اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب



عقد "التجدد للوطن" مؤتمره الثاني بعنوان "من لبنان الساحة...الى لبنان الوطن"، بدعوة من رئيسه شارل عربيد في واجهة بيروت البحرية Seaside Pavillon، بحضور بطريرك الروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، كما حضر وزراء ونواب وعدد من الوزارء والنواب السابقين والسفراء والشخصيات الدينية والأمنية والقضائية.

الراعي: أما آن الاوان لنكون رجال دولة حقيقيين

بعد كلمة ترحيبية لعريف اللقاء بسام ابو زيد، ألقى عربيد كلمة، وتلاه البطريرك الراعي حيث قال في كلمته: "أما آن الأوان لنكون رجال دولة حقيقيين فنُبادر فوراً إلى انتخاب رئيس للجمهورية يُعيد الثقة ويضعنا على السكة الصحيحة لترسيخ الإستقرار؟"، مشيرا إلى أنّ "لبنان تحوّل إلى ساحة فوضى وتصفية حسابات وبات ساحة مفتوحة على كلّ الاحتمالات الهدّامة ونشأت في الأوساط اللبنانية كانتونات اجتماعية تتداول في كيفية تسييس ذاتها".

وشدد على "أننا نريد رئيسًا يُغيّر ويخلق بيئة وطنية نظيفة والتزامًا بالثوابت التاريخية ويضع حدًا للتبعية وتشتيت الشرعية"، مضيفا "كثرت الطروحات الدستورية المختلفة من أجل إيجاد صيغ دستورية تعيد الأمل إلى الحياة في لبنان من دون أن تقضي على كيان لبنان. تعتقد هذه الفئات أنها صبرت كثيرا على الصيغة القائمة وأعطتها جميع حظوظها، فيما فئات أخرى من كل الطوائف أيضا، تعتقد أن المراحل الصعبة باتت وراءنا والصيغة الحالية ستستعيد تألقها، ولا داعي بالتالي للبحث عن صيغ جديدة. لكن سها عن بال هؤلاء أن تألق الصيغة اللبنانية يتعذر بمنأى عن انتظام الاستقرار السياسي والأمني والكياني في سائر دول الشرق الأوسط. تطور المجتمع اللبناني جاء متنافرا. فئات كانت بعيدة عن الفكرة اللبنانية صارت تدافع عنها، وفئات أخرى كانت قريبة منها ابتعدت عنها. تجاهلتها وتجهلت، والتحقت بأفكار أخرى لا تمت إلى الفكرة اللبنانية، حتى بات التوفيق بينهما مستحيلا".

وأكد الراعي "ان الحلول التي يقترحها اللبنانيون للبنان الجديد يرتاب أصحابها في نجاحها ، لأن المجتمع اللبناني صار عصيا على الحلول وأليفا على المشاكل، ولأنهم يطرحونها تحت وطأة الأحداث. استأنس اللبنانيون التنقل من أزمة إلى أخرى كأن الأزمات أهون من الحلول. الحلول الوطنية معقدة، والحلول الفئوية ليست موضوع إجماع. الإشكالية الكبرى في المجتمع اللبناني أن العناصر التأسيسية التي تكون "أمة" – وهي الشعب والتاريخ والجغرافيا واللغة والحضارة و/أو الثقافة – هي العناصر الخلافية التي تفرق بين اللبنانيين. فأطراف لبنانية، متأثرة بالمحيط، اختزلت جميع العناصر التأسيسية للأمة بالدين ثم بالمذهب وقضت على مفهوم الأمة الحضارية اللبنانية وجرفت في طريقها مفهوم الدولة/الكيان. لا قيمة لأي أمة أو دولة ما لم توفر للشعب السلام المستدام والحرية والكرامة. وهذه الفضائل هي ثمرة إرادة الحياة المشتركة قبل أن تكون حصيلة الدستور والقانون".

