اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

كيف لفئة قليلة من البشر أن تنتج تلك الكمية من الأدمغة في شتى أنحاء العالم، كما تنتج في موازاة ذلك تلك الكمية من الوحوش، الذين يتمثلون ما فعله الطهرانيون (البيوريتانز) بالهنود الحمر، كمكلفين بابادة هذه القبائل "التي ألقاها يهوه بين ايديهم"، بحسب تفسير فيلسوف التاريخ البريطاني آرنولد توينبي .

اسحق دويتشر، المؤرخ اليهودي، أوضح  في كتابه "اليهودي واللايهودي"  بأن السبب في "عبقرية اليهود" كونهم عاشوا داخل الحضارات وعلى تخومها في آن، الى أن شاعت تلك الفكرة التي تقول "لكي تكون عبقرياً عليك أن تكون يهودياً أو تربطك علاقة قرابة (جينية) باليهود"!

ذات يوم، طلبت مني احدى الاذاعات العربية اعداد سلسلة من الحلقات حول كتّاب أميركا اللاتينية، كون آلامهم قريبة من آلامنا. أثناء بحثي في المراجع حول الكاتب الأرجنتيني الكفيف خورخي بورخيس، عثرت على مقابلة له مع مجلة LIRE  الفرنسية، قال فيها انه "يرى ليكتب"، وهو الذي فقد بصره لوجود "خط يهودي في أسرته"، مستوحياً من التوراة عبارة "ذئاب جهنم، "لوصف الذين دمروا حضارة المايا والانكا والأزتك في أميركا اللاتينية. ألسنا أمام ذئاب جهنم في غزة؟

بنظرة تشكيكية تعاطى ألبرت اينشتاين مع التوراة. ترك النصوص جانباً، وقال ككائن بشري:  "أنا النص الالهي" (I am the divine text) ، الذي يختزل عبقرية الكون، موضحاً أن الهه هو اله الفيلسوف اليهودي الهولندي باروخ سبينوزا، المناقض كلياً لاله "الحاخامات". رافضاً طلب الحركة الصهيونية تنصيبه رئيساً للدولة في "اسرائيل"، ليتسلم المنصب عالم آخر هو حاييم وايزمان.

روبرت أوبنهايمر، أبو القنبلة الذرية، كاد يقول أن الدروس التوراتية التي تلقاها في طفولته، وراء اختراعه للقنبلة، ليقول "الآن، أنا الموت، مدمر العالم". الغريب أنه لم يستخدم نصاً من التوراة التي حفلت بالنصوص الأبوكاليبتية في وصف حالته، بل نصاً من الكتاب الهندوسي المقدس (باهاغافادغيتا).

نتوقف عند نظرة لويس شتراوس، مدير وكالة الطاقة الذرية الأميركية ـ وهو يهودي متشدد ـ لاينشتاين بأنه انحرف عن يهوديته، و"بات متماثلاً مع الأغيار"، دون أن يكترث بالطقوس اليهودية. وقد ازداد لويس حقداً عليه لأنه رفض صنع قنبلة هيدروجينية بقوة تفجيرية تتعدى بأضعاف قوة القنبلة الذرية.

ما يثير الذهول هنا أن اليهود الذين عاشوا لقرون  داخل الغيتوات في القارة العجوز، لم يظهروا مرة نزعتهم الى العنف، حتى أن وليم شكسبير لم يلاحظ سوى نموذج "شايلوك" (في "تاجر البندقية")، المرابي الذي يقتطع لحوم ضحاياه، مع اندفاع مستميت للاستيلاء على الدورة الاقتصادية  والدورة المالية حيثما وجدوا...

هؤلاء الذين تعرضوا لكل أشكال الاضطهاد في المجتمعات الأوروبية، وصولاً الى الهولوكوست الذي لم يقم به النازيون فقط، بل انه نتاج تراكمات ثقافية على امتداد القارة، عاشوا عصرهم الذهبي في الأندلس، دون أن نغفل دورهم في دواوين الخلفاء.

اذاً، لماذا هذه البربرية حيال العرب الذين ينظر اليهم الأوروبيون كـ"حثالة عثمانية"؟ لننظر الى ما قاله سيغمند فرويد، وهو اليهودي، في رسالة الى البرت اينشتاين (26 شباط 1930) "لا أعتقد ان فلسطين ستصبح يوماً دولة يهودية، وأن العالم المسيحي أو المسلم  سيقبل بان يدع الأماكن المقدسة في أيدي اليهود. ولقد كنت لأحسن الفهم أكثر لو جرى انشاء وطن يهودي فوق أرض عذراء لا ترزح تحت وطأة التاريخ".

وقال "لا استطيع أن أجد في نفسي ظلاً من التعاطف مع مثل ذلك التديّن الذي ضلّ سبيله، فأراد تأسيس دولة على حائط هيرودس الذي لا يتوجس، شغفاً بتلك الحجارة، من آثار الصدمة التي كيف للسكان الأصليين أن يتلقفوها"؟

وها هم يفجرون ذلك الركام من العقد الفرويدية، التي تشكلت في مناطق اخرى في أرض العرب. ما نراه "عبقرية البرابرة"، بعدما كان المفكر الصهيوني موسيس هس قد وصف العرب بـ"القطعان المتوحشة".

بني غانتس قال لنا  كلبنانيين "جاء يومكم". ايلي كوهين قال "أمامنا اسبوعان (من القتل) قبل أن يتفاقم الضغط الدولي علينا". كلام لا تنطق به سوى ذئاب جهنم. ألم يحذرهم ناحوم نارينباع من نيران جهنم التي "تنتظرنا في لبنان"؟ حقاً... نيران جهنم!!


الأكثر قراءة

ماذا يجري في سجن رومية؟ تصفيات إسلاميّة ــ إسلاميّة أم أحداث فرديّة وصدف؟ معراب في دار الفتوى والبياضة في الديمان... شخصيّة لبنانيّة على خط واشنطن وطهران