اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أمّا وقد تحوّلنا من شركاء في الصراع الى وسطاء، بديهي أن نسأل عن وقع بيان قمة المنامة في "اسرائيل". قهقهات الحاخامات في أصقاع الأرض. لا نتصور أن ثمة قمة في التاريخ عقدت والحضور نيام. لم يوقظهم لا قرع الطبول، ولا دوي القنابل تنهال على الأهل في غزة، ولا الجثث التي تصرخ من قبورها.

اذ لا نزال على يقين بكون العرب ذئاب العرب (وهذا ما تراهن عليه القوى الاقليمية والقوى الدولية)، يفترض أن نبدي ذهولنا لبقاء نصف مليار بشري، بملايين خريجي الجامعات، وبآلاف الجنرالات الذين تتكدس النيااشين على صدورهم (بالأحرى تتكدس على بطونهم وعلى ظهورهم)، وبالثروات التي هي القوت اليومي، والحتمي، للحضارة الحديثة، لا مكان لهم، ولو لدجاجة، في اللعبة الاقليمية أو في اللعبة الدولية. هكذا الدوران في المتاهة القبلية. أكثر بشاعة بكثير من أن نكون المناذرة والغساسنة.

نوم جماعي. الدول العربية امّا منكسرة، أو مفككة، أو غارقة في ليالي ألف ليلة وليلة، دون أت تدرك ما هي "اسرائيل"، وكيف يفكر قادة "اسرائيل"، ودون أن نقرأ ما تقوله فينا التوراة، وما يقوله التلمود. كلنا، والمطرقة الأميركية فوق رؤوسنا، ينبغي أن نكون قهرمانات الهيكل (راقصات الهيكل)، لنسال، بالامكانات الهائلة، ما الذي يمنعنا من تغيير مسار التاريخ، وحتى مسار الجغرافيا، في المنطقة، ودون أن نعي بكون القوة هي التي تصنع التاريخ، مثلما تصنع المستقبل، لنحتفي ليس فقط بخروجنا من التاريخ، وانما بخروجنا من الزمن...

لم نذهب بعيداً في التفاؤل لنقول بأن يضع أولياء أمرنا خطة عسكرية بمستوى الصراع، ما دامت الأساطيل هي التي تحمي العروش، وتحمي الأنظمة. نقول بموقف ديبلوماسي، أو سياسي، لا يزعزع أعصاب الاسرائيليين وحدهم، بل وأعصاب الغربيين أيضاً، وقد صنعوا الدولة العبرية لتكون سكين يهوذا في خاصرة العرب.

بيان كلام بكلام، لكأنه صيغ باصابع بديع الزمان الهمذاني. ادانة "اسرائيل" لعرقلتها جهود وقف النار، رفض محاولات (محاولات فقط ؟) التهجير القسري للشعب الفلسطيني، الدعوة الى عقد مؤتمر لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، وكذلك الدعوة الى عقد مؤتمر دولي حول السلام في الشرق الأوسط (تدويل المنطقة أم بلقنتها؟)، دعوة كل الفصائل الفلسطينية الى الانضواء تحت منظمة التحرير الفلسطينية. 

أخيراً، أيها العرب الأشاوس، بشرى أحمد أبو الغيط ـ بالطربوش الذي كان يتراقص على كتفيه ـ بـ "الحضور غير المسبوق"، وبأن المؤتمر "كان بعيداً كل البعد عن الخلافات والتجاذبات". يا رجل، هل هذا ما يعنيك لا الصراعات، ولا الحرائق، التي تعصف بالعالم العربي؟

النتيجة، كل تلك القامات العالية بدت عاجزة عن اتخاذ أي خطوة عملانية، على الأقل لوقف طوفان الجثث في غزة، وعل الأقل لمعالجة الأزمات البنيوية ـ الأزمات المصيرية ـ في سوريا، وفي العراق، وفي اليمن، وفي ليبيا، وفي السودان، وكذلك في لبنان الذي تنعكس على أرضه كل "تجليات" الصراعات، أكانت صراعات الأشقاء أم كانت صراعات مع الأعداء.

حتماً، لا شيء يربطنا بالبنية الايديولوجية لحركة "حماس"، الا اذا رأى البعض في الصراع صراع القرآن والتوراة، ولكن هل يفترض بالفلسطينيين أن يناموا الى الأبد تحت ثلوج، وورود، أوسلو التي تنام تحتها منظمة التحرير، وقد دعت القمة الى الانضواء تحتها.

على مدى ثلاثة عقود ماذا فعلت المنظمة سوى وأد الانتفاضة، وسوى التنديد الببغائي بقيام الجرافات، والدبابات، باقتلاع الفلسطينيين من منازلهم ومن حقولهم بانتظار ترحيلهم تبعاً لما يقضي به "الوعد الالهي". كل من يرفع يده العارية احتجاجاً عقابه رصاصة في الرأس. تلك منظمة للتحرير أم منظمة للتخدير؟

حين تقوم "اسرائيل" على فلسفة القوة ـ القوة المجنونة ـ فلسفتنا بين القباقيب الخشبية والقباقيب الذهبية. أبو الغيط نسي، أو تناسى، الاشارة الى كون بنيامين نتنياهو كان الغائب الوحيد عن القمة العربية ( قمة عربية حقاً؟).  يا أحمد باشا، لعلّ نتنياهو كان الحاضر الوحيد. الدليل؟ أعد قراءة البيان الختامي قبل أن تلقي به، كما جرت العادة، في صندوق القمامة.

حتى الآية القائلة "... الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انّا لله وانّنا اليه راجعون" لا تنطبق علينا...

الأكثر قراءة

ايجابيات نيويورك لا تلغي الخوف من حسابات نتانياهو الخاطئة ميقاتي يعود من العراق قلقا… وعقبتان امام حل «اليوم التالي»؟