اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

بديهي السؤال وضروري: ألا يخاف الأمير محمد بن سلمان من أميركا؟ حين يكون أمامنا ذاك المسار الطويل، والمثقل بالتقاطعات السياسية والاستراتيجية بين واشنطن والرياض، التي طالما اضطلعت بدور الظهير الأميركي في العالم العربي، كما في العالم (الافتراضي) الذي يدعى ... العالم الاسلامي.

حتى في باريس، كعربي، يطرحون عليك السؤال اياه، ليضيفوا «أن رئيسنا يحاول تقليد ولي العهد السعودي، ولكن يبدو أن هذا الأخير أكثر براعة وأكثر قدرة منه في ارباك البيت الأبيض»!

تلك العلاقات لم تتوثق فقط منذ لقاء الملك عبد العزيز والرئيس فرنكلين روزفلت عقب مؤتمر يالطا في شباط 1945، وانما في عام 1932 عندما أعطى الملك المؤسس شركة «ستاندرد أويل» الأميركية حق التنقيب عن النفط لمدة 66 عاماً.

لا شك أن الملك سلمان وضع ابنه في خفايا وخلفيات اغتيال شقيقه الملك فيصل في 25 آذار 1975، بعدما كان وراء قرار وزراء النفط العرب في 17 تشرين الأول 1973، حظر تصدير النفط الى الولايات المتحدة. آنذاك وصف هنري كيسنجر ما حدث بـ»بيرل هاربر أخرى»، ولكن في الشرق الأوسط (باري ماتش الفرنسية) .

على مضض، ضبط الأميركيون أعصابهم حيال اقامة المملكة علاقات استراتيجية مع الصين، وتوثيق العلاقة مع روسيا. « النيويورك تايمز» سألت ما اذا كان ذلك يعني اطلاق نواة النظام العالمي (الأفقي لا العمودي) من خارج كونسورتيوم القوى العظمى.

السؤال وجهناه الى بعض الشخصيات السعودية، ومن قطاعات مختلفة. الاجابة الأولى «اذا أردت أن تتعرف الى شخصية سمو الأمير، لاحظ أنه رفض عشرات المرات، اصرار أبيه على نقل العرش اليه . هذا الموقف له دلالاته حول طبيعة تلك الشخصية بالرؤية المتزنة، وبالاعتماد على مستشارين من أصحاب الأدمغة المميزة».

ديبلوماسي فرنسي عمل طويلاً في المملكة قال لنا «رجل صنع ويصنع رأسه بمنتهى الاتقان، وفي منطقة قد تكون الأكثر تعقيداً في الكرة الأرضية، هذا ما جعله يلمّ بكل مواقع الخلل في ادارة المملكة التي، بالرغم من أن الملك فيها هو رأس الدولة، كانت هناك رؤوس عديدة داخل العائلة المالكة، ما انعكس سلبياً ليس فقط على السياسات وعلى المال العام، وانما أيضاً على البنية الديناميكية للدولة».

التوزيع الفوضوي لمراكز القوى جعل المؤسسات العسكرية والأمنية اقطاعات قبلية، ما كرّس الفلسقة الهشة للمجتمع الذي كان عليه الاجترار السوسيولوجي، بالتداخل الدرامي بين الايديولوجي والقبلي، بعيداً عن تسونامي الحداثة الذي يجتاح العالم.

الآن رأس واحد لعائلة موحدة ولسلطة موحدة، نحت مظلة الملك سلمان، كشخصية لها عراقتها وتجربتها. كل شيء يدار أوركسترالياً، بما في ذلك المؤسسة العسكرية، ناهيك بالأجهزة الأمنية، وبعدما كانت وكالة الاستخبارات المركزية، وتحت شعار التعاون والتنسيق، موجودة في كل الغرف وفي كل الرؤوس.

هل يمكن القول إن الأميركيين لم يعودوا هناك ؟ بطبيعة الحال لا يزال هناك الكثير من المصالح المشتركة، ولكن بمعادلة الند للند، لا المضي في ثقافة التماهي.

واذا كان هذا الوضع «لا يعجب الأميركيين، فهم يدركون مدى شعبية ولي العهد، ومدى استقطابه للتحولات التي يقودها للاقتراب أكثر فأكثر من ثقافة القرن»...

«يدركون أيضاً ما البديل ومن البديل اذا حاولوا اللعب بالنار. الفوضى. هناك من هم داخل الكهوف ويتربصون للانقضاض بمفاهيم العصر الحجري، اذا حدث أي تحول خطر في الوضع الحالي للسلطة» .

تأكيد بأن «المطرقة السعودية» لم تعد بيد واشنطن. «سمو الأمير ضاق ذرعاً بالتقلبات الأميركية، ولقد آن الأوان لبناء دولة لا تكون القهرمانة، ولا تكون الرهينة».

سؤالنا الأخير «هل هذا يزيل الخوف من رأس الأمير» ؟ الرد «ان الاميركيين لا يؤتمنون، لكنهم يدركون أن ثمة رجلاً آخر، ورؤية أخرى في قصر اليمامة»!!...

الفرنسيون يتوقعون أن تكون المنطقة أمام مرحلة «لا أميركية». «شرق أوسط شرق أوسطي»!! 

الأكثر قراءة

بعد انكشاف نقاط ضعف «إسرائيل»... تحرّك غربي لتحييد منظومة حزب الله الصاروخيّة! ترسانة مُتطوّرة ودقيقة من المسافة «صفر» و«كمين جولاني» رسالة جهوزيّة الأمن الغذائي مُؤمّن لـ 3 أشهر... ولا ضمانات بتغيير سياسة أوروبا في ملف النزوح