اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

عُلقت اجتماعات «اللقاء الخماسي» المعني بلبنان، والذي ضم كلا من: اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وكان عقد اول لقاء له في 6 شباط الماضي في باريس، وكرره بآخر، ولم يعد الى الاجتماع مرة اخرى بسبب التباين بين اعضائه حول انتخابات رئاسة الجمهورية، اذ ان لكل طرف وجهة نظره ومواصفاته، كما اسم مرشحه المعلن والمبطن، فكان هذا التباعد دون ان يلغي التنسيق، لكن لكل دولة مفكرتها (اجندتها) وتوقيتها للحل، لتأمين مصالحها وحضورها السياسي.

هذا التباعد في المواقف السياسية، كما في المشاريع لا يقتصر على لبنان، بل هو يشمل المنطقة وقضايا في العالم، فلم تعد السعودية هي نفسها في السياسة، والاتكاء على حليف واحد هو اميركا، فعقدت اتفاقاً مع ايران برعاية الصين التي ادخلتها المملكة الى اسواقها ومشاريعها، واعطتها حضوراً اقتصادياً وايضاً سياسياً، وهو ما لا يتوافق مع الاحادية الاميركية في العالم، حيث تحاول المملكة ان يكون لها شريك واكثر مثل روسيا في منظمة «اوبك +»، التي تحدد انتاج النفط واسعاره عالمياً، وهذا ما اغضب اميركا التي لم تعد تتوافق مع السعودية حول لبنان في كثير من القضايا، وفق ما تؤكد مصادر ديبلوماسية عليمة في العلاقات الدولية، اذ ما كان يوم صدر البيان الثلاثي عن اميركا وفرنسا والسعودية في ايلول الماضي حول لبنان، واعلان شروط على رئيس الجمهورية المقبل للالتزام بها ومنها تنفيذ القرارات الدولية 1559 و1701 لم يعد اساساً، وساهم دخول مصر وقطر على «اللقاء الثلاثي» ليتحول خماسيا في تبديل بالمعادلات، اضافة الى التحول السعودي شرقاً وعقدها اتفاقا مع ايران، الذي سيكون له انعكاس ايجابي على لبنان بعد اليمن وسوريا، من ضمن اهداف الاتفاق.

من هنا، فان السعودية اظهرت مواقف مغايرة عما كانت سابقاً، فهي اعلنت عبر سفيرها في لبنان وليد البخاري انها حيادية في الاستحقاق الرئاسي، وهي تنأى بنفسها عن طرح اسماء، ولا تضع «فيتو» على اي مرشح، وفي «لبننتها» لانتخابات رئاسة الجمهورية، وهي تلتقي مع طرح حزب الله الذي دعا امينه العام السيد حسن نصرالله، الى رئيس جمهورية صُنع في لبنان، ويوافقه الرأي قادة سياسيون ومسؤولون، بان يحصل حوار داخلي للتوافق على مرشح لرئاسة الجمهورية يحظى باكبر عدد من اصوات النواب، ويحصل على 65 صوتاً للفوز بالاغلبية المطلقة من اصوات النواب، وهذا ما يحتم ان يؤمن الآخرون النصاب، وهذا ما لا تعترض عليه السعودية، وفق ما نُقل عن مسؤولين فيها، او من خلال جولات سفيرها البخاري، الذي فُهم منه انه تبلغ في الرياض بان المملكة على مسافة واحدة من الجميع، ومن يختاره اللبنانيون «لا فيتو» عليه.

فالموقف السعودي بات واضحاً تجاه الاستحقاق الرئاسي، الذي دخلت على خطه قطر، وهي صاحبة مبادرات في لبنان، ابرزها ما انجزته في «اتفاق الطائف» اثناء اجتماعات للنواب اللبنانيين برعايتها، حيث اتفقوا خلالها على انتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية، وان تنال «قوى 8 آذار» الثلث الضامن في تشكيل الحكومة، وبهذا انهى هذا الاتفاق ذيول احداث 7 ايار 2008 العسكرية، كما اوقف «اتفاق الطائف» الحرب الاهلية في العام 1989.

