اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لبنان الغارق في الازمات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية، يعاني من انهيار بناه التحتية بشكل شبه كلي، ومهدد بانحلال مجالاته الحيوية مثل الاتصالات و»الانترنت»، وذلك من بعد رفع التعرفة، الى جانب دولرة كافة القطاعات وآخرها قطاع المحروقات. تضاف اليه اليوم، مشكلة المياه مع بداية دخول فصل الصيف، ليستعد أصحاب «السيترنات» للاستثمار غير المشروط لتعبئة الخزانات، ضمن إطار سوق سوداء مفتوحة كونه يعول عليه الكثيرون في هذا الموسم، ولا يخلو من الغبن والاستكراد والاستغلال. وما تجدر الإشارة اليه ان تعرفة بدل «الصهريج» ستصبح بالدولار، شأنها شأن كل شيء بات يخضع لمبدأ «الدولرة». وبهذا تتضاعف مشاكل المواطن التي أصبحت تثقل كاهله، وتضعه امام مصير سوداوي.

في سياق متصل، فان مياه الدولة تصل بشكل يومي ووفير الى مناطق، في حين ان أخرى لا تراها الا سويعات قليلة في الشهر وإن أتت تكون خفيفة.

لبنان الذي يعتبر اغنى بلد عربي بالمياه، وينفرد بثروة مائية مميزة لجهة نوعية صخوره الكلسية، التي تختزن المياه وتدفقها على شكل ينابيع، فإن الإدارة الفاشلة لمؤسساته أدت الى انقطاع المياه عن الأغلبية الساحقة من المواطنين، على الرغم من ان بورصته المائية مرتفعة.

لبنان لا يعاني من التصحّر

ان شح المياه في لبنان ليس بسبب التصحّر المناخي الذي تعاني منه دولا عربية وإقليمية، بل نتيجة التلكؤ من جهة المسؤولين عن وضع خطط مدروسة لتوزيع الثروة المائية، ما يدل على كيديات سياسية شخصية وفردية في هذا الملف، او بسبب الهدر المقصود في الأموال المخصصة لبناء السدود، او عدم وجودها لصيانة معامل تكرير المياه، الى جانب المحسوبيات في إطار إعطاء رخص حفر الآبار الارتوازية، التي تجعل أصحابها يستأثرون بالمياه الجوفية، ويعمدون الى بيعها عن طريق الصهاريج المرهونة لهذه الغاية. وهذا دليل جلي على ان فئة تحتكر المياه، كونها اصبحت كتجارة قائمة بحد ذاتها، وطابور جديد يضاف الى طوابير التجار المحسوبين على سياسيين، او لهم سلطة نافذة تستغل الوضع بهدف جمع المزيد من الأموال الطائلة.

بالمقابل، يوجد في بيروت 80 ألف بئر، ربعها فقط مرخص والباقي محتكر، وتبقى العقبة في كيفية اتخاذ إجراءات صائبة وتنفيذها من قبل السياسيين لما فيه مصلحة الشعب.

قد لا يعرف الكثيرون ان لبنان لا يتأثر بالعوامل الطبيعية، بل بالمصالح الشخصية الضيقة والمناكفات المناطقية. وهذا الامر يهدد الامن المائي تحت ذرائع مختلفة منها: انقطاع الكهرباء، عدم توافر المحروقات لتشغيل الموتورات، الى جانب اهتراء الامدادات من قساطل، وحديثا تمت سرقة بعضها. والطامة الكبرى تكمن في عملية اختلاس مليارات الدولارات المخصصة لصيانة معامل الكهرباء وتكرير المياه، في ظل سياسات الهدر والفساد والكيدية السياسية القائمة في البلاد، الامر الذي سيعجّل نحو العطش الجماعي، والى الوقوف في طوابير جديدة لتعبئة «غالون ماء»، ليكون لبنان على خطى الصومال وجنوب افريقيا، بلدا جائعا للمياه قبل الطعام.

شكوى من الأهالي

في سياق متصل، تلقت «الديار» شكوى وعريضة من قبل أهالي منطقة المطيلب مفادها: «ان المياه لا يرونها طوال أيام الشهر، وقد تأتي الا انها تكون خفيفة ولمرة واحدة كحد اقصى». وأضافوا «لا نستفيد منها كونها تفتقد الضغط فلا يمكن وصولها الى خزاناتنا، وبالتالي من المستحيل تعبئة أكثر من 300 ليتر اثناء الوقت الذي تأتي فيه».

