اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم تعد علاقة التيار الوطني الحر وحزب الله تشبه تلك التي كانت قائمة في حرب تموز  ٢٠٠٦ بأي شكل من الأشكال، فورقة التفاهم  بينهما تأثرت بالتحولات السياسية والمتغيرات. وبإقرار واعتراف الطرفين ان العلاقة تبدلت من دون ان تقع، وان هناك حرصا على استمرارها ضمن المستويات الطبيعية والمقبولة، على الرغم من المطبات السياسية والعثرات التي أصابتها.

اكد رئيس الوطني الحر النائب جبران باسيل في حديثه الصحافي الأخير، ان التواصل  مع حزب الله "محدود ومتقطع"، وتفسير  ذلك كما يقول العارفون ان التواصل اليوم غير منقطع، لكنه ليس كما كان سابقاً. ومع ذلك فان وصف التيار للعلاقة، لا يعني أمرا سلبيا ولا يعني ان العلاقة متوترة بين الحليفين، لكن التيار له حساباته السياسية الخاصة والمسيحية أيضا،  وحزب الله من جهته  حريص على وضع المقاومة وسلاحه، وليس في حالة "ترف" تسمح له بالتلهي بالخلافات والذبذبات الداخلية.

في قناعة العديد من السياسيين، ان ما قبل ٧ تشرين لا يشبه ما بعده  بالنسبة لكل الأطراف، فهناك تحولات كبيرة في لبنان والمنطقة، تفترض التنسيق والتعاون بين الجميع وتأجيل التوترات لتقطيع المرحلة، ريثما تهدأ الحرب ويتضح الوضع على الجبهة الجنوبية، وهذا ما يصح على حزب الله الذي يراعي وضع الجبهة أولا، ويساير التيار حليفه من هذه الناحية.

اكبر دليل على تماهي التيار، ان التمديد لقائد الجيش ازعجه كثيرا وترك ندوبا وتأثيرات  لديه، لأنه بقي فيها وحيدا تقريبا بمعارضة التمديد  والطعن فيه، بعد ان وفر حلفاؤه نصاب الجلسة، الامر الذي لاقى استياء في أوساط  التيار، لكن ميرنا الشالوحي عبّرت برسائل معينة عن انزعاجها لاحقا. وفي هذا الاطار اتى رد باسيل بربط قبوله اي تسوية رئاسية بالصندوق السيادي واللامركزية الموسعة، مستهدفا بالطبع الطائفة الشيعية لانتزاع مكتسباتها في وزارة المالية.

يلاحظ  كثيرون مؤخرا اهتزاز العلاقة يين الحليفين لكن سقوط العلاقة ممنوع، فما يحصل جنوبا لا يحتمل توتير الأجواء، والدخول في توترات لا ترتقي الى مستوى وخطورة الوضع،  ولذلك فان العلاقة بين ميرنا الشالوحي والضاحية مستقرة على مضض، على الرغم من تحفظات كثيرة للوطني الحر منذ  مرحلة سجال التمديد، وعليه فان الهدنة التي فرضتها الحرب لا تزال نافذة المفعول حتى اليوم، فالتيار وضع سلم أولويات وقواعد  للعمل السياسي بوقف الاشتباك السياسي، وصياغة علاقة لا مكان فيها للخلاف الكبير والقطيعة في هذا التوقيت الذي لا يحتمل الخضات. فالتيار مساند والى جانب حزب الله في المواجهة على الجبهة الجنوبية، ويهمه تأكيد وقوفه الى جانبه وإثبات انه حليف استراتيجي وثابت في الأزمات، كما فعل في حرب تموز ٢٠٠٦ على الرغم من التحولات السياسية وتغير المعادلات بين الـ٢٠٠٦ والتيار. ففي حرب تموز كان التيار الوطني الحر الفريق المسيحي الأقوى، واستطاع توفير الغطاء المسيحي للحزب، فيما يشكو التيار اليوم من تراجع الشعبية المسيحية، بحيث لم يعد قادرا على توفير الغطاء الآمن نفسه، وهو يتشارك الساحة المسيحية مع حزب "القوات" منذ الإنتخابات النيابية،  وبسبب وضعيته الجديدة فان التيار بقي وحيدا في معركة التمديد للعماد جوزف عون.

وتجنبا لأي توتر قد ينشأ بين الضاحية وميرنا الشالوحي، حدد التيار الوطني الحر نظرته الى الحرب على الجبهة الجنوبية بضرورة التزام المقاومة قواعد الاشتباك ومراعاة الوضع اللبناني أولا، وثانيا منع الفصائل الفلسطينية من  استخدام لبنان منصة لإطلاق الصواريخ لتحييد لبنان عن الانغماس في الحرب التي تريدها "اسرائيل". ووفق مصادر مطلعة فان علاقة الحزب والتيار تخضع اليوم لتوازنات معينة، ويهم التيار ان  يتجنب المزيد من "الخيبات" التي تؤثر في وضعه وحيثيته المسيحية، وعدم تعريض لبنان للحرب، وتفادي توتير علاقته بالدول العربية والعواصم الإقليمية.

وعلى الرغم من صدور تحفظات من جانب التيار الوطني الحر بعد التمديد لقائد الجيش، فان المخاوف من الحرب تحكم العلاقة بين الحليفين، والعلاقة يجري شحنها بعناصر الطاقة الإيجابية قدر المستطاع لمنع انزلاق الأمور.  ومن جهة حزب الله لا مجال لمسايرة أحد او المساومة في موضوع المعركة مع "إسرائيل"، او في أي ملف يتعلق بعمل المقاومة وسلاحها، لأن المس بهذا المبدأ يتعلق بوجوده وعمل المقاومة في لحظة مصيرية من الصراع مع العدو الاسرائيلي، وبالمقابل فان التمايز مسموح ومقبول في القضايا الداخلية  فقط، من دون التعرض لثوابت المقاومة.