اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم يعد السؤال المطروح اليوم هو عن «اليوم التالي» لوقف النار في غزة او ترتيبات ما بعد توقف جبهة الاسناد في الجنوب. انتقل الجميع الى البحث عن اجابة حول ماهية «اليوم التالي» لفشل الجولة الجديدة من التفاوض التي تساهم الولايات المتحدة الاميركية عمدا في اجهاضها، وسط حالة من الذهول داخل قطاعات واسعة امنية وسياسية في كيان العدو، وليس لدى الجبهة الاخرى، المدركة، سلفا ان لا «بضاعة» للشراء من ادارة الرئيس جو بايدن ووزير خارجيته انتوني بلينكن الذي وصفت النائبة الديموقراطية الهان عمر زيارته الى اسرائيل «بالمذلة» بعدما رضخ على نحو تام لشروط بنيامين نتانياهو المصر على حرب الابادة في القطاع في اطار استراتيجية طويلة الامد، كشف عنها الاعلام الاسرائيلي امس، وتقوم على عودة استيطان غزة مجددا، بدءا من الشمال، واصفة كل ما يحصل الان بانه مجرد «شراء للوقت» بانتظار الاستحقاق الرئاسي الاميركي.

لا خطة لحرب واسعة؟

وفيما، اثار حجم الدمار في مستوطنة «كتسرين» في الجولان المحتل حالة من النقاش الصاخب في «اسرائيل»، ترجح كل التوقعات والمعلومات، استمرار حرب