وتابعوا «بدل الاشتراك السنوي لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان ارتفع من 300 ألف ل. ل. الى 960 الفا، ثم على دفعة واحدة الى 4 ملايين و100 ألف ليرة لبنانية. السيد ج. س. قال لـ «الديار» «نشتري المياه في الأسبوع لأكثر من 3 مرات، وكل 1000 ليتر مقابل 600 ألف ليرة، ونحن ما زلنا في فصل الشتاء، وهذه التعرفة لن تبقى على حالها في الصيف»، واشار الى ان اماكن دفع البدلات المترتبة على المواطنين تشهد اكتظاظا كبيرا، ما يدل على ان مؤسسة المياه تحصّل الأموال المترتبة عليهم».

ولفت الى انه « قبل الازمة كانت المياه تأتي يوما بعد يوم، ولكن منذ حوالى السنتين لا نراها الا قليلا، وتأتي خفيفة لا نستفيد منها في أي عمل، حتى ان خزاناتنا لا تمتلىء بسبب ضعف ضغطها. نعاني من جفاف بكل ما للكلمة من معنى، وأضحى أصحاب الصهاريج يتحكمون برقابنا، وقد حاولنا التواصل مع مؤســسة مياه بيروت وجبل لبنان لكن لم نلق آذانا صاغية، فقد أتوا ووضعوا قسطلا منفصلا للبناية الأعلى»، واشار الى «انه تم رشي موظف المؤسسة من قِبَل أحد الأشخاص في ذلك المبنى، لذا تم إغداقها بالمياه من خلال قفل يحول دون وصولها الى المباني السفلية، وبذلك يحرم عشرات المواطنين من الاستفادة منها».

مؤسسة مياه بيروت تبرّر!

حملت «الديار» ادعاءات الأهالي الى مسؤولة مكتب شكاوى مياه بيروت وجبل لبنان تينا رزق الله، التي نفت كل ما يقال عن المحاصصة في توزيع المياه، وقالت: « بعد ان تلقيت اعتراضاً من احدى المواطنات مفادها ان المياه مقطوعة عن أهالي منطقة المطيلب، قمت بالإشراف على هذا الموضوع، وتأكدت ان المياه باتت تصل الى اعلى مبنى ، وعلى هذا الأساس اعتبرنا ان المشكلة قد حلت». تابعت « في حال وجود بناية أخرى، فنحن مستعدون لمعالجة المشكلة وسنرسل فريقا للكشف ولمعرفة الأمور عن كثب».

اضافت «لا يمكنني انكار الظروف القاسية التي تمر بها المؤسسة منذ أكثر من حوالى السنة وأكثر، حيث ان هذا الكأس مرّ على جميع اللبنانيين، ولا يوجد فائض مياه في مناطق المتن الأعلى او المتن الساحلي على حساب دوائر أخرى، ولكن يوجد تقطيع في توزيعها».

اما عن المناطق التي لا تنقطع فيها المياه بشكل يومي، فعللت رزق الله بالقول: «هي خارج منطقة المطيلب، فعلى سبيل المثال منطقة اللويزة في قضاء بعبدا لا تنقطع المياه عنها بتاتا، وهذا ليس لأننا نميزها او نفرقها عن غير مناطق، انما هذا يعود الى المصدر الجيد الذي تتزوّد منه، وهذا يطبّق على الآبار بحيث مرات تكون جيدة، وأحيانا تبدأ بالتراجع مثل منطقة السبتية».

المشكلة في الامدادات

وفي جولة ميدانية قامت بها «الديار» شملت منطقة كرم الزيتون والاشرفية وبرج حمود والجديدة والحدت واللويزة في بعبدا، فإن المياه متوافرة بشكل منتظم طوال أيام الأسبوع، وقد عزت مصادر مؤسسة مياه بيروت سبب عدم انقطاع المياه عنها الى المنبع الذي يغذيها. مع العلم ان قساطل هذه المناطق ليست أفضل حالا من امدادات مناطق المتن، والدليل على ذلك ان «اليازا» توجهت منذ أسابيع ببيان الى المسؤولين لحل مشكلة المياه المنتشرة في بعبدا، خوفا من وقوع حوادث سير جرّاء «التزحيط»، وهذا يدل على ان الدعامات مهترئة وانفجرت، وبدأت تسرّب المياه من باطن الأرض الى ظاهرها. 

الأكثر قراءة

هكذا نفّذت عمليّة اصفهان العسكريّة – الأمنيّة المركبة