العبسي: ما يؤسّس الوطن هي الإرادة

أما البطريرك العبسي فقال: "مررنا بأزمات كثيرة حتّى إنّنا بتنا في بعض الأحيان نضع الوطن موضع شكّ. الأوطان ليست حصيلة أمنية بل حصيلة إرادة ولدينا في العالم نماذج عنها قامت على الإرادة المشتركة بالرغم من الصعوبات الكثيرة التي واجهتها. ففي الحديث عن العناصر التي يتأسّس منها الوطن، للبنانَ عنصرٌ خاصّ هو ما نستطيع أن نسمّيه التوافقيّة الطائفيّة، توافق الطوائف والمذاهب التي يتألّف منها لبنان على العيش معًا في وطن واحد لكنّ الخطر الكامن الدائم في هذه التوافقيّة الطائفيّة هو أن تنقلب إلى فكر طائفيّ بحيث لا تعود توافقًا بل تباعدًا، بل هدمًا للدولة حاضنة المجتمع التي لا يمكنها العيش لا هي ولا المجتمع بدون مؤسّسات وأنظمة وأعراف. بعد أن نكون أنشأنا وطنًا ننزلق إلى أن ننشئ مقاطعات إو إمارات أو ساحات. النظام الطائفيّ شيء والفكر الطائفيّ شيء آخر. النظام الطائفيّ مشروع انفتاح وتقبّل للآخر وإثراء، أمّا الفكر الطائفيّ فهو مشروع انكماش وتعصّب ورفض للآخر وفقر. النظام الطائفيّ يسعى إلى أن يكون الوطن بخير وينشّئ على التفكير والعمل الجماعيّ، أمّا الفكر الطائفيّ فيسعى إلى أن تكون المصلحة الشخصيّة مؤمّنة وينشّئ على التفكير والعمل الفرديّ. قد يكون الأفضل أن نتخلّى عن النظام الطائفيّ وقد يكون ذلك حلمًا عند البعض أو مطلبًا عند البعض الآخر، إنّما إلى أن يتحقّق الحلم والمطلب علينا ألّا ننساق إلى الفكر الطائفيّ الذي يقود في رأينا إلى الانتحار عاجلًا أو آجلًا وألّا نزرعه في عقول أبنائنا وقلوبهم. أضف إلى أنّ التجربة اللبنانيّة لا يكتمل نجاحها سوى بصونها من الداخل ومن الخارج. من الداخل بتمتين الوحدة والوفاق الذي صار له مرتبة دستوريّة بموجب وثيقة الوفاق الوطنيّ، ومن الخارج بالعمل على إبعاد لبنان عن الصراعات".

وتابع "نحن الرومَ الملكيّين الكاثوليك، انطلاقا من تاريخنا الوطنيّ والكنسيّ والاجتماعيّ، ومن كوننا أصلًا من أصول لبنان، نتكلّم ونعمل من خلال النظام الطائفيّ ما دام قائمًا إنّما بفكر غير طائفيّ، لأنّنا نؤمن بالوطن رسالة، رسالة للشرق والغرب كما وصفه البابا القدّيسُ يوحنّا بولس الثاني، ونموذجًا يُحتذى به. كنيستنا كنيسة اللقاء، ننتمي إليها ولا نتعصّب لها، طائفيّتها أن تغتني الطوائف بعضها ببعض لا أن تستغني بعضها عن بعض، لا أن تكون الطوائف حواجز وجدرانًا ومباعث ريبة وخوف وحذر وانزلاق إلى الاستقلال الفرديّ إن لم يكن إلى التخلّي بعضُنا عن بعض. فهل من الضروريّ القول في الختام إنّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية هو بداية استعادة الثقة بعضُنا ببعض وبلبنان؟ إنّه الخطوة على طريق العودة الى حضن الوطن."

جلستان

وبعد جلسة الافتتاح، عُقِدَت جلستان، الأولى بعنوان "لبنان في ظل النظام الاقليمي الجديد" تحدث فيها النائب علي فياض والوزيران السابقان غازي العريضي وابراهيم نجار، وأدارها الصحافي غسان حجار.

أما الجلسة الثانية بعنوان "ليعود لبنان جاذبا مستقرا"، تحدث فيها نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، الوزيران السابقان ريا الحسن وداود الصايغ، وأدارها موريس متى.

الأكثر قراءة

ايجابيات نيويورك لا تلغي الخوف من حسابات نتانياهو الخاطئة ميقاتي يعود من العراق قلقا… وعقبتان امام حل «اليوم التالي»؟