اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في خطوة وصفها المراقبون بـ"تكريس الاحتلال"، بدأت تركيا العمل في مشروع بناء وحدات سكنية جديدة في شمال سوريا، إذ تسعى ‏أنقرة لإعادة اللاجئين السوريين إلى بلدهم‎.‎

وبدأت أعمال صبّ أساسات عدد من المنازل في موقع المشروع على أطراف بلدة الغندورة في منطقة جرابلس الحدودية مع تركيا، وفقا لشبكة "سكاي نيوز" الإخبارية.

وقال وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، خلال وضع حجر الأساس للمشروع: "سيستقر لاجئون سوريون يعيشون في تركيا في المنازل في إطار العودة الطوعية والتي تحفظ كرامتهم".

وأكد الخبراء أن تركيا تسعى من هذه الخطوة إلى تغيير ديموغرافي في الشمال السوري يكرّس من احتلالها ووجودها في هذه المنطقة بعد طرد السكان الأصليين منها، مشيرين إلى أن هذه التحركات من شأنها أن تعرقل المباحثات القائمة بين دمشق وأنقرة.

اعتبر المحلل السياسي والاستراتيجي السوري الدكتور أسامة دنورة، أن "أي عمل من هذا النوع تقوم به قوة احتلال من جانب واحد من النظرة القانونية يعد انتهاكا لسيادة الدولة ضمن المناطق التي تقع تحت الاحتلال، إضافة إلى أن الشبهات تحيط بالأجندة التركية فيما يتعلق بالتغيير الديمغرافي في المناطق التي تحتلها، وهو الأمر الذي قامت به القوات التركية بصورة مباشرة، أو عن طريق الميليشيات الإرهابية التي تدعمها كما حدث بعد احتلال عفرين".

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، "أما من المنظور السياسي الداخلي في تركيا، فيعد التعامل مع معضلة اللاجئين واحدا من أهم الركائز التي سيحكم عن طريقها الناخب التركي على القوى السياسية المتصارعة ضمن صناديق الاقتراع، ومن المؤكد أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يحاول أن يسحب هذه الورقة من يد منافسه، كمال كليجدار أوغلو، الذي يُعتبر موقفه فيما يتعلق بقضية اللاجئين أكثر وضوحا ونهائية، لا سيما أن أداء أردوغان السياسي هو الذي تسبب بالمشكلة من أساسها، عبر الدعم السياسي اللامحدود الذي قدمه لمشروع نشر الفوضى في سوريا، فضلا عن الدعم الذي قدمه ولا تزال الميليشيات الإرهابية هناك".

وأكد أن "هناك شريحتان من الناخبين يعول عليهما كثقل مرجّح أو بيضة قبان في الانتخابات، الأول هو الناخب الكردي الذي حُسم موقفه (ضمن خطوطه العريضة) لمصلحة أوغلو بعد الاصطفاف الصريح لحزب الشعوب الديمقراطي و"اليسار الأخضر" ضد أردوغان، أما الشريحة الثانية فهي الاتجاه القومي المتشدد المعادي لسياسة استقبال واستيعاب اللاجئين".

وتابع دنورة: "على الرغم من أن الثقل الانتخابي الأكبر ضمن هذه الشريحة يبدو منخرطا ضمن "تحالف الشعب" المؤيد لأردوغان عبر شريكه "حزب الحركة القومية"، إلا أن وجود ميرال أكشينار وانحياز أوميت أوزداغ إلى جانب أوغلو يهدد "تحالف الشعب" بخسارة نسبة يصعب التكهن بها من أصوات اليمين القومي المتشدد، إذ أعلن أوزداغ في مؤتمر صحفي مع أوغلو اتفاقهما على إعادة المهاجرين في تركيا إلى بلدانهم الأصلية في غضون عام، بعد فوزهم في الانتخابات".

وأوضح أن "ربط الحليفين وجود 13 مليون لاجئ بالتراجع الاقتصادي التركي، يعتبر ورقة إقناع لا يستهان بها في المشهد الانتخابي، لا سيما بعد أن صرح أوزداغ أن خلال لقائه مع نائب رئيس حزب العدالة والتنمية، لمس أن موضوع إعادة اللاجئين ليس أولوية لحزب أردوغان"، مشيرا إلى أن "المشهد السابق يدلل على رغبة أردوغان في إقناع الناخبين بأن لديه برنامج واضح فيما يتعلق بمسألة اللاجئين كواحدة من الأولويات الانتخابية قبل يومين من جولة الإعادة للرئاسيات".