وتحركت قطر في الساحة اللبنانية، وارسلت وفداً برئاسة جاسم آل ثاني لاستطلاع اراء الاطراف السياسية، ونقل وجهة نظر بلاده بالاستحقاق الرئاسي، اذ سمى الوفد قائد الجيش العماد جوزف عون كاسم وسطي بين مرشحين يمثلان طرفي صراع في لبنان، الاول النائب ميشال معوض واقترع له من يعلنون انفسهم «السياديون» ولم يحظ سوى 44 صوتاً، والثاني رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية الذي رشحه الرئيس نبيه بري وايده حزب الله بلسان امينه العام السيد حسن نصرالله، واجري «بوانتاج» له في عين التينة، فظهر انه يحصل على 55 صوتاً، وقد يصل الى النصف زائد واحد (65 صوتا) فيؤمن فوزه، لكن الوفد القطري خرج عن الاسمين معوض وفرنجية، ليركز على حظوظ قائد الجيش، وهو يستعيد تجربة ميشال سليمان في العام 2008، الذي افرز اسمه «اتفاق الدوحة» مع غطاء عربي (مصري) ودولي (اميركي – فرنسي)، وهذا ما تحاول ان تفعله قطر مجدداً.

ونقلت مصادر التقت الوفد القطري ، انه سعى الى تأمين عبور العماد جوزف عون من اليرزة الى قصر بعبدا، فطُرح على رئيس الوفد سؤال ما اذا كان تحركه منسقاً مع السعودية، فكان جوابه ايجابا، والذي تم التأكيد عليه بانه من الضروري ان يحصل تنسيق مع «الثنائي الشيعي» الذي سمى فرنجية، اضافة الى دور الرياض التي اتخذت موقف «الحياد الايجابي» لكنها مؤثرة في لبنان.

وفي محاولة قطرية لدراسة الوضع السني، الذي كان مربوطاً بآل الحريري و «تيار المستقبل»، فان رئيس الوفد القطري التقى نوابا سُنة ومنهم من «كتلة الاعتدال الوطني» وسعى الى ان تكون الدوحة مرجعية لهم، مع التشتت الذي حصل بعد تعليق سعد الحريري العمل السياسي، حيث تشير المعلومات الى ان احمد الحريري دفع باتجاه الاجتماع مع الوفد القطري عبر النائبين نبيل بدر واحمد الخير والنائب السابق هادي حبيش للاطلاع على موقفه وامكان التعاون معه، حيث كان اللقاء عرض للمواقف، وما اذا كان وصول قائد الجيش ممكنا لرئاسة الجمهورية ضمن «تسوية رئاسية».

فمع امتناع السعودية عن تسمية مرشح لرئاسة الجمهورية، او وضع «فيتو» على اي مرشح، فان قطر حضرت باسم قائد الجيش، وهي التي تقدم الدعم للمؤسسة العسكرية. ولكن هل تنجح الدوحة في ما يمكن تسميتها «مبادرة» او «تسوية رئاسية»، في ظل استمرار التباعد مع سوريا وقيادتها؟ في وقت اعادت السعودية علاقاتها مع دمشق التي اعادتها جامعة الدول العربية الى مقعدها.

في السياسة لا خصومة او عداء دائم حيث تتقدم المصالح، فعندما اختلفت السعودية مع سوريا بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في 14 شباط 2005، حضرت قطر لعلاقة مع سوريا فكانت اكثر من جيدة، لا سيما في الاستثمار فيها، ثم جاءت الى لبنان في العام 2006 لاعادة اعمار ما هدمه العدوان الاسرائيلي، ورُفع شعار «شكراً قطر»، التي اسست لاتفاق الدوحة، وهي تقدم نفسها للمساعدة في الحل، الذي ممره في الرياض ودمشق والضاحية الجنوبية، لا سيما ان قطر التي تدعم حركة «حماس» التي عادت الى دمشق، وتركيا تنفتح على سوريا. 

الأكثر قراءة

الجبهة بين التصعيد المضبوط والحرب الشاملة... واشنطن تتدخل للجم التدهور زيارة صفا الى الامارات: المقاومة لم تقدم اي تعهدات