اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


ما دمنا ندرك ماهية الصراع مع "اسرائيل"، وهو الصراع الحضاري والصراع الوجودي، نطرح هذا السؤال الذي قد يرى فيه الكثيرون السؤال الغريب: ما الجدوى التكتيكية أو الاستراتيجية للثأر لاسماعيل هنية أو لفؤاد شكر؟

أو ليس زمن الغرائب هو زمن الأسئلة الغريبة؟ علي شريعتي قال ان الأسئلة هي التي قادت البشرية الى الله. بسؤالنا نريد أن نصل فقط الى داخل كل واحد منا...

ما الفارق بين أن يسقط الفلسطيني، سواء كان هنية أم طفلاً على يدي أمه، ان بقذيفة "اسرائيلية" في غزة أو بمقذوفة "اسرائيلية" في طهران، وقد سقط من الفلسطينيين الآن أكثر من مائة ألف قتيل وجريح؟

واذا كانت المسألة تتعلق بالمفهوم الكلاسيكي للسيادة. الجمهورية الاسلامية في حالة مواجهة مع الأميركيين الذين اغتالوا القائد التاريخي قاسم سليماني، وكان الخسارة الكبرى لمحور الممانعة. لم نر الصواريخ الايرانية توجه الى أميركا، ولا الى "اسرائيل" التي اغتالت صاحب الدماغ النووي الاستثنائي محسن فخري زادة، اضافة الى نخبة من القادة العسكريين على الأرض السورية. القيادة الايرانية تعاملت مع هذه الوقائع بمنتهى الواقعية، لادراكها الدقيق ان لدينامية الصراع أو للظروف وللمعادلات الراهنة.

بقية السؤال : ما الجدوى التكتيكية أو الاستراتيجية للثأر للقائد الفذ فؤاد شكر ؟ أليس السيد حسن نصرالله كقائد للمسيرة، هو الهدف الأكبر للأجهزة "الاسرائيلية" التي اعترفت بأنها بذلت جهوداً مستحيلة للوصول اليه، دون ملامسة حذائه. رجال الصف الأمامي في السلم هم رجال الخط الأمامي في الحرب. الحاج محسن، وأن كنا بحاجة ماسة الى مثل هذه الأدمغة، قضى مثلما قضى الآلاف من أبطال المقاومة الذين واجهوا ويواجهون منذ أكثر من 4 عقود ذلك النوع من البرابرة.

السيد من قال اننا في حرب مصيرية ضد "اسرائيل"؟ هؤلاء رجال كرسوا دمهم لخدمة التراب الذين ترعرعوا فيه، مثلما تترعرع أزهار الأقحوان أو مثلما تترعرع الصخور. وانها "اسرائيل" التي هي نتاج ثقافة توراتية قامت على اجتثاث الآخر أو على استعباد الآخر، في ظل تلك الخرافة الكاريكاتورية "شعب الله المختار"، كما لو أن هناك آدم آخر، وحواء أخرى...

أليست أيضاً نتاج الثقافة الغربية أيضاً ؟ ماذا فعل الأميركيون والأوروبيون للشعوب الأخرى سوى الاستنزاف المنهجي والدموي للثروات وللأجيال؟. لا بل ماذا فعل الأميركيون بالهنود الحمر؟ وماذا فعل الأوروبيون للاوروبيين من ايفار الكسيح زعيم الفايكينغ، الى أدولف هتلر زعيم النازيين؟

حروب على مرّ الأزمنة ومن حرب الثلاثين عاماً الى حرب المائة عام، ومن الحروب البونابرتية الى الحروب البيسماركية، وصولاً الى الحربين العالميتين، وهما الأعتى في التاريخ، ليتوّج هذا الخط الهمجي بقنبلة هيروشيما.

جدلياً، "الاسرائيليون" مثلما هم نتاج الحضارات الغربية، هم نتاج الهمجيات الغربية، غالباً من المقاعد الخلفية للتاريخ. حتى اذا قامت دولتهم على الدم، مضت بهم لوثة الدم ضد الفلسطينيين وضد العرب. وكان لليهود الذين ذاقوا الأهوال من الأوروبيين، أن يعيشوا عصرهم الذهبي في البلاط الأندلسي، (ولولا ايزابيلا لبويع يهودي خليفة على المسلمين)، وكذلك في بيروت ودمشق والقاهرة، حيث كانوا سادة الدواوين وسادة الأسواق.

منذ البداية، أوضح الأمين العام لحزب الله ما يعنيه الصراع مع "اسرائيل"، وهي الذراع العسكرية للمصالح الغربية والأميركية بوجه خاص، وكذلك الذراع الثقافية التي فرضت تلك الحالات الايديولوجيات الرثة، بابقاء المجتمعات العربية، وفي زمن ما بعد التاريخ (بحسب الفيلسوف الأميركي آرنولد ديفيدسون) ليس فقط تحت خط التاريخ، وانما أيضاً تحت خط الزمن.

ولكن لترى الفيلسوفة الأميركية اليهودية جوديث باتلر أن الدولة العبرية لم تكن لتقوم لولا المعادلات الدولية والاقليمية، التي أرستها الحربان العالميتان الأولى والثانية، لتسأل عن مصيرها اذا تغيرت المعادلات "لأن التاريخ لا يقيم طويلاً في الفراش" ؟

ما يحدث الآن، محطة من سلسلة محطات طويلة يفرضها الصراع، لنتوقف عند ما قاله فيلسوف التاريخ البريطاني آرنولد توينبي "يخيّل اليّ أن الشيطان هو من يقود الأمبراطوريات، ودائماً الى... الجحيم". حال "اسرائيل" (أمبراطورية يهوه) حال كل الأمبراطوريات الأخرى...

لنكن أكثر وضوحاً. أمام شلالات الدم هذه، لا فارق بين نقطة الدم ونقطة الدم. ثأرنا بنزع أنياب البرابرة !!

الأكثر قراءة

اكبر المعارك ستحصل بين المقاومة والاسرائيليين وهدف اسرائيل حرب اميركية ــ ايرانية الرئيس الايراني لماكرون: الحل يكون بوقف الابادة الجماعية واطلاق النار في غزة