إحتلال وهيمنة

بدوره، اعتبر المحلل السياسي السوري، عمر رحمون، أن "بناء تركيا لوحدات سكنية في الشمال من أجل إعادة اللاجئين إليها، نوع من أنواع الاحتلال وتكريس الهيمنة التركية هناك، فإعادة اللاجئين تعني عودتهم إلى قراهم ومدنهم وبيوتهم وليس إعادتهم للشمال الذي تحتله تركيا مع الفصائل المعارضة التابعة لها".

وبحسب حديثه لـ "سبوتنيك"، فإن "إعادة النازحين السوريين إلى الشمال السوري هو تغيير ديموغرافي متعمّد غايته الاحتلال على المدى البعيد، ويهدف إلى تأكيد تنفيذ أنقرة لاتفاق الملا الذي وقّع عليه البرلمان التركي في عشرينيات القرن الماضي".

وتابع: "نحن في سوريا مقتنعين أن تركيا تحمل مخططا احتلاليا للشمال السوري، وكل ما تفعله من "تتريك" المناهج والمؤسسات والمشافي في الشمال، وتجنيس المواطنين السوريين بالجنسية التركية ومؤخرا البناء السكني يؤكد ذلك".

ويرى أن "بناء أنقرة تجمعات سكنية غايتها إعادة اللاجئين السوريين لهذه المنطقة حتى يشاركوا في تغيير المنطقة ديمغرافيا، إذ احتلت تركيا المنطقة وطردت الكرد والسكان الأصليين من هذه المناطق وتأتي ببعض اللاجئين أصولهم من حمص ودرعا ودمشق ليسكنوا في الشمال السوري".

وأشار رحمون إلى أن "هذه الخطوة تأتي على طريق تكريس الاحتلال، ومن شأنها أن تعكر جو المحادثات القائمة بين دمشق وأنقرة، وتدل على سوء نية النظام التركي الطامع في الشمال السوري، ويعمل ليل نهار من أجل احتلال هذه المنطقة".

وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أعلن في وقت سابق من الشهر الجاري، أن بلاده تعتزم بدعم من منظمات إغاثية دولية بناء مئتي ألف وحدة سكنية في 13 موقعا في سوريا، في خطوة تهدف إلى إعادة مليون لاجئ سوري يقيمون في تركيا، وفقا لـ"سكاي نيوز".

وقبل يومين، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن بلاده قررت تشكيل لجنة مهمتها إعداد خارطة طريق وخطة عمل لتطبيع العلاقات مع سوريا، لافتا إلى أن اللجنة ستبدأ عملها خلال أيام.

وكان وزير الخارجية السوري، فيصل المقداد، قد أكد في وقت سابق، أن تركيا وسوريا لديهما الفرصة للعمل المشترك لتحقيق تطلعات شعبي البلدين.

وأضاف المقداد: "تجمع سوريا وتركيا حدود طويلة وأهداف ومصالح مشتركة، ونعتقد أنه على الرغم من كل سلبيات السنوات الماضية، فإن البلدين لديهما فرصة للعمل بشكل مشترك".

وأكد الوزير السوري أن دمشق منفتحة على الحوار مع أنقرة، باعتباره السبيل الأفضل للوصول إلى الأهداف المرجوة، طالما أن ذلك يستند إلى الاحترام المتبادل لسيادة الدولة واستقلالها ووحدتها وسلامة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية. 

سبوتنيك

الكلمات الدالة

الأكثر قراءة

لا جديد عند حزب الله رئاسياً... باسيل يطلب ضمانات خطية... وفرنجية لن ينسحب ماكرون «المتوجس» من توسيع الحرب يلتقي اليوم ميقاتي والعماد جوزاف عون مسيّرات المقاومة الانقضاضية تغيّر قواعد الاشتباك: المنطقة على «حافة الهاوية»؟