اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

ليغضب من يغضب. حين يعلو ضجيج الدم في غزة، دون أن يهتز عرش من عروش العرب، ومن يطلق عليهم فولكلورياً "المسلمون"، ويقفل دعاة الديموقراطية وحقوق الانسان أفواههم بالشمع الأحمر، بمن فيهم من يعتبرون أنفسهم ورثة الأنبياء ـ بل ورثة الله ـ يحق لنا القول ان أميركا حلت محل الله في ادارة البشرية.

متى لم يكن تاريخ البشرية تاريخ الدم، لنسأل في ظل تلك الغرنيكا الأبدية، لماذا ترك الله قايين يقتل هابيل، ليبقى حجر القاتل يتدحرج عبر الأزمنة وعبر الأمكنة، ولتتحول الكرة الأرضية، وبالرغم من كل مفاتن الدنيا، وفي زمننا من مارلين مونرو الى هيفاء وهبي، مروراً ببريجيت باردو وفيفي عبده، الى مقبرة؟

قناعتنا الآن، كوننا على خطى باروخ سبينوزا، الذي لم يعثر على الله في الكتب المقدسة، أن الله خلق عمداً اسحق أبو "اليهود" ليكون قايين، وخلق اسماعيل أبو العرب ليكون هابيل. نحن القتلى، سواء كنا في ناطحات السحاب أم كنا نلهث وراء الرغيف. أي عربي يتجرأ أن يرفع رأسه أمام الكاوبوي، سوى تلك القلة القليلة التي تقاتل عبثاً بالأيدي العارية، وبالأرواح العارية؟

لنقول لكم ان الذين سقطوا في غزة ذهبوا هباء. منذ الآن يتوعد دونالد ترامب بأنه لن يترك ملكاً ولا رئيساً في مكانه (وأي ملوك هؤلاء وأي رؤساء هؤلاء ؟) اذا لم يذهب سيراً على الأقدام الى أورشليم، دون أن نكون في حال من الأحوال مع حماس، بالخلفية الايديولوجية التي تعيدنا الى العصر الحجري، ولا مع "فتح"، بمسارها البهلواني ان في الخندق أو في الردهة الديبلوماسية.

لكنها فلسطين بترابها وبناسها، لا بكنائسها ولا بمساجدها. لكنه لبنان، ولكنها سوريا، ولكنها مصر. كل دولة عربية فلسطين الأخرى، فلسطين القتيلة. فارق هائل بين أن تكون مضرجاً بالدم، وأن تكون مضرجا بالعار.

تلك القلة القليلة التي رأت الظهير في ايران داخل هذا الظلام، بعدما كانت عباءاتنا تزحف الى بلاط الشاه (آه يا مظفر النواب !). ولكن ألا يسأل الكثيرون ما جدوى صراخ الايرانيين، وعلى مدى نحو نصف قرن ضد "الشيطان الأكبر"، ودون أن نغفل أنها تحمل على الأقل في اللاوعي بعضاً من الظلال الأمبراطورية، وكذلك هواجسها الجيوسياسية والجيوستراتيجية.

منذ منتصف القرن الفائت، لا مجال لأي مشروع آخر سوى المشروع الأميركي، ولا وجود الا الوجود الأميركي في المنطقة ؟ هكذا ندور في الحلقة المفرغة، ولا سبيل آخر سوى أن نعلق في قعر الزجاجة أو في عنق الزجاجة.

الايرانيون يدركون ما هم ومن هم الأميركيون. مثلما يتناهي اليهم وقع أقدام "يهوه" في رؤوس رؤساء أميركا، يعلمون أن ما من أحد يطأ أرض المكتب البيضاوي، الا اذا جثا بين يدي ملوك التوراة، وأعلن أن الدولة العبرية هي "وديعتنا المقدسة" في الشرق الأوسط.

بطبيعة الحال، لا بد من الامتنان لايران التي لولاها لكنا سننتظر الى يوم القيامة تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 425، ولبقيت الأقدام الهمجية تجثم على أرضنا وعلى صدورنا.

ثم من هي الجهة التي أمدت غزة بالسلاح سوى ايران ؟ هناك حيث الأداء الأكثر من أن يكون بطولياً من المقاتلين الفلسطينيين، أدى الى تعرية "اسرائيل" حتى العظم. العارية تماماً لولا المعطف الأميركي على ذلك الهيكل العظمي. لاحظتم كيف أن الخليفة العثماني اكتفى بالتنديد. حتى الآن لا يزال يبعث بالأسماك والخضر الى "اسرائيل"، بعدما توقف خجلاً عن ارسال الذخائر.

هذا لا يمنعنا من ابداء الذهول أمام التهديدات الايرانية والصرخات الايرانية والاستعراضات العسكرية الايرانية، وحيث الاعداد للضربة الثأرية. هل من يريد أن يثأر يهدد على مدار الساعة، ويدعو الى اجتماع طارئ لتلك الجثث (وزراء خارجية دول منظمة التعاون الاسلامي)، لتظهر تلك الصرخات وعلى مدى ايام طويلة، كما لو أنها دعوة الى الولايات المتحدة للقيام بما يلزم لحماية الدولة العبرية من الضربة، تماماً على غرار ما حدث في 14 نيسان.

كل الأسرار العسكرية الايرانية وضعت أمام أميركا و "اسرائيل"، بعدما أظهرت أحداث السنوات الأخيرة أن "الموساد" موجود في كل مكان من ايران، وأن ايران مكشوفة أمام "اسرائيل" التي تستطيع في أي لحظة، أن تضرب في الظهر وفي الصدر.

رجاء أيها الايرانيون الأعزاء، اقرؤوا ما كتبته هيئة التحرير في صحيفة "وول ستريت جورنال"، وهي الصوت السياسي والمالي للدولة العميقة، حول "خطورة القنبلة النووية الايرانية ". اقرؤوا وتفكروا. أنتم من كشفتم ظهوركم وصدوركم...

الأكثر قراءة

رجاء أيّها الإيرانيّون...