اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لا يزال موضوع تجنّب التصعيد عند الجبهة الجنوبية، ومنع توسّع الصراع في لبنان والمنطقة، يحتلّ الأولوية لدى الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبعض الدول الأوروبية... الأمر الذي يُشدّد عليه الموفدون الغربيون والأوروبيون في محادثاتهم مع المسؤولين السياسيين خلال زيارتهم الى لبنان والمنطقة. ومن بين هؤلاء وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، ومستشار الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين.

وإذ وصل بلينكن الى المنطقة امس الأحد في جولة تستمر 4 أيّام يزور خلالها السعودية ومصر وقطر و "اسرائيل" والضفّة الغربية، يعود هوكشتاين إلى المنطقة أيضاً مطلع هذا الأسبوع، فيزور "تلّ أبيب" أولاً، بحسب المعلومات، وربّما بيروت لاحقاً، على وقع القصف الأميركي لكلّ من العراق وسوريا، وذلك في إطار استمرار مساعي بلاده لتجنب التصعيد بين لبنان و "اسرائيل". علماً بأنّه غالباً ما يزور "إسرائيل" ويعود أدراجه الى بلاده، لكن إن تطلب الأمر إطلاع المسؤولين اللبنانيين على مقترحات جديدة، فلا بدّ من أن يقوم بهذه الزيارة.

مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ ما يهمّ أميركا والدول الأوروبية اليوم هو عدم توسّع القتال بين حزب الله و "اسرائيل"، خشية امتداد الصراع الى دول المنطقة، ومنها الى الدول الأوروبية. لهذا تحاول الدول المعنية الضغط بهدف التهدئة قدر الإمكان، وسط التهديدات المستمرّة لرئيس حكومة العدو بأنّه سيُوسّع الحرب على لبنان، في حال لم يضمن أمن المستوطنات الشمالية. وتبحث هذه الدول عن حلّ ما يعطي الضمانات "للإسرائيلي"، غير أنّها تواجه من قبل لبنان الرسمي بعبارة موحّدة "ليتوقّف إطلاق النار فوراً في غزّة، لكي تتوقّف المواجهات العسكرية عند الجبهة الجنوبية".

ولأنّ هوكشتاين قد سمع هذا الموقف من قبل المسؤولين اللبنانيين، أي أنّ وقف إطلاق النار في غزّة هو المدخل الإلزامي لوقف التصعيد جنوباً، على ما أضافت المصادر، فسيحاول خلال زيارته المرتقبة الى المنطقة حثّ "الإسرائيليين" على عدم التصعيد ضدّ لبنان، لأنّ الأمر لن يصبّ في مصلحتهم. كما لأنّ أميركا ترفض توسيع دائرة المعارك في المنطقة... ولا تودّ الدول الأوروبية بالتالي امتداد الصراع اليها، وهي ليست جاهزة لأي مواجهة عسكرية. وقد أعلنت بريطانيا أخيراً أنّها لا تريد الدخول في حرب عالمية ثالثة وهي ليست جاهزة لها.

أمّا بلينكن الذي يقوم بجولة جديدة في منطقة الشرق الأوسط تستمرّ حتى 8 شباط الجاري، في الوقت الذي لا يزال يدرس فيه الطرفان مقترحات صفقة التبادل، فسيسعى الى إنجاز اتفاق بين حركة حماس و "إسرائيل" يشمل هدنة طويلة الأمد وتبادلاً للأسرى، على ما تابعت المصادر نفسها، في ظلّ الخلافات المتزايدة والانقسامات داخل حكومة حرب العدو. كذلك فإنّ التظاهرات التي تحصل امام منزل نتنياهو والداعية لاستقالة حكومته، فهي تؤشّر الى قرب سقوطها رغم تعنّته وتصلّبه بمواقفه.

ومن شأن الموافقة على إنجاز الصفقة، على ما لفتت المصادر، تسهيل مهمّة هوكشتاين الذي سينصح "الإسرائيليين" بالموافقة  عليها لكي تهدأ جبهة الجنوب في لبنان، ويصبح بالإمكان عندها مناقشة الحلّ السياسي الديبلوماسي لتطبيق القرار 1701 وترسيم الحدود البريّة. علماً بأنّ بلاده تملك أدوات الضغط الكافية، ولكن قد لا تستخدمها مع حليفتها لأنّها لا تريدها أن تُهزم بعد 122 يوماً على حربّها ضدّ غزّة. لهذا يتساءل البعض عمّا إذا كانت ستضغط أميركا فعلاً على "إسرائيل" عبر بلينكن وهوكشتاين، رغم معرفتها عدم جدية "إسرائيل" في الذهاب نحو عملية السلام في المنطقة، ورفضها لأن تخرج مهزومة من حربها على "حماس".

وتقول المصادر عينها انّ هوكشتاين سيحاول الوصول الى اتفاق مبدئي مع "الإسرائيليين" على مرحلة ما بعد الحرب، في ما يتعلّق بالجبهة الجنوبية ليكون جاهزاً لعرضه على المسؤولين اللبنانيين فور انتهاء الحرب في القطاع. علماً بأنّ استقالة حكومة العدو من شأنها، تغيير بعض المقترحات التي يتشدّد بها نتنياهو. فهو يتحدّث عن أنّه سيُضحّي بكلّ شيء من أجل إنجاز صفقة التبادل، لكنه يُحاول لعب لعبة التوازن، وهو مضطر الى ان يكون مرناً لإتمامها، في حين أنّ حماس هي التي تملك خيط اللعبة بيدها، وهي التي ستُقرّر ما سيكون عليه مصير غزّة.

وبرأي المصادر، أنّ ما تعلنه بعض الدول العربية عن استعدادها لإعادة إعمار غزّة ودفعها مبالغ بملايين الدولارات لهذه الغاية، من شأنه تشجيع الأميركي على إقناع "الإسرائيلي" بإنجاز صفقة التبادل والهدنة الإنسانية التي تريدها واشنطن بقوّة. فـ "الإسرائيلي" الجشع سيُعفى عندئذ من دفع تعويضات كلّ ما خرّبه في غزّة من بنى تحتية ومنازل ومؤسسات ومدارس ومستشفيات، وكلّ ما اقترفه من جرائم ضدّ الإنسانية ضد الفلسطينيين، وما نتج منها من قتلى وجرحى ومفقودين ومعوقين وما الى ذلك... يبقى أنّ هذه الهدنة يمكن أن تؤدّي الى التوافق على وقف شامل لإطلاق النار، لا سيما إذا ما سقطت حكومة نتنياهو المتطرّفة.

وعندئذ سيكون هوكشتاين جاهزاً لاستكمال المحادثات غير المباشرة لترسيم الحدود البرية والخروج باتفاق يؤدّي الى تطبيق القرار 1701 ووقف الصراع القائم، على غرار اتفاق الحدود البحرية الذي أنهى الخلاف على الثروة النفطية والغازية.


الأكثر قراءة

تشومسكي... الأميركي اليهودي العربي