اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


هؤلاء الذين يعانون من أكثر أنواع الحصار، ومن أكثر أنواع القهر، ومن أكثر أنواع اللامبالاة، فظاعة يستحقون الموت بالقنبلة النووية. آلاف الأطنان من القنابل الفتاكة التي صنعها العقل الأميركي لا تكفي لابادة الأطفال، ولابادة النساء، ولابادة الحقول، ولابادة المنازل. هل يمكن للشيطان، أجل السيد الشيطان، أن يفكّر بالطريقة التي فكّر فيها السناتور ليندسي غراهام؟

انه السناتور الأكثر تأثيراً والأكثر بريقاً والأكثر استقطاباً، بين ممثلي الحزب الجمهوري في الكونغرس، والذي يقول "أنا انطق باسم أميركا". لا نعتقد أن هذه هي أميركا بنيامين فرنكلين، وجون شتاينبك، وجين فوندا، وفرنسيس فورد كوبولا ومارتن لوثر كينغ.

رجل ساوث كارولينا اقترح، على شاكلة وزير التراث "الاسرائيلي" عميحاي الياهو، ضرب غزة بالقنبلة النووية مثلما فعل هاري ترومان بهيروشيما وناكازاكي في آب 1945 . لا نتصور أن العمى الأخلاقي والعمى السياسي يصل بأي مشترع الى هذا المستوى من الهمجية .

لا اعتراض من جو بايدن، ولا من أي مسؤول أميركي آخر . السناتور رأى ضرب غزة وايران، ربما نسي لبنان في تلك اللحظة، لكنه قد يذكره في أية لحظة . يا رجل، هل أنت ممثل جهنم في مجلس الشيوخ؟ أم ممثل الولاية التي اتخذت شعاراً لها العبارة اللاتينية Dum spiro spero، أي "أنا أتنفس، أنا آمل" (While I breath، I hope) كاعادة لصياغة أفكار كل من تيوقريطس وشيشرون.

أين هو لندسي غراهام من الشاعر الاغريقي، الذي قامت قصائده على المطارحات الغرامية بين الرعاة ؟ وأين هو من الفيلسوف الروماني القائل "لست آسفاً الا لأنني لا أملك سوى حياة واحدة أضحي بها في سبيل بلادي"، و "احك قضيتك، أقول لك القانون"، و"القتلة لا يبحثون عن فلسفة، وانما يبحثون عن الثمن الذي يتقاضونه" .

ماذا يفعل أولئك الفلسطينيون سوى الأخذ بقول شيشرون بالتضحية من أجل أرضهم، ومن أجل عظام آبائهم . ليسوا هم من يمتلكون القنبلة بل هي "اسرائيل". لا نتصور أننا سنبقى على افتتاننا بأميركا. في اعتقادنا أن غالبية ساسة ومثقفي العالم هزهم قول غراهام . حين يدعو الى ضرب غزة، لا بد أن يفكر بضرب أي بلد آخر. كلامنا الى كل من ايمانويل ماكرون وأولاف شولتس، مثلما هو كلام الى فلاديمير بوتين كلام والى شي جين بينغ، وصولاً الى ابراهيم رئيسي.

كلام غراهام لا يستخدمه سوى من دعاهم لوي موران بـ"قتلة الأزمنة".  أي مقارنة بين عملية طوفان الأقصى التي قام بها فلسطينيون للخروج من الأسلاك الشائكة (حول أرواحهم)، ومن الطحين المحرم، والكهرباء المحرمة، وحتى الحياة المحرمة، وعملية بيرل هاربور التي قامت بها 553 طائرة لابعاد الأسطول الأميركي عن الحرب التي كانت اليابان تزمع شنها ضد بريطانيا وهولندة واميركا.

هذه العملية التي نتج عنها اغراق 4 بوارج حربية ، وتدمير 4 بوارج أخرى و 3 طرادات و3 مدمرات، وزارعة ألغام، اضافة الى تدمير 188 طائرة.

أي أحمق، أو أي شرير، يفكر بالمقارنة بين ما قام به الفلسطينيون ليكون لهم موطئ قدم في الحياة، وما قام به اليابانيون، ليبدو أن تلة الكاببيتول تحولت الى مستودع للمجانين . وكان السناتور الجمهوري الآخر تيم ألبيرغ (ممثل ميتشيغان بالكثافة العربية) قد قال "ينبغي ألاّ ننفق بنساً واحداً على المساعدات الانسانية، اذ يقتضي أن يكون انهاء الوضع على صورة هيروشيما وناكازاكي".

الطريف أن ألبيرغ تراجع عن عن كلامه بشكل كاريكاتوري حين قال "لقد استخدمت استعارة لغوية للتعبير عن حاجة "اسرائيل" الى الفوز بالحرب في أقصر وقت ممكن"، ودون أن يكون معنياً كسناتور، لا بعدد الضحايا ولا بالتداعيات الأبوكاليبتبة للقنبلة.

غراهام تراجع ايضاً، ليرى أن استخدام القنبلة النووية "ليس ضرورياً. البديل كما رأى قنابل خارقة بزنة 1000 كيلوغرام .

هل لهؤلاء الديناصورات في السلطة التشريعية، والذين يدعون الى ابادة الفلسطينيين، أن يقبلوا بأي عملية ديبلوماسية تفضي الى اقامة ... الدولة الفلسطينية ؟

كنا قد كتبنا أن أميركا انتزعت عنوة بعض صلاحيات الله، الآن نقول ... كل صلاحيات الشيطان ما دام يوجد فيها ذلك النوع من الرجال !!

الأكثر قراءة

ايجابيات نيويورك لا تلغي الخوف من حسابات نتانياهو الخاطئة ميقاتي يعود من العراق قلقا… وعقبتان امام حل «اليوم التالي»؟