اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مما لا شك فيه أن صفحة جديدة قد فُتحت أمام لبنان على خلفية التلاقي بين الدول العربية، في ظاهرة غير مسبوقة منذ سنوات، ولا بد من أن تكون لها تردّدات إيجابية بمستوى حصول انفراجات في ملفات المنطقة الساخنة، على أن ينسحب المزاج العربي الجديد على أكثر من ساحة عربية، ومن بينها على وجه الخصوص الساحة اللبنانية، التي لا تزال في موقع المتفرّج والإنتظار لتمدّد هذه الموجة التفاؤلية وتترجم بشكل ملموس من خلال تفاهمات داخلية قد تأخّرت كثيراً. وتقول أوساط سياسية واسعة الإطلاع واكبت القمة عن قرب، أن توافقاً عربياً قد بات ثابتاً، ومن شأنه أن يرسي معادلة "تصفير" المشاكل بين الدول العربية، من أجل الوصول إلى ترجمة البيان الختامي لقمة جدة، والذي ركّز على الحوار والتنمية، التي لا بد أن تصيب كافة الدول العربية المشارِكة.

إلا أن الأوساط نفسها، ترى أن هذا الحرص العربي الجامع على لبنان، لا يعني أن الأزمات الكثيرة قد وجدت طريقها إلى الحل، أو أنها ستكون مسؤولية عربية فقط، بل تؤكد الأوساط، أن الدور الداخلي هو الأساس في أي عملية تسوية وإيجاد حلول وإتمام الإستحقاقات الدستورية، بدءاً بإنجاز الإنتخابات الرئاسية كخطوة أولى، قبل الإنتقال إلى مرحلة التنفيذ والعمل الجاد من أجل نقل الساحة اللبنانية من مكان إلى آخر.

وتضيف الأوساط عينها، أن الإتفاق السياسي الداخلي هو أمر مطلوب، ولكن حتى اللحظة لا يبدو ممكناً على أرض الواقع، كون كل فريق يفسّر الفقرة المتعلقة بلبنان في بيان قمة جدة وفق رؤيته للواقع المحلي السياسي والإقتصادي، وحتى الأمني، ولكن الاوساط تكشف أن هذه المعطيات لا تعني أن الساحة اللبنانية ستبقى بمنأى عن الرياح العربية الإيجابية، لا سيما في ضوء القرار العربي المتّخذ بمساعدة لبنان على تجاوز محنته من دون أي تأخير، وبالتالي دفع اللبنانيين في اتجاه واحد يؤدي إلى تسوية سريعة لملف الرئاسة، وتفادي البقاء على حافة الإنهيار، لأن ما من مجال بعد الآن لإضاعة الوقت.

ومن ضمن هذا السياق، تابعت الأوساط نفسها، إن الحراك الديبلوماسي العربي سيعود مجدّداً إعتباراً من الأيام القليلة المقبلة من خلال جولة لقاءات جديدة على المسؤولين والقيادات السياسية والحزبية سيقوم بها سفير المملكة العربية السعودية في بيروت وليد البخاري، من أجل استكمال البحث الذي كان قد بدأه في جولاته السابقة، ولكن مع المزيد من الحسم والتأكيد على وجود خلفية عربية داعمة ومؤثّرة خارج حدود التعابير الإنشائية والدعم الكلامي فقط.

وعليه، فإن الأوساط ذاتها، تتوقع بروز معطيات مختلفة في هذه الجولة، تسمح بأن تبدأ عملية تنفيذ بنود القرار العربي المتّخذ بالتسوية، وبالتالي زوال كل العوائق السابقة عندما كان لبنان مجالاً لتبادل الرسائل الإقليمية، من دون أي اعتبار لوضعه الداخلي الهشّ، والذي أدّى إلى الأزمة الخطيرة التي لا تزال تهدّد مؤسّساته الشرعية. وبالتالي، فإن أي مناورات متصلة بمناخات خارجية قد سقطت، ولم يعد أمام الأطراف الداخلية إلا بالإفادة من الضوء الأخضر الإقليمي، وإنجاز تسوية رئاسية، علماً أنه في كل المراحل لم يكن انتخاب الرئيس خارج هذا الإطار التسووي.

الأكثر قراءة

نهاية الزمن اليهودي في أميركا؟