اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

"التعليم للميسورين". "هل يصبح التعليم ترفا"؟ هذا ما بات اللبناني يردده في حياته اليومية الصاخبة بالغلاء وارتفاع المعيشة، لا سيّما بعد ان أبلغت عدة مدارس خاصة الاهل بالزيادات المستجدة على المستلزمات المدرسية الى جانب الرسوم. فالأقساط التي أصبحت بآلاف الدولارات، قسم منها يدفع بالدولار والجزء المتبقي يُسدد بالعملة الوطنية، كما ان الاضافات تصل الى 5 اضعاف وأكثر.

ففي العام المنصرم أنشئ صندوق دعم للأساتذة يموله أهالي الطلاب بالدولار الفرش، بذريعة الحفاظ على المعلمين والاستمرارية وجودة التعليم ، خاصة بعد ان دخل التعليم الرسمي في حالة الموت السريري، ما ضاعف من سطوة المدارس الخاصة التي استطاعت تغطية كل مواد العام الدراسي السابق بحدود الـ 76% مقابل 25% في الرسمي. وبذلك فإن جودة التعليم الخاص بلغت 73% ، ومتوسط الأقساط تضاعف من 2355 دولاراً الى 3620.

دراسة تكشف التحديات

في سياق متصل، أجرى مركز الدراسات اللبنانية (CLS) دراسته السنوية، حول تأثير الازمة الاقتصادية الراهنة على قطاع التعليم في لبنان. وكشف ان الوضع في اغلبيته كما هو دون تغيير، بحيث ان التحديات التي عانى منها الطلاب والاهل والأساتذة في السنوات الدراسية السابقة ما زالت قائمة، مما يعرض قطاع التعليم في لبنان، وفرص التعليم لحوالي مليون طالب لبناني وسوري للخطر. وجاء في الاستبيان الذي أعده الباحث محمد حمود التالي: "التحديات الراهنة تؤثر على معيشة الأساتذة الذين يجدون أنفسهم في دوامة من عدم الأمان الاجتماعي. أكثر من 30 ألف معلم/ة في المدارس الرسمية، وأكثر من 50 ألف معلم/ة في الخاصة، ما زالوا في حالة ضياع بين صرف رواتبهم الضئيلة على نفقات المعيشة الأساسية او استخدامها لتغطية كلفة التنقل الى المدرسة".

من ناحية أخرى، لفت الاستقصاء الى "ان الاهل يواجهون معضلة من نوع آخر، فخلال السنوات الثلاث الماضية اضطر العديد منهم لنقل أطفالهم من الخاصة الى الرسمية، لتحاشي الزيادة غير المنظمة في الرسوم المدرسية، ليتفاجأوا بانقطاعات مستمرة في التعليم الرسمي واضرابات متكررة نتيجة عدم الاستجابة الى مطالب الأساتذة. وبذلك أصبح التعليم الرسمي خيارا اقل جاذبية، لكنه البديل الوحيد المتاح من حيث القدرة على تحمل كلفته المادية. ووسط هذه التحديات المتزايدة، أعلن وزير التربية ان بدء العام الدراسي القادم سيعتمد فقط على توفر التمويل، مما اثار القلق بين طلاب المدارس الرسمية وعائلاتهم. وحتى الساعة لا الحلول الفعلية او التعهدات بتأمين التمويل المطلوب لبدء العام الدراسي متوافرة".

وقال المركز "خلال الأشهر الخمسة الماضية، أجرينا تقييما لجهوزية الطلاب والاهل والأساتذة للعام الدراسي القادم من خلال تسليط الضوء على تحدياتهم وتوفير الأدلة الإحصائية التي يمكن توظيفها في أي خطة محتملة للتعافي. وبناء على كل ما تقدم، قمنا بـ 3 استطلاعات عبر الانترنت استهدفت 1096 طالبا/ة و33.7 ولي/ة امر، و1218 معلم/ة من المدارس الخاصة والرسمية الموزعة على جميع المحافظات الثمانية".

