اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

تختتم منافسات النسخة 17 من بطولة أمم أوروبا 2024 بنهائي من العيار الثقيل يجمع بين إسبانيا وإنكلترا، اليوم الأحد، على الملعب الأولمبي في العاصمة الألمانية برلين.

وتأهل المنتخب الإسباني للمباراة النهائية ليورو 2024 عن جدارة واستحقاق بعد أداء رائع ونتائج مبهرة في اختبارات كروية قوية، حيث يبقى الفريق الوحيد الذي حقق الفوز في جميع مبارياته الست بالبطولة.

تصدر الماتادور الإسباني بقيادة مديره الفني لويس دي لا فوينتي المجموعة الحديدية محققا العلامة الكاملة حيث استهل المشوار بفوز كبير على كرواتيا بثلاثية دون رد، ثم أسقط إيطاليا حامل اللقب بهدف نظيف، قبل أن يفوز على ألبانيا بنفس النتيجة في ختام مشواره بالدور الأول.

وفي مرحلة الأدوار الإقصائية، فاز الإسبان على جورجيا (4-1) ثم أطاحوا بمنتخب ألمانيا، منظم البطولة، بهدف قاتل منحهم الفوز (2-1) في الثواني الأخيرة من الشوط الإضافي الثاني، قبل أن يقلب الطاولة على فرنسا ويفوز بنفس النتيجة في الوقت الأصلي بمباراة الدور قبل النهائي.

السير على الأشواك

أما المنتخب الإنكليزي فقد سار مديره الفني غاريث ساوثغيت ونجومه هاري كين وجود بيلينجهام وفيل فودين وبوكايو ساكا على الأشواك في ظل تعرض الفريق لانتقادات عنيفة في وسائل الإعلام بسبب تذبذب الأداء منذ بداية مشوارهم في يورو 2024.

ولكن منتخب الأسود الثلاثة صمد أمام هذه الموجة العنيفة، ونجح في التأهل للمباراة النهائية للمرة الثانية على التوالي بعدما خسر نهائي النسخة الأخيرة بركلات الترجيح أمام إيطاليا قبل 3 سنوات وسط جماهيرهم في ملعب ويمبلي بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي (1-1).

تصدر الإنكليز أيضا المجموعة الثالثة برصيد خمس نقاط بعد فوز باهت على صربيا بهدف سجله جود بيلينغهام، ثم تعادلين أمام الدنمارك بنتيجة (1-1) وسلوفينيا بدون أهداف.

وتجاوز المنتخب الإنكليزي منافسيه في الأدوار الإقصائية بأكثر من عودة مثيرة "ريمونتادا" حيث أنقذه نجمه جود بيلينغهام بتسجيل هدف في الثواني الأخيرة ليمنحه التعادل (1-1) أمام سلوفاكيا في دور الـ16 قبل أن يضيف هاري كين هدف الفوز بالوقت الإضافي.

وفي دور الثمانية قلب المنتخب الإنكليزي تأخره بهدف أمام سويسرا إلى تعادل (1-1) قبل أن يتأهل متفوقا بنتيجة (5-3) بركلات الترجيح.

وتكرر السيناريو بريمونتادا إنكليزية جديدة في الدور قبل النهائي حيث تقدم منتخب هولندا بهدف مبكر قبل أن تقلب إنكلترا الطاولة على الطواحين بالفوز بنتيجة (2-1) بهدف سجله البديل أولي واتكينز في الثواني الأخيرة من زمن المباراة الأصلي.

دفعة ثنائية

وفي الملعب الأولمبي ببرلين، من المقرر أن يكتمل القوام الدفاعي لمنتخب إسبانيا بعودة الظهير الأيمن داني كارفاخال وقلب الدفاع روبن لو نورماند بعد غيابهما عن مواجهة فرنسا في قبل النهائي بسبب الإيقاف لتراكم البطاقات، بينما سيغيب لاعب الوسط بيدري بسبب إصابة قوية في الركبة اليسرى تعرض لها خلال مواجهة ألمانيا في دور الثمانية.

