الضغط السعودي للتمسك بمواقفه.

تفاؤل في «معسكر» فرنجية

وفي السياق نفسه، ترى اوساط مؤيدة لانتخاب فرنجية ان الموقف السعودي ايجابي وليس سلبيا، وهو يسير بتدرج واضح باتجاه تأمين المناخات للتسوية عليه لاحقا، فمن دعم وصول قائد الجيش جوزاف عون الى الاعلان صراحة اليوم عن عدم وجود فيتو على ترشيح زعيم تيار المردة، تكون المملكة قد قطعت شوطا كبيرا، قد يكون غير كاف لاتمام الاستحقاق راهنا، لكنه يؤشر الى وجود تقدم واضح في هذا الاتجاه.

«العين» على جنبلاط

ووفقا لتلك الاوساط، لا احد كان يتوقع ان تتدخل الرياض على نحو «فظ» مع حلفائها، لكنها اليوم اخذت مسافة من خياراتهم ولا احد يعرف كيف تتطور الامور لاحقا. لكن اولى الانعكاسات ستكون على النواب السنة في المجلس النيابي حيث بات بالامكان الحديث عن تحول مرتقب في موقفهم المؤيد لفرنجية بعد الموقف السعودي الصريح، فيما «العين» تبقى على موقف النائب السابق وليد جنبلاط الذي بات اليوم يملك هامشا مريحا لنسج تفاهم مع الرئيس نبيه بري حول فرنجية.

ماذا سيفعل باسيل؟

وبحسب تلك الاوساط، فان بمجرد تأمين ال65 صوتا لرئيس تيارالمردة ستكون الحسابات مختلفة حينئذ، خصوصا عند رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل الذي قد يؤمن النصاب في المجلس دون انتخاب فرنجية، رغبة منه في مد جسور العلاقة من جديد مع حزب الله من خلال تفاهم شامل على طبيعة المرحلة المقبلة، خصوصا ان ثمة تيارا داخل «التيار» مع خيار التسوية!

 لا مفاجأة في «عين التينة»

من جهتها مصادر مقربة من»عين التينة» اعتبرت الأزمة الحالية مارونية – مارونية، لافتة الى ان الانقسام المسيحي لا يساعد الجهود الخارجية لاتمام الاستحقاق، مشددة على أن الرئيس بري لم يفاجأ بموقف البخاري الذي اكد انه «لا يتدخل في الأسماء»، فلا وجود لفيتوات في الاصل. اما واشنطن فهي تؤكد عبر سفيرتها انها تريد رئيسا ينفذ الإصلاحات، وهي ستتعامل مع الرئيس وفق برنامج عمله بمعزل عن اسمه.

المملكة ضد الاملاءات

وزار امس السفير السعودي وليد البخاري البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس ‏الراعي في الصرح البطريركي في بكركي، وغادر بعد اللقاء دون الادلاء بأي ‏تصريح. وبعد اللقاء، اكد المسؤول الاعلامي في الصرح البطريركي وليد غياض ان البخاري شدد على ضرورة وضع حد للفراغ الرئاسي بأسرع وقت ‏ممكن، مع التأكيد أن مبادرات البطريرك كفيلة بتحقيق الشركة وتحافظ على الوحدة ‏الوطنية في لبنان .  واضاف غياض ان المملكة تعتبر ان الاستحقاق الرئاسي شأن سياسي ‏داخلي لبناني بامتياز وقرار الخيارات السياسية يؤخذ ويصنع في بيروت والمملكة ضد ‏الاملاءات في هذا الموضوع من اي جهة كانت. ونقل عن البخاري قوله ان المملكة ليس لديها اي اعتراض على اي مرشح رئاسي يحظى بثقة اللبنانيين ‏انفسهم، فأي رئيس ينتخبه المجلس النيابي ترحب به المملكة الحريصة على التعاون ودعم ‏لبنان.  وختم غياض بالقول ان «المملكة حريصة على الا تتهم بتعطيل الاستحقاق الرئاسي وتؤكد ‏ان انتخاب الرئيس هو شأن داخلي وهم لا يضعون الفيتو على اي مرشح ولا يدعمون احدا، ‏لذلك يرفضون زجهم في الشؤون الداخلية للبنان».

ثم زار البخاري شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، كما زار بيت الكتائب المركزي في الصيفي حيث التقى ‏رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل الذي شدد بعد اللقاء على رفض ‏انتخاب أي مرشح تابع لـ «حزب الله» وقال» إذا وجدت ظروف تأمين النصف زائد واحد لأي ‏مرّشح في لبنان فتأمين نصاب الجلسة هو كانتخابه». بدوره، أكد السفير السعودي أنّ ليس لدينا اعتراض على أيّ مرشحٍ رئاسي يختاره ‏اللبنانيون ويحظى بثقتهم، مشددًا على أنّ «ما يتوافق عليه اللبنانيّون نرحّب به».

