اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


عندما حذر المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان من انتهاء لبنان السياسي بسبب أزمة الرئاسة المستعصية، نسي الرجل أو تناسى الإشارة الى خطر زوال لبنان الديموغرافي والجغرافي أيضاً كبلد مستقل للبنانيين، فالأزمة الوجودية التي يعيشها البلد جراء النزوح السوري لا تقل أهمية عن الازمة السياسية، لا بل يمكن أن تتقدم عليها من حيث الأهمية.

في الشأن السياسي، كان لافتاً خلال زيارة لودريان الأخيرة التشدد بالمواقف السياسية للأطراف اللبنانية، وكأن المطلوب كان إفشال هذه الزيارة التي لم تأت بجديد يُذكر، وذلك للتأكيد على أن اللبنانيين لا يؤمنون بدور فرنسا بإيجاد التسويات، بل يعوّلون على أمر آخر في الولايات المتحدة الأميركية بشكل أساسي، لذلك لم تكن الزيارة فاشلة وحسب، بل شكلت مؤشراً الى اشتداد الأزمة والدخول الى جوهرها بأن المشكلة ليست بإسم الرئيس المقبل وحسب.

ما تناسى لودريان قوله هو أن لبنان يواجه مشكلة وجودية سببها النزوح السوري إليه، وأن بلاده تشكل جزءاً من هذه المشكلة، كونها الى جانب الاوروبيين والأميركيين الذين لا يريدون للسوريين أن يعودوا الى بلادهم قبل إيجاد حل سياسي لسوريا، لا يبدو أن زمنه سيحين قريباً في ظل كل ما يجري في المنطقة، إذ كان المؤتمر الوزاري الثامن الذي نظَّمه الاتحاد الأوروبي في بروكسل لدعم مستقبل سوريا والجوار، مؤشراً واضحاً حول الرغبة بإبقاء السوريين في لبنان، لأسباب لا علاقة لها بما يدعيه المسؤولون في الدول الأوروبية، الذين يتذرعون بأن ظروف العودة الآمنة غير محققة بعد، وهو ما أعاد التشديد عليه منذ ساعات الناطق باسم الاتحاد الأوروبي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لويس ميغيل بوينو، الذي رفض اعتبار النازحين السوريين في بعض البلدان "هم أنفسهم المشكلة"، مشيراً الى أنّ "الاتحاد الأوروبي يتفق مع الأمم المتحدة على أن شروط العودة الآمنة والطوعية والكريمة ليست موجودة اليوم".

في السياسة، الكل بانتظار انتهاء الحرب ووضوح الصورة، ويبدو أن الأزمة الرئاسية أصبحت ملازمة للأزمة الأمنية في المنطقة ككل، وجميع القوى دون أي استثناء تراهن على الحرب ونتائجها، بين مَن يرى أنها ستكون لمصلحته، ومَن يرى أنها ستكون على حساب إضعاف حزب الله، أما بالنسبة الى ملف النازحين، فتقول مصادر سياسية متابعة أنه "من حيث المبدأ، ليس أمام السلطات اللبنانية إلا الإستمرار في الإجراءات التي تقوم بها في الوقت الراهن، بالإضافة إلى السعي إلى فتح قنوات إتصال جدية مع الجانب السوري لمعالجة هذه المسألة، خصوصاً أن هذا الملف بات عليه شبه إجماع لدى الأفرقاء اللبنانية، بدليل التوصية التي كانت قد صدرت عن المجلس النيابي في الفترة الأخيرة".

بالإضافة إلى ذلك، تشير المصادر الى أنه من الممكن أن يعمل لبنان على التعاون مع الدول العربية في هذا المجال، في ظل التوجه نحو تشكيل لجنة تضم مصر والعراق الأردن لمتابعة هذا الملف، وهو ما يمكن أن يقود إلى تشكيل موقف قوي، من دون تجاهل ضرورة التنسيق مع الدول الأوروبية التي لديها موقف متفهم للهواجس اللبنانية، خصوصاً أن لديها مثل هذه الهواجس.

كذلك ترى المصادر أن التنسيق مع الدول الاوروبية لا يجب أن يُخرج من بال اللبنانيين، ضرورة الضغط على الاوروبيين من خلال فتح البحر لمن يرغب من النازحين، لأنه بات من الواضح أن لبنان لن يتمكن من التعامل مع هذه المسألة بمعزل عن استخدام كل وسائل الضغط المتوفرة.

وأيضاً بالإضافة الى استمرار الاجراءات التي تقوم بها الحكومة والأجهزة الأمنية، يجب التفكير ملياً في كيفية اغلاق الحدود أمام عمليات التهريب، وهنا تدعو المصادر الجيش اللبناني الى الضرب بيد من حديد كل عصابات التهريب، التي تعمل على الحدود بالتنسيق بين افراد لبنانيين وآخرين سوريين، علماَ ان هذه العصابات معروفة وأماكن عملها معروفة والاراضي التي تستخدمها معروفة أيضاً.

الأكثر قراءة

خاص "الديار": أول عملية استشهادية في الخيام ومعارك عنيفة مستمرة