ويتسلح منتخب إسبانيا بالجناحين الواعدين نيكو ويليامز ولامين يامال، الفائز بجائزة رجل المباراة أمام فرنسا في قبل النهائي، وكذلك ثنائي الوسط رودري وفابيان رويز اللذين يصنفان أنهما من نجوم البطولة، ومعهما داني أولمو الذي نجح في تعويض غياب بيدري.

ويعتلي أولمو قائمة هدافي يورو 2024 بتسجيله 3 أهداف متساويا مع الإنكليزي هاري كين والألماني جمال موسيالا والسلوفاكي إيفان شرانز والهولندي كودي جاكبو، والجورجي جورج ميكوتادزي.

أما ساوثغيت فيملك كتيبة مدججة بالنجوم يحسده عليها الكثيرون أبرزها المحاور الهجومية كين وبيلينغهام وساكا وفودين ولاعب الوسط ديكلان رايس، ولاعب الوسط النشيط كوبي ماينو، بخلاف مخزون استراتيجي على مقاعد البدلاء بإمكانه صناعة الفارق مثل كول بالمر وأولي واتكينز وإيفان توني وكونور غالاغر وأنتوني غوردون بخلاف عودة الظهير الأيسر المخضرم لوك شاو بعد تعافيه تدريجيا من الإصابة.

ثلاثية استثنائية

وفي برلين يتطلع منتخب إسبانيا للفوز بلقبه الرابع في النهائي الخامس له أوروبيا، حيث رفع الكأس الفضية في أعوام 1964 و2008 و2012 بينما خسر نهائي 1984 أمام فرنسا.

ويعرف لويس دي لافوينتي مدرب منتخب إسبانيا البالغ من العمر 63 عاما الطريق جيدا نحو منصات التتويج، ويسعى بدوره لثلاثية استثنائية بعدما قاد إسبانيا للفوز ببطولة أوروبا للشباب تحت 19 عاما في 2015 وبطولة أوروبا تحت 21 عاما في 2019، ويأمل في اللقب الأوروبي على مستوى الكبار.

وتضم إنجازات دي لا فوينتي أيضا الفوز بفضية دورة طوكيو مع منتخب إسبانيا الأولمبي في 2021، والتتويج بلقب النسخة الثالثة ببطولة دوري أمم أوروبا في 2023.

أما منتخب إنكلترا فيسعى للفوز بلقب أمم أوروبا لأول مرة في تاريخه بعدما خسر نهائي النسخة الأخيرة أمام إيطاليا، وكسر العقدة التي لازمته لعقود طويلة في البطولات الكبرى بعدما ضل الطريق لمنصات التتويج منذ فوزه بمونديال 1966 الذي أقيم على أراضيه.

كما يأمل المدرب ساوثغيت في تزيين مسيرته مع الإنكليز بعدما حل رابعا في مونديال روسيا 2018 ووصيفا لبطولة أوروبا في 2021 بينما خرج من دور الثمانية في مونديال قطر 2022، وذلك للرد على المشككين في قدراته.

وسيكون نهائي يورو 2024 المواجهة الثالثة بين إنكلترا وإسبانيا في بطولة أمم أوروبا، وتميل الكفة نحو الإنكليز الذين فازوا (2-1) في الدور الأول ببطولة 1980، ثم تفوقوا بنتيجة (4-2) بركلات الترجيح بعد تعادل سلبي في دور الثمانية بيورو 1996.

كما يتفوق منتخب إنكلترا في إجمالي المواجهات المباشرة حيث حقق 14 فوزا و3 تعادلات بينما خرج منتخب إسبانيا فائزا 10 مرات آخرها (2-1) في أيلول 2018 بدور المجموعات في دوري أمم أوروبا، بينما انتهت المواجهة الأخيرة بين الفريقين بفوز إنكلترا (3-2) في تشرين الأول بنفس العام في إطار دوري الأمم أيضا.