ما هي الرسالة الى «القوات»؟

وفي السياق نفسه، كشف عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب بيار بو عاصي أنّ «زيارة السفير السعودي الى معراب كانت لنقل رسالة من الممكلة إلى القوى السياسية اللبنانية»، مفادها أن السعودية «لن تتدخل في الاستحقاق الرئاسي». وقال «لدينا صداقات كثيرة غالية علينا ومن ضمنها صداقتنا مع السعودية»، ولكن أولاً «ما حدا بيملي علينا شي» وثانياً «السفير ما اجا يملي علينا شي». ‏

وفي هذا الاطار، زارت السفيرة الاميركية دوروثي شيا معراب. ‏وقد شدد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع على أن «الرهان على عامل الوقت ‏في الانتخابات الرئاسية لن يخدم اي فريق وبشكل خاص الفريق الممانع ومرشحه، الذي لن ‏يزيد من فرص انتخابه التي اصبحت معدومة؟!»

«صرف» القاضية عون؟

قضائيا، قرّر المجلس التأديبي برئاسة القاضي جمال الحجار صرف القاضية غادة عون من الخدمة تأديبياً بناءً على شكاوى عديدة مقدمة أمام التفتيش القضائي بسبب ظهورها الإعلامي وتصريحاتها ومخالفتها موجب التحفظ، ومن بينها تغريدتها التي اتهمت فيها سياسيين بتحويلات مصرفية إلى الخارج. وقد تقدمت وكيلة القاضية عون المحامية باسكال فهد، باعتراض على قرار المجلس التّأديبي، واشارت الى انه مخالف للقانون ويشكل طعنة نجلاء في صدر العدالة وغير نافذ. ووفقا للمعلومات، وخلال نظر مجلس القضاء في استئناف القاضية عون، يجب ان ‏تبقى يدها مكفوفة مهما طالت المدة، علما انها تحال الى التقاعد بعد عامين ونيف. وفي انتظار صدوره يحق لوزير العدل في حكومة تصريف الأعمال وقفها عن العمل ولمدة 6 أشهر بناء على قرار المجلس التأديبي الأول.

العقوبة الاقصى؟

ووفقا لمصادر قانونية، فان العقوبات تتدرج في العادة من التأنيب إلى اللوم ثم تخفيض الدرجات، وآخرها وأقساها الصرف من الخدمة التي اتخذت ضد عون استنادا إلى ما قامت به من مخالفات. قد تكون عون محقة في ملاحقة من ادعت عليهم بالاختلاس والجرائم المالية وتبييض الأموال. لكن في أي من الحالتين عليها اتباع الأصول والإجراءات القانونية ولا يجوز أن تتصرف من خارج الاطر القانونية.

عون: ضميري مرتاح

واحتجاجاً على هذا القرار، نفّذ عدد من مناصري التيار الوطني الحر وقفة تضامنية أمام مدخل قصر العدل بالتزامن مع صدور القرار وقطعوا الطريق أمام القصر، وقد شكرت القاضية عون من أتوا للتضامن معها، وقالت «ربّنا يدعم الأوادم وأؤمن أن الحق لا يضيع ما دام وراءه مطالب، وأنا قمت بشغلي ولم أرتكب خطأ»، واصفة ما حصل بأنه ملاحقات كيدية مبنية على أقاويل وأقولها على رأس السطح ولم أؤثر في أحد ولم أفعل عكس ضميري وأنا مؤمنة وأخاف ربي ولا أخاف من أحد ولو أرادوا قتلي».

«وصمة عار»؟

وانقسمت الاراء حول القرار ضد القاضية «المشاكسة» التي يتهمها البعض بانها حركت الملفات استنثابيا ولم تلاحق كل السياسيين الفاسدين في السلطة، وبين من يرى انها تدفع ثمن تجرّئها على فتح ملفات لم يجرؤ احد على فتحها.

ورغم الانتقادات التي تناولت عملها، فإن حقوقيين رأوا في قرار عزلها «وصمة عار» في تاريخ القضاء في لبنان، البلد القائم على المحسوبيات والتوازنات الطائفية، وحيث تتدخل السياسة حتى في التعيينات القضائية. وقال المدير التنفيذي للمفكرة القانونية نزار صاغية إنّ من أصدر القرار التأديبي ضد عون «لم يعر أي انتباه للتحقيقات التي أجرتها في أكبر قضايا الفساد»، معتبراً أنّ القرار سيبقى وصمة عار في تاريخ المجالس التأديبية القضائية.

«كباش» في العدلية

وفي «كباش» جديد بين وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال هنري الخوري، ‏والقضاة، اصدر تعميمًا قضى بـ«وجوب التّقيّد بالأحكام القانونيّة، والامتناع عن الظّهور ‏الإعلامي بجميع أشكاله، وعن اتّخاذ أيّ موقف علني على أيّ منصّة إعلاميّة أو إلكترونيّة ‏أو غيرهما، من دون الحصول على إذن مسبق من المرجع المختص. وقد اعترض نادي القضاة على القرار، واعتبره غير قانوني لانه يعد تدخلا غير مقبول في عمل القضاء. 

الأكثر قراءة

لا جديد عند حزب الله رئاسياً... باسيل يطلب ضمانات خطية... وفرنجية لن ينسحب ماكرون «المتوجس» من توسيع الحرب يلتقي اليوم ميقاتي والعماد جوزاف عون مسيّرات المقاومة الانقضاضية تغيّر قواعد الاشتباك: المنطقة على «حافة الهاوية»؟