اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


تريد الولايات المتحدة الأميركية بشدّة إنجاز "اتفاق الحدود البرّية بين لبنان و "إسرائيل" قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض، سيما أنّ أسهم الرئيس السابق دونالد ترامب قد ارتفعت بعد المناظرة الأولى التي حصلت أخيراً بين الرجلين. ولهذا تتحرّك اللجنة الخماسية، وسفراؤها في لبنان، فضلاً عن كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين، علّهم يتمكّنوا من إحداث خرق ما في الملف الرئاسي، وفي مسألة تحديد الحدود البريّة بين لبنان و"إسرائيل" بهدف رفع أسهم بايدن بعض الشيء، رغم أنّ المؤشرات لا تدلّ، حتى الساعة، على أنّ الملفين سائرين نحو التحقّق. غير أنّ هوكشتاين سبق وأن فاجأ الجميع منذ نحو سنة و9 أشهر بإنجاز "اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و "إسرائيل" التي كانت شائكة ومعقّدة كثيراً.

مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت لجريدة "الديار" عن أنّ هوكشتاين يتحرّك في اتجاه بعض الدول الأوروبية، أوّلها فرنسا التي زارها أخيراً والتقى فيها المسؤولين وموفد الرئيس إيمانويل ماكرون الى لبنان جان إيف لودريان، فضلاً عن إيطاليا وألمانيا وبريطانيا، كونها مهتمّة باتفاقية الحدود البريّة بين لبنان و "إسرائيل"، من أجل العودة الى عملية التنقيب عن الغاز والنفط في البلوكات اللبنانية البحرية، لا سيما في البلوكات الحدودية 8 و9 و10 الواعدة.  ويحاول الاستفادة ممّا تبقّى من شهر تمّوز الجاري، لتحقيق خطوة متقدّمة ما، قبل دخول بلاده في "كوما" الانتخابات الرئاسية.

فالوسيط الأميركي، وفق المصادر نفسها، يخشى من عودة الرئيس ترامب الى البيت الأبيض، لأنّ هذا الأخير هدّد بالانتقام من بايدن. وهوكشتاين يحتلّ اليوم منصب كبير مستشاري الرئيس الأميركي الحالي لشؤون الطاقة. ما يعني أنّ شظايا الانتقام، في حال عاد ترامب، سوف تصيبه، الأمر الذي سيجعله يخسر منصبه، ويكون بالتالي عرضة لانتقادات الرئيس الخلف. ولهذا ثمّة من تحدّث عن أنّ زيارة هوكشتاين التي قام بها أخيراً الى لبنان في 18 حزيران المقبل، قد تكون الأخيرة له. فصحيح أنّ المفاوضات سوف تُستكمل بوساطة أميركية لحلّ مسألة الحدود البريّة بين لبنان و "إسرائيل"، إلّا أنّ هوكشتاين لن يكون الوسيط الأميركي هذه المرّة، ولا مستشار الرئيس الأميركي الجديد لشؤون الطاقة بالتأكيد.

من هنا، فإنّ هوكشتاين سيكون في موقف حرج، في حال عدم عودة بايدن، أو اي شخصية أخرى من حزبه، الى البيت الأبيض، على ما أكّدت المصادر ذاتها، ما يجعله يُقدّم كلّ ما يملك من "مقترحات" من أجل إنجاز "الاتفاق البرّي". علماً أنّه تحدّث مرّات عديدة، عن أنّ هذا الاتفاق "منجز"، وإن لم يظهر أي شيء حتى الساعة على الأرض. غير أنّ هوكشتاين بحث تفاصيله مع المسؤلين اللبنانيين، وشرح ما جرى التوصّل اليه معهم، الى لودريان خلال زيارته الأخيرة الى باريس، وأبلغه أنّ "الإتفاق هو شبه منجز، ولا يحتاج سوى الى وضع اللمسات الأخيرة عليه". كما أبلغه نيّته التوجّه الى لبنان للتفاوض على الشقّ السياسي من القرار الأممي 1701، ووضع إجراءات حدودية بين لبنان و"إسرائيل" تنطلق من القرار المذكور الذي يدعو الى وقف الأعمال العدائية بين الجانبين (القائم منذ العام 2006)، والإنتقال الى مرحلة وقف إطلاق النار.

أمّا مضمون هذا "الاتفاق شبه المنجز"، على ما كشفت المصادر السياسية، فيشمل وقف الأعمال العدائية بين الجانبين، أي وقف العمليات العسكرية من قبل "حزب الله" (سيما أنّ "إسرائيل" تخشى كثيراً من تكرار عملية "طوفان الأقصى" من الجهة الشمالية لمستوطناتها، ما يجعلها تُطالب بانسحاب الحزب من جنوب الليطاني وببعض الضمانات)، كما من قبل "إسرائيل" بما فيها القصف والطلعات الجويّة والخروقات البحرية والبريّة وجميع عملياتها ضدّ لبنان. على أن يلتزم الحزب بعدم إقامة أبراج مراقبة عند الشريط الحدودي، ويقوم الجيش بتعزيز انتشاره في منطقة جنوب الليطاني (من دون أن تتمّ مناقشة مسألة انسحاب الحزب أو تراجعه وموضوع إخفاء المظاهر المسلّحة فيها حتى الساعة). علماً بأنّ لبنان طالب، من جهته، بانسحاب الجيش الإسرائيلي من المنطقة الحدودية كيلومترات عدّة، على ما يطلب من "حزب الله"، ولم يتلقَ أي جواب على مطلبه هذا من هوكشتاين بعد زيارته لتلّ أبيب. لهذا يُمكن العودة الى ما كان عليه الوضع منذ العام 2006 بالنسبة لمنطقة الليطاني.

وفي ما يتعلّق بالنقاط الـ 13 المتنازع عليها بين لبنان و "إسرائيل"، شرحت المصادر أنّ 7 منها جرى الاتفاق عليها عن طريق اللجنة الثلاثية والأمم المتحدة. يبقى 6 نقاط، من بينها نقطة الـ "بي.وان" في رأس الناقورة، ومزارع شبعا التي ارتأى هوكشتاين إرجاء البحث في وضعهما الى مرحلة لاحقة. فبلاده، من جهة، تعتبر مزارع شبعا سورية وليست لبنانية، وتجد أنّ نقطة الـ "بي.وان" تُشكّل هاجساً أمنياً بالنسبة للإسرائيلي من جهة أخرى، كما تؤثّر على "اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و "إسرائيل" التي أنجزها في 27 تشرين الأول من العام 2022. ومع تحييد هاتين النقطتين تبقى أربع نقاط للنقاش، ينسحب منها "الإسرائيلي" خلال المفاوضات غير المباشرة حولها، فإذا تأكّدت لبنانيتها يبقى منسحباً منها، وإلّا يعود اليها في حال أظهرت الوثائق والخرائط والاتفاقيات أنّها ليست لبنانية.

وتقول المصادر عينها، انّ هذا الاتفاق وافق عليه رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، و "حزب الله" بشكل مبدئي، على أنّ التفاوض الأخير يبقى على مسألة تراجع القوّات الإسرائيلية عن الحدود اللبنانية بالمسافة نفسها التي سيتراجع فيها "حزب الله"، وموضوع إخفاء المظاهر المسلّحة من جنوب الليطاني. علماً بأنّ الحزب لم يكن موجوداً فيها منذ اتخاذ القرار 1701 في العام 2006، وحتى عملية "طوفان الأقصى".

ويرتبط الوضع اللبناني الحدودي، بوقف حرب غزّة، ووقف إطلاق النار عند الجبهة الجنوبية، على ما أكّدت، إذ أعلن "حزب الله" أنّه سيوقف إطلاق النار جنوباً فور وقف الحرب في القطاع. لهذا يعمل هوكشتاين، مع بلاده، على تسريع إنجاز وقف إطلاق النار في غزّة، خلال ولاية بايدن، لكي يتمكّن من "إنجاز إتفاق الحدود البريّة". ويأمل أن يتمكن من القيام بهذا الأمر، في حال التزم الطرفان في القطاع بوقف إطلاق النار، لأنّ هذا الأمر سينسحب بشكل مباشر على الجبهة الجنوبية، ما يتيح له بالعودة سريعاً الى لبنان والمنطقة لإنجاز الإتفاق البرّي في أسرع وقت ممكن قبل إجراء الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل.

الأكثر قراءة

الضفة الغربيّة... إن انفجرت