اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يحاول الكيان الصهيوني إنقاذ نفسه بسلاح العدوانية الوحيد الذي يمتلكه، إلا أنه مع كل محاولة يَغرق أكثر في مستنقع واقعه المأزوم داخلياً وخارجياً، فصورته القديمة تلاشت مع تراكم خساراته، وحلّت مكانها صورة الكيان الذي يحاول أن يُلملم نفسه وقوة ردعه، في البحث عن جبهة يستطيع من خلالها تحقيق ذلك، إلا أن لكل جبهة حساباتها.

هذه الحسابات تدفع باتجاه سؤال حول مضمونها لمعرفة أي جبهة يختار العدو، ولماذا يقع الإختيار على حركة الجهاد الإسلامي في الفترة الأخيرة، ويتقصد استهداف قادتها دون غيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة؟

١- ارتباط حركة الجهاد بإيران وحزب الله، فيتعامل «الإسرائيلي» معها وكأنه يتعامل معهما، بما أن فتح جبهة مباشرة مع طهران والحزب تفوق قدرته.

٢- حركة الجهاد تُعتبر ثاني قوة أساسية في غزة والضفة.

٣- تَعتبر «اسرائيل» أن الأسلحة الدقيقة الموجودة في إيران بين يَديْ الجهاد، باعتبارها الذراع الأساسي لها في فلسطين المحتلة.

٤- حركة الجهاد هي حركة مقاومة ليس لها علاقة بالسلطة ومشاكلها.

٥- العمق الإستراتيجي للجهاد إيران ومحور المقاومة، بينما حماس العمق الإستراتيجي لها الدول العربية بمرجعيتها الدينية «الإخوانية» التي تمثلها حركة حماس.

٦- هذه معركة محدودة بين المعارك يريد العدو الإسرائيلي من خلالها توجيه رسالة لإيران من خلال ضرب الجهاد.

فنتنياهو ومن خلال ما يردده دائماً، وأكد عليه في مؤتمره الصحفي الأخير، يَعتبر أن مشكلته الأساسية «الجمهورية الاسلامية الايرانية» ، وأنها هي مَن تريد معركة متعددة الساحات ضدهم وأن ٩٥% من مشاكلهم منها ، فهي تُشكِّل لهم ثلاثة تهديدات وفق توصيف نتنياهو: ١- دولة نووية. ٢- دولة صاروخية. ٣- دولة عدوانية تقوم بتجييش دول محور المقاومة ضدهم الى درجة أن أي مناورة يقوم بها جيش الاحتلال أصبحت تحاكي عدة جبهات وليس جبهة واحدة، من هنا يَعتبر نتنياهو أن ضرب «الجهاد» يعني ضرب إيران، باعتبارها جزءاً منها وفق ما يحاول إيصاله للرأي العام الإسرائيلي.

إلا أن رغم محاولات نتنياهو لقد بات واضحاً أن الفكرة الرائجة في الداخل الإسرائيلي بعد كل معركة، أن «إسرائيل» هي التي تبدأ بها ولكن ليست هي مَن تُنهيها، عدا الفشل في تحقيق الإجماع الداخلي لحرف الأنظار عن أزمتهم، بالإضافة الى الخسارة التي سببتها لهم المعركة، والتي تُعادل حوالى ٩١٢ مليون دولار، ولا ننسى الحرب النفسية التي تُشَن عليهم والتي ليس لها مثيل بتاريخ الكيان.

فبعد معركة وحدة الساحات وبعدما استطاعت حركة الجهاد شل الكيان لمدة ثلاثة أيام وأثبتت أنها تمتلك قوة صاروخية مهمة، أراد نتنياهو تصفية قادتها لإنهاء ظاهرة الصواريخ، إلا أنه فعلياً فشل في تحقيق هذا الهدف بعدما أغرق الجهاد الكيان بصواريخه خلال أيام المعركة، وحتى عندما لجأت «اسرائيل» الى وساطة مصر من أجل وقف إطلاق نار، فرضت المقاومة شروطها أن ذلك لن يتحقق إلا إذا قابله تعهّد بوقف الاغتيالات وأن تكون الضربة الأخيرة لحركة الجهاد، بالإضافة الى تثبيت معادلة الردع التي أرستها معركة وحدة الساحات.

كما نتائج جولات المعارك السابقة لم يحقق العدو أيا من أهدافه رغم اغتيال قادة كبار من حركة الجهاد التي استطاعت ترميم بنيتها القيادية بسرعة، ورغم الإعلان عن غرفة عمليات مشتركة رداً على محاولات الاستفراد الإسرائيلية بكل فصيل على حِدة والتي اعتبرها الأمين العام لحركة الجهاد زياد النخالة أنها كانت جداراً استندت إليه سرايا القدس وبذلك فوّتت الفرصة على العدو أن يُفرّقهم، إلا أن المعركة كانت معركة الجهاد التي خرجت منها أقوى للمرة الثانية على التوالي الى درجة حدوث تكافؤ في المعركة حتى لو كان محدوداً، ما يؤكد أن الحركة تستطيع خوض معركة وحدها تدفع بها العدو لطلب وقف إطلاق النار عبر وسطاء قبل أن تصل الى مرحلة طلب مساعدة المحور الذي لن يتردد في تقديم المساعدة في أي وقت تفرض المسؤولية ذلك، كما أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير.

إذاً... مِن وحدة الساحات لثأر الأحرار، تُراكِم المقاومة الفلسطينية وتحديداً حركة الجهاد الإسلامي إنجازاتها الإقليمية في مواجهة الكيان الصهيوني الذي حوّل بعدوانيته «الجهاد» من فصيل مقاوم الى قوة إقليمية تفرض وتُثبّت معادلات وان ما أظهرته من قدرات بمفردها يُصعّب على الإسرائيلي أكثر فكرة مواجهة محور المقاومة مجتمعاً... 

الأكثر قراءة

نهاية الزمن اليهودي في أميركا؟