اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يتواصل الحَراك السياسي الداخلي للتوافق على اسم رئيس الجمهورية المقبل، وعلى المشروع السياسي للبلد، سيما أنّ رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي قد دقّ ناقوس الخطر، معلناً أنّه لا يجب أن يطول انتخاب الرئيس أكثر، وأنّ الحدّ الأقصى لإجراء هذا الاستحقاق هو 15 حزيران المقبل. وعلى هذا الأساس، فإنّ تحديد جلسة الانتخاب في التاريخ المذكور، لا بدّ وأن تفضي الى انتخاب الرئيس، ما يفرض التوافق أو الذهاب الى الجلسة بمرشَحين متنافسين، وذلك قبل انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في 1 تموز المقبل ، وحصول الشغور في المنصبين، الى جانب وجود حكومة مستقيلة تقوم بتصريف الأعمال.

وتؤكّد مصادر سياسية مطّلعة أنّ التنسيق يحصل بين جميع الأحزاب والقوى المسيحية، أي بين «التيّار الوطني الحرّ» و»القوّات اللبنانية» و»الكتائب اللبنانية» و»التجدّد» والنوّاب المستقلّين و»التغييريين»، من ضمن مبادرتي كلّ من نائب رئيس مجلس النوّاب الياس بو صعب والنائب المستقلّ غسّان سكاف، اللتين تسيران بالتوازي. ومبادرة بو صعب التي انتقلت الى المرحلة الثانية، ستضمّ ربما حوارات ولقاءات ثنائية بين المكوّنات السياسية المذكورة، بهدف مدّ الجسور وجوجلة الأسماء المطروحة والتوافق على أحدها، ليتمّ التنافس في مجلس النوّاب بين مرشَحين جديين.

ويبدو أنّ مروحة الأسماء بدأت تضيق لتوافق هذه الكتل في نهاية الأمر على اسم واحد، بعد أن تقلّص عددها الى ثلاثة أسماء وتقدّم اسمين من بينها. واللافت بأنّ «الوطني الحر» و»القوّات» اللذين يختلفان سياسياً ولن يذهبا الى «تفاهم معراب 2»، على ما تقول أوساط الحزبين، من الممكن جدّاً أن يتوافقا على اسم رئيس الجمهورية المقبل، رغم تمسّك كلّ منهما برؤيته المستقبلية للبلد، وبمشروعه السياسي المغاير للمشروع الآخر. علماً بأنّ التسوية الإقليمية قد قرّبت بين هذين المشروعين، وتسعى الى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة، بهدف تعزيز الاقتصاد فيها.

غير أنّ المصادر نفسها تجد أنّه من الصعب على النائب جبران باسيل أن يتقاطع مع فريق المعارضة على اسم مرشّحها، لأنّ هذا الأمر يعني قطعه جميع الخيوط مع حليفه حزب الله الذي لديه مرشّح معلن. من هنا، لا يبدو أنّه سيتجه الى مثل هذا الخيار، لا سيما بعد تحقيق الحزب نجاحاً واضحاً في المنطقة، وحفاظه على دوره فيها في المرحلة المقبلة. من هنا، فإنّ الاتفاق سيكون على اسم مرشّح يُرضي جميع المكوّنات السياسية التي تتشاور فيما بينها، ولا يكون بالتالي محسوباً على أي فريق سياسي، ما يجعل الحزب يقبله، كونه نتيجه التوافق المسيحي الذي ينتظره للذهاب الى انتخاب الرئيس.

أمّا هذه الأسماء فباتت معروفة، على ما أضافت المصادر، وهي جهاد أزعور الذي يؤيّده «الوطني الحر» ولا تضع «القوّات» أي «فيتو» على اسمه، وصلاح حنين، فضلاً عن قائد الجيش العماد جوزف عون الذي تسوّق له المبادرة القطرية من خلال موفدها وزير الدولة في وزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز الخليفي بدعم أميركي، لتبيان إذا كانت حظوظه وأسهمه يمكن أن تطغى على حظوظ فرنجية. في الوقت الذي تراجعت فيه المبادرة الفرنسية التي كانت تطرح اسم فرنجية رئيساً للجمهورية مقابل السفير نوّاف سلام رئيساً للحكومة، لكيلا نقول سقطت، إذ لم تلقَ أي تجاوب من الكتل النيابية في الداخل.

وإذ تجاهر دول الخارج علناً بأنّه على اللبنانيين انتخاب رئيسهم، وتحديد موقع بلادهم في المرحلة المقبلة، أي مساعدة أنفسهم لكي يتمكّن الخارج من مساعدتهم، لفتت المصادر عينها، الى أنّ هذه الدول لا تترك لبنان ليُقرّر بنفسه في الواقع، على ما تعلن، بل تتدخّل عبر سفرائها ومندوبيها للترويج لهذا المرشّح أو ذاك. علماً بأنّها لا تضغط، كونها غير قادرة على إيصال أي مرشّح تؤيّده أو تدعمه لصعوبة تأمين 86 صوتاً للنصاب القانوني في جلسة الانتخاب. فأي فريق يلمس أنّ الفريق الآخر بإمكانه الحصول على 65 صوتاً لمرشّحه في الدورة الأولى، سيكون مستعدّاً في حال عدم الاتفاق فيما بينهما، لتطيير النصاب القانوني لانتخابه في الدورة الثانية. ومن هنا، يعوّل الخارج على الاتفاق الداخلي، ليتمكّن المسؤولون اللبنانيون من نقل لبنان الى مرحلة جديدة تتمشى مع التغيّرات الحاصلة في المنطقة والعالم، لا سيما على صعيد التسويات الإقليمية والدولية التي تحصل بين أكثر من دولة. أمّا عناوين المرحلة المقبلة فلا بدّ من مناقشتها بين جميع المكوّنات السياسية، رغم الخلافات السياسية القائمة، توصلاً الى حلول تصبّ في مصلحة لبنان قبل أي شيء آخر.

وتُبدي المصادر تفاؤلها بأن تتوصّل إحدى المبادرتين الداخليتين الى اتفاق ما قد يطبق على بقية الأفرقاء، في حال اختاروا التقارب لإنقاذ البلد من الأزمة السياسية والاقتصادية والمالية التي يتخبّط فيها. فالأوراق كلّها تختلط، وقد رأينا المرشّح فرنجية يزور السفير السعودي في اليرزة في لقاء وصفه فرنجية بأنّه «كان وديّاً وممتازاً»، وأعاد خلاله البخاري التأكيد على أنّ بلاده لا تضع «الفيتو» على أي مرشّح. كما زار البخاري تكتّل «الاعتدال الوطني» في مركزه في الصيفي. فهل تتواصل اللقاءات والمشاورات بين مختلف الأطراف، ويذهب الجميع الى الخطّة «ب» للوصول الى اتفاق قريب؟!