الأوراق الرابحة

تميز المنتخب الإسباني الذي حقق 6 انتصارات متتالية في البطولة، بعمق جيد في قائمته، الأمر الذي ساهم في تعويض غياب بعض اللاعبين، أو ابتعادهم في بعض الأحيان عن المستوى المطلوب.

وكان ضمن أبرز اللاعبين الإسبان الذي قدموا مستويات مميزة بعد مشاركتهم كبدلاء، لاعب وسط ريال سوسييداد ميكيل ميرينو، الذي سجل هدف الفوز الثمين لمنتخب "لا روخا"، في شباك المنتخب الألماني بالدور ربع النهائي (2-1).

ويعتمد مدرب المنتخب الإسباني لويس دي لا فوينتي، في خطه الأمامي، على الثلاثي لامين يامال ونيكو ويليامز وألفارو موراتا، لكن في حال حاجته لسيقان منتعشة خلال المباريات، فإنه يلجأ للاعبين أمثال جناح برشلونة فيران توريس، الذي أحرز هدفا في شباك ألبانيا بالدور الأول، ومهاجم سوسييداد ميكيل أويارزابال.

وتعرض نجم برشلونة بيدري لإصابة في مباراة ربع النهائي أمام ألماني، ما استدعى دخول لاعب لايبزيغ داني أولمو، الذي قام بدور لاعب الوسط الهجومي رقم (10) على أكمل وجه، فسجل هدفا فور نزاله أمام ألمانيا، ثم أضاف هدفا آخر في مباراة نصف النهائي أمام المنتخب الفرنسي (2-1).

بدلاء الإنكليز

في الناحية المقابلة، غير مدرب المنتخب الإنكليزي جغريث ساوثغيت كثيرا في المباريات الست ببطولة أوروبا حتى الآن، وبرز عدد من اللاعبين الذي لم يكونوا أساسا ضمن التشكيل الأساسي.

وبرع لاعب الوسط الشاب كوبي ماينو في دور لاعب الوسط المحوري بجاني ديكلان رايس، وكان أفضل لاعب في فريقه بالدور نصف النهائي أمام هولندا.

ويشكل نجم تشيلسي كول بالمر خطرا داهما، في كل مرة يشارك فيها كبديل خلال المباريات، وهناك مطالبات بإشراكه أساسيا أمام إسبانيا في النهائي.

وغاب المدافع مارك غويهي عن المشاركة بمباراة ربع النهائي سويسرا، ليشارك عوضا عنه إزري كونسا الذي قدم أداء جيدا، وكان للمهاجم إيفان توني دورا محوريا في الفوز على الدنمارك في ثمن النهائي بصناعته هدف الفوز لقائد الفريق هاري كين، وتسجيله ركلة ترجيحية بهدوء في الفوز على سويسرا.

لكن، أبرز الأسلحة البديلة في تشكيل المنتخب الإنكليزي، هو نجم أستون فيلا أولي واتكينز، الذي أحرز هدف الفوز الثمين في مرمى هولندا بدور الأربعة، وهناك إمكانية لأن يقوم لاعبون أمثال إيبريتشي إيزي وجارود بووين وترينت ألكسندر أرنولد وأنتوني غوردون وكونور غالاغر، بدور رئيسي، في حال حصلوا على فرصتهم بالمباراة النهائية.

دي لا فوينتي

نجح المدرب لويس دي لا فوينتي، رغم العقبات والانتقادات، في إعادة منتخب إسبانيا إلى الطريق الصحيح بثقة وهدوء، حيث باتت على بعد خطوة واحدة من إحراز لقب اليورو للمرة الرابعة.

وتُلقبه الصحافة الإسبانية بـ"لويس الهادئ"، خلافا للشخصية البركانية لسلفه لويس إنريكي، ويعتبر المدرب البالغ من العمر 63 عامًا مهندس إحياء كرة القدم الإسبانية التي استعادت عافيتها بعد سنوات من التراجع والابتعاد عن المنافسة.

