اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

الدكتور فلاح داود ابو جوده، طبيب تقويم الاسنان، بدأ باكرا في كتابة الشعر، واكتشفه عمه الصحافي الراحل ميشال ابو جوده، عندما سأل ابن شقيقه عن قراءاته، فاخبره انه حفظ عن ظهر قلب معظم محتويات «انطولوجيا الشعر اللبناني» فطلب منه عمه، وكان فلاح يقود سيارته به ان يُسمعه من شعر احد الذين احب بلاغتهم، فذكر له الشاعرين موريس عواد وعبدالله غانم الذي نقل له من شعره فقال: «هون اشلحيني ولا تقولي راح ما تكونِتْ لولا الفساد الراخْ ولا تفكريني بحالتي متعوب حطّابْ نزّل حملتو وارتاح»...

هذا المقطع من الشعر، الذي اسمعه فلاح لعمه ميشال، ادخله كتابة الشعر عند وصف ميشال لشقيقه داود، بانه «ذهبنا مع شوفير وعدنا مع شاعر»، وهكذا بدأ طالب الطب، مسيرته الشعرية، عندما شجعه الصحافي ميشال فكان ديوانه الاول «اغلى حاصد الريح»، ليتبعه في كتاب ثان بعنوان «على سيرة النوم».

اما اصداره الثالث لهذا العام فعنونه «طمنونا عنكم»، مع صورة على الغلاف لمن رحلوا من اجداده ووالديه وافراد من العائلة، حيث يختصر مضمون الكتاب»سيرة حياة» هي من الذكريات والمرويات، ينقلها بدقة وباسلوب الراوي، وبالمختصر المفيد، اذ اعتمد الكاتب اسلوب العبارة القصيرة، الذي استعاره من عمه ميشال والشاعر سعيد عقل، حيث لا تتعدى مقالته في الكتاب الثلاث صفحات الى نصف صفحة احيانا.

وقارئ الكتاب، يلحظ عمق ثقافة المؤلف، التي ترتكز على الشعر والادب، ويلامس الاغاني والمسرح، وهو اُعجب بمسرح «الرحابنة»، الذين ربطتهم اواصر عائلية معهم، وحضر اعمالهم الفنية في كثير من الاحيان مع عائلته ووالده داود ابو جوده، الصناعي الذي اسس «مصنع جبل لبنان للغزل والنسيج»، في الزلقا، وهي مسقط رأس العائلة، القادمة من تنورين لعائلة الزعني، وتوزعت في اكثر من بلدة لا سيما في المتنين الشمالي والجنوبي.

وفي صفحات الكتاب، ينقل طبيب الاسنان احداثا حصلت معه، او مع احد افراد عائلته او اصدقائه، وفيها كلها «عِبرْ من الحياة» لمسيرة حوالى خمسة عقود، اذ يكتشف في هذه المقالات، ابعادا اجتماعية وانسانية وثقافية، كما في مضمونها تجارب في الحياة ومنها، وادخل ابو جودة الى اسلوبه السخرية، وهو متأثر ايضاً بالاديب سعيد تقي الدين، الذي كتب في الفكر والسياسة والمسرح، وامتاز «برفات جناح»، وهي عبارات قصيرة تعبر عن معاني الحياة.

الكتاب شامل في المقالات التي تضمنها، اذ يطل مؤلفه على شتى شؤون الحياة، وما يمر بها الانسان، فيؤرخ لمراحل يعبر بها، ويستخلص منها فلاح، ما يمكن ان تفيد الذاكرة التي تفيد في كثير من الاحيان في المسيرة البشرية.

يهدي الدكتور فلاح ابو جودة، كتابه لروح عمه الصحافي ميشال ابو جوده، الذي كان مشجعاً له، عندما امتحنه في ثقافته وقراءاته، حيث ظهرت معرفته في ما انتجه، لان في المعرفة قوة.

• الكتاب من 224 صفحة – الحجم الوسط. صادر عن دار سائر المشرق.

الأكثر قراءة

آخر ابتكارات حلفاء «إسرائيل» للضغط على لبنان: حرب شاملة بعد رفح... وعقوبات ؟! سيجورنيه سيتبلّغ التمسّك «بوحدة الساحات»...وجيش الإحتلال غير جاهز للحرب الدولة تزداد تحلّلا والشلل يتمدّد... «النفاق» السياسي يُطيّر الإنتخابات البلديّة