اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


اذاً... ينبغي على العرب حماية "اسرائيل"، بعدما أثبتت الترسانة العسكرية الهائلة، بما فيها مئات الرؤوس النووية، عجزها عن الاضطلاع بهذا الدور. لهذا تحاول الولايات المتحدة، وبكل الوسائل، حمل السعودية على التطبيع معها، حتى ان الملياردير النيويوركي شلدون آدلسون كان يقول "حين نرى خادم الحرمين الشريفين يحج الى أورشليم، يمكننا القول ان الدولة اليهودية قامت... حقاً قامت"!

لنلاحظ البعد الكاريكاتوري في العقل التوراتي. هرتسي ليفي قال "على مدى سبعة عقود كان الأعداء يحيطون بنا. الآن نحن من يحيط بالأعداء". كيف؟

نسأل زميلاً سعودياً قريباً من البلاط حول مسألة التطبيع، ليرد بالقول "ان الملك سلمان الذي يساند، والى الحدود القصوى، خطط التحديث التي ينفذها ولي العهد، لا يمكن أن يقبل التطبيع. ومهما ضغط الأميركيون، قبل اعتراف "اسرائيل" باقامة دولة فلسطينية، وبكل مواصفات الدولة، لا دولة على الورق كما لحظ اتفاق أوسلو، كنص تعاقدي يمثل ذروة الهرطقة الديبلوماسية والسياسية".

يضيف أن الأمير محمد بن سلمان كثيراً ما نظر بارتياب الى طريقة تعامل الأميركيين مع بلاده. لكنه مقتنع بأن الأميركيين الذي يخوضون، بأسنانهم، الصراع حول قيادة العالم، يرون في الشرق الأوسط احدى المناطق الأكثر حساسية ان في مسار الصراع، أو في مآل هذا الصراع. بمعنى آخر، انه "الزمن الأميركي"  "في الشرق الأوسط". أما بالنسبة الى "الزمن الروسي" أو الى "الزمن الصيني" فلا يعدو كونه، في الوقت الحالي، على الأقل، أكثر من طرقات برؤوس الأصابع على الباب".

استطراداً، و "المملكة في صدد تنفيذ تلك المشاريع العملاقة، لن تتخلى عن علاقاتها الوثيقة مع الولايات المتحدة، وهي تحاول تفعيل هذه العلاقات، باتفاقات استراتيجية بالشكل الذي يحميها من "أصحاب الأمزجة" داخل الدولة العميقة، والذين طالما حاولوا فرض السياسات الخاصة باعادة تركيب الخرائط. بالتالي اعادة تركيب الدول على امتداد المنطقة".

بن سلمان يصغي باهتمام الى "من يشيرون عليه بأن تتمحور سياساته على ارساء ديناميات القوة في القطاعات الداخلية ذات البعد المستقبلي، أو الاستراتيجي، وقد سمع من مراجع دولية صديقة ان حركة التاريخ في المنطقة تأخذ منحى زلزالياً، ما يجعل قصر اليمامة شديد القلق حيال الاحمالات، خصوصاً مع لجوء كل من ايران، وتركيا، الى وسائل شتى، بما في ذلك الاثارة الايديولوجية، لاختراق البلدان العربية جيوسياسياً وجيوستراتيجياً".

يلاحظ الزميل السعودي ان الأمير "اذ ينتهج سياسة التوازن في علاقة بلاده مع القوى العظمى، يعتبر أن أميركا تبقى، الى اشعار آخر، القطب الأساسي في هذه المعادلة. وكونها الظهير الوجودي "لاسرائيل"، دون أن يكون هناك أي أفق للصراع، في ظل المشهد الشرق الأوسطي الراهن، لا بد من "الطريق الآخر" لتأمين مقتضيات القوة ان للعرش السعودي أو للدولة السعودية.

البلاط السعودي على بيّنة من "الخطر الأميركي" على المملكة اذا ما حاولت الابتعاد عن المسار الاستراتيجي للولايات المتحدة في المنطقة. التطبيع آت لا محالة، مع ما لذلك من تداعيات بنيوية تتعدى كل التداعيات السابقة، ان في نطاق معاهدات السلام، أو في مجالات التطبيع، السبب في الثراء الكبير للمملكة، ومع اعتبار دور المال في صناعة التاريخ، أن لم نقل في صناعة الأزمنة، ناهيك بوجود المقدسات الاسلامية على أراضيها.

الامام عبد العزيز بن باز (1912 ـ 1999 ) الذي شغل منصب المفتي في المملكة لمدة 18 عاماً، كان قد أفتى بأن "الصلح مع اليهود، أو غيرهم من الكفرة، لا يلزم منه مودتهم، ولا موالاتهم، بل ذلك يقتضي الأمن بين الطرفين وكف بعضهم عن ايذاء البعض الاخر، وغير ذلك كالبيع والشراء، وتبادل السفراء... وقد صالح النبي يهود المدينة (يثرب) صلحاً مطلقاً... وكان يعاملهم في الشراء منهم، والتحدث اليهم، ودعوتهم الى الله، وترغيبهم في الاسلام، ولقد مات ودرعه مرهونة عند يهودي في طعام اشتراه لأهله...".

ولكن، أي نوع من البرابرة أمامنا الآن، بالايديولوجيا التوراتية التي تدعو اما الى ازالة الآخر أو الى استرقاقه. لهذا نقول للأمير السعودي ما قاله أمل دنقل لأنور السادات وقد قرأ قصيدته أمامنا وهو يبكي " لا تصالح / هل يصير دمي بين عينيك... ماء ؟ / انها الحرب قد تثقل القلب / لكن خلفك عار العرب / لا تصالح"!!

الأكثر قراءة

ايجابيات نيويورك لا تلغي الخوف من حسابات نتانياهو الخاطئة ميقاتي يعود من العراق قلقا… وعقبتان امام حل «اليوم التالي»؟