وبعد اعتزال لاعبين كبار من جيله الذهبي على غرار سيرجيو بوسكيتس وجوردي ألبا، جدّد ظهير أتلتيك بيلباو السابق تشكيل "لا روخا" وحدّث أسلوب الاستحواذ الذي كان سمة متجدّدة لبطل العالم 2010 من دون "فنّانيه" السابقين في خط الوسط أمثال أندريس إنييستا أو تشافي أو سيسك فابريغاس.

وتحبّ إسبانيا مع دي لا فوينتي امتلاك الكرة، لكن أضاف الى ذلك الاختراق، الإيقاع والسرعة والشكل العامودي إلى الأسلوب الجماعي، معوّلا في الوقت ذاته على "انفجار" موهبة الجناحَين الشابَين لامين جمال، 17 عامًا، ونيكو وليامس، 22 عامًا.

لم يُهزم منتخب لاروخا لأكثر من عام في المنافسات الدولية، ويتفق المراقبون بالإجماع أنّه أفضل فريق في البطولة، كما ينال مدرّبه إشادات واسعة في كل مكان لإدارته الرائعة.

سامحنا يا لويس

وكتبت صحيفة "ماركا"، التي كانت تنتقده بشدة في بداياته خصوصًا بعد هزيمته أمام اسكتلندا (2-0) في مباراته الثانية على رأس الفريق: "الآن كل العالم في حالة صمت. سامحنا يا لويس، لم نكن نعرف ما كنا نقوله".

كانت قد كتبت آنذاك الصحيفة اليومية "ما هي الخطّة؟"، وتابعت هجومها لتصف الفريق "بالمبتذل والواهي الذي يدفع ثمن أخطائه".

وبينما بدا الأمر وكأنه أعاد كرة القدم الإسبانية إلى المسار الصحيح، إلا أنّ المدرب الذي اعتبر موقتا كاد يدفع ثمن عاصفة لويس روبياليس، الرئيس السابق للاتحاد الإسباني الذي ينتظر الآن محاكمته بتهمة تقبيل بطلة العالم جيني هيرموسو قسرا.

وتحت الضغط الكبير الذي مورس عليه، اضطر دي لا فوينتي إلى "طلب المغفرة" بعد إشادته بالخطاب التبريري الذي ألقاه روبيابيس الذي رفض بعد ذلك الاستقالة "من أجل قبلة صغيرة بالتراضي" وانتقد بشكل خاص "النسوية الزائفة".

ما تلا ذلك كان مثاليًا. الفوز على جورجيا 7-1 ثمّ على قبرص 6-0، ليتمكّن بطل أوروبا 2008 و2012 من تصدّر مجموعته في التصفيات المؤهلة الى نسخة 2024.

يتذكّر المدرب قبل مواجهة الدور ثمن النهائي للمسابقة القارية أمام جورجيا ذاتها: "لقد كانت مباراة مهمة جدا بالنسبة لنا، هذا هو المكان الذي أظهرنا فيه أننا فريق قوي للغاية وملتزم ومتحد للغاية.

وأردف: "وهنا بدأنا استخدام مصطلح العائلة"، الجميع إن كان أساسياً أو بديلاً، يشيد بالمدرّب الذي منحهم الثقة والهدوء.

قد يمكن إرجاع تلك الثقة والشغف الى مسيرة دي لا فوينتي مع منتخبات إسبانيا العمرية، بعد أن أشرف على منتخبات ما دون 23 و19 و17 عاما، ومرّ عليه العديد من لاعبي المنتخب الأول الحالي على غرار بيدري، ميكل ميرينو، فابيان رويس، رودري، داني أولمو، مارك كوكوريا وأوناي سيمون الذين لمعوا جميعًا منذ بداية البطولة.

وينتظر المنتخب الإسباني الآن مباراة أخيرة لفرض سحره والتألق، وجعل دي لا فوينتي يدخل التاريخ، باعتباره الرجل الذي أعاد إسبانيا، رغم كل المصاعب، إلى قمّة كرة القدم العالمية.

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت