اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


من بداية العدوان الصهيوني على غزة وفتح جبهة جنوب لبنان، والإسرائيلي يُهدِّد بتوسعة الحرب ويُرسِل وفوداً الى لبنان على رأسهم الأميركي من أجل أن توقِف المقاومة جبهة المسَانَدة لغزة في الجنوب بالترهيب والترغيب، إلا أنه بعد فشل المحاولات يبدو أن واشنطن وتل أبيب اقتنعتا بأن ربط الجبهات لن يتوقّف إلا بتوقف العدوان على غزة، لكن هذا لا يعني أن يوقف القادة الإسرائيليين تهديداتهم التي تُوضع في إطار الضغط على المقاومة لتحقيق مكاسب بالمسار السياسي الذي تريده أميركا بالمفاوضات التي تُديرها بدلاً من الحرب المفتوحة على لبنان...

مسار بات مقتنِعاً به جزء كبير من الصهاينة من مسؤوليين وعسكر ورأي عام، وبخاصة أن الكيان غير جاهز لحرب على الجبهة الشمالية، لا بجيشه ولا حتى بالاحتياط باعتبار أن استدعاءه من جديد يؤدي الى خلق مشكلة خاصة من الناحية الاقتصادية والأعباء التي يتسبَّب بها هذا الإجراء، كما أن القادة الصهاينة يعلمون بالتكلفة والثمن الكبير الذي سيدفعونه في معركة نتيجتها غير محسومة، عدا أن الأميركي يشكّل عامل "ضابط" للحرب المفتوحة باعتبارها لا تصب في مصلحته أيضاً تماماً كما الإسرائيلي.

وبما أن الموقف الأميركي حيال الحرب على لبنان ما زال نفسه من بداية الحرب، إلا أن تزويد واشنطن تل أبيب بهذا الكم من الذخائر دفعة جديدة وبتوقيت مشبوه، وضع علامات استفهام حول الهدف منها إن كان لرفح أم لجنوب لبنان، لكن بغض النظر عن تحديد الهدف، فإنه من الواضح بعد ستة أشهر من الحرب وعدم القدرة على تحقيق الأهداف التي وضعتها "إسرائيل" ببدايتها وما خرج الى العلن من خلاف أميركي-إسرائيلي، بات الكيان على ما يبدو بحاجة الى اطمئنان، فجاءت هذه الدفعة لهذه الغاية، بحيث إن القنابل والطائرات وكل هذا الدعم يمكن أن يكون هدفه إيصال مجموعة رسائل:

١- إعادة الاطمئنان والثقة لإسرائيل لكيلا يقال إنها ضعُفت وتراجعت قوّتها ومكانتها في المنطقة...

٢- إستثمار واشنطن بالقلعة الأميركية في المنطقة والتي هي "إسرائيل" باعتبار أميركا تتكىء عليها في المنطقة...

٣- أميركا تؤكد "لإسرائيل" أنها ستؤدي دوراً مهماً في المستقبل وستكون المحور الأقوى في ظل التغيّرات الاستراتيجية التي ستحصل في المنطقة.

٤- السياسة الأميركية تريد ان تعتمد "إسرائيل" كقوة استراتيجية في المنطقة تتفوّق على الجميع، والأهم أن واشنطن لن تتخلى عن تل أبيب... وهنا الرسالة الأقوى...

إلا أن كل هذا الدعم الأميركي في حرب على عدة جبهات وكل هذه الرسائل لم تمنع وزير الأمن في حكومة الاحتلال يوآف غالانت من القول: "نحن نوسِّع في ضرباتنا تجاه لبنان لنلاحق حزب الله بدل من أن يلاحقنا هو، كما يفعل من بداية الحرب" عبارة تُظهر الضعف الإسرائيلي والحذر الشديد في التعامل مع المقاومة رغم التصعيد الحاصل معها في الآونة الأخيرة ووصوله الى حلب، إلا أنه يبقى في سياق الضغط وتحسين الشروط أي تحت سقف عدم الوصول الى حرب شاملة يستطيع حزب الله فيها تدمير الشمال باستخدامه قدراته الصاروخية، إلا أن هذه المؤشرات لا تنفي إحتمالية الحرب المفتوحة بحال حصول تطوّر ما أو لم يبقَ سوى هذا الخيار لدى الصهاينة.

أما من ناحية المقاومة الإسلامية في جنوب لبنان، فهي تضرب أهدافاً تؤلِم الإسرائيلي كثيراً وتوقع له خسائر كبيرة يتكتّم عليها، لذا يُصعّد بضرباته، بحيث ان بواطن الأمور مختلفة عن ظاهرها، فالمقاومة بأدائها ترسم معادلات وتُحدِّد مسارات، والإسرائيلي يحاول من خلال تصعيده توجيه ضربات رادعة يقول من خلالها إنه مستعد للذهاب بعيداً إذا استمرت المقاومة في تصعيدها.

إذاً المقاومة في هذه المعركة تعمل بدقة بين حديْن: تصعيد دون الذهاب لمعركة مفتوحة، لذا هي معركة شرسة جداً، يحاول الإسرائيلي فيها فعل أقصى ما يمكن فعله، إلا أنه مع كل مرة يرى نفسه فيها حقّق إنجازاً بضربة ما، تعود المقاومة لتفاجئه من جديد وبشيء جديد تجعله محبَطاً وقلقاً مما تُخفيه أكثر مما تُظهِره...

الأكثر قراءة

نهاية سوريا نهاية العرب