ارتفاعات خيالية في الرسوم

وفقا للدراسة "يواجه الاهل ارتفاعات قياسية في الأقساط المدرسية للمدارس الخاصة، التي في بعض الحالات تخطت رسوم العام الماضي بأكثر من 5 اضعاف ، بسبب غياب الرقابة الحكومية اللازمة لتنظيم بدلات التعليم الخاص. على سبيل المثال، لفت 60% من الأهالي الى ان رسوم المدارس الخاصة ارتفعت بين 100 و400% مقارنة بالعام المنصرم، في حين أشار 23% الى ان الزيادة تجاوزت الـ 400%".

ووفقا لنتائج المسح الذي قام به المركز "فقد بلغ متوسط قسط المدرسة الخاصة والنقل السنوي للطفل الواحد 3620 دولارا للعام الدراسي المقبل، مقارنة بـ 2355 دولارا في العام الماضي. في مقابل هذا الارتفاع بلغ متوسط الدخل الشهري للأسرة لهذا العام 463 $ لا غير، وهو اعلى بدولار واحد فقط من متوسط العام الماضي الذي بلغ 462 $. هذا يعني ان تسجيل طفل واحد في مدرسة خاصة يتطلب ما يصل الى 65% من دخل الاسرة السنوي. لذلك، اضطر 74% من الأهالي الى الاستدانة لتغطية تكاليف تعليم أطفالهم. وبالمثل افاد 82% من الأهالي بأنهم يواجهون صعوبة دائمة في تسديد فواتير منازلهم، مما دفع 80% من الأهالي الى الاقتراض لتغطية هذه النفقات".

الانتقال من "الخاصة" الى "الرسمية"

في سياق تربوي متصل كشف مركز الدراسات اللبنانية "أن بعض الأهالي ينقلون أولادهم من المدارس الرسمية الى الخاصة، بينما افاد آخرون بأنهم يفعلون العكس. وبناء على ذلك، كان الانتقال من المدارس الخاصة الى الرسمية أكثر ذيوعا، بسبب التحديات المادية بشكل رئيسي على سبيل المثال، نقل 39% من الأهالي أطفالهم من المدارس الخاصة الى الرسمية خلال السنوات الثلاث الماضية، وذلك بسبب عدم قدرتهم على دفع أقساط المدارس الخاصة، بحسب ما افاد به 93% من المشاركين في الدراسة".

الأسعار "جنون"!

بالمقابل وعلى نقيض كل ما تقدّم، تقول الدراسة "ان 20% فقط من الاهل بأنهم قاموا بنقل أطفالهم من المدارس الرسمية الى الخاصة خلال الثلاث سنوات الفائتة، وكان السبب الأساسي وراء هذا النقل الإضرابات المستمرة في المدارس الرسمية، بحسب ما افاد 37% من الاهل".

نبذة عن الرسوم المدرسية

في سياق متصل، تقصّت "الديار" حقيقة بعض الأسعار المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي ليتبين التالي:

- مدرسة ام النور- اللعازارية اقساطها تبدأ من 1200 دولار و20 مليون ليرة لبنانية للمرحلة الابتدائية، اما الزي المدرسي الشتوي والصيفي فيبلغ سعره حوالي 80 دولارا، وهذا لا يشمل بدل النقل والكتب والمتطلبات الاخرى.

- مدرسة لاسية ناسيونال في منطقة عرمون، وصل سعر الزي المدرسي الى 250$، اما الأقساط فهي متفاوتة بحسب الصف والمرحلة الدراسية، فعلى سبيل المثال: يبلغ قسط صف الروضة 2000 $ فرش و50 مليون ليرة بالعملة الوطنية ،هذا عدا عن بدل النقل والكتب والقرطاسية والمستلزمات المدرسية.

وهكذا هي حال معظم المدارس الخاصة في لبنان رسوم خيالية تتجاوز قدرات الأهالي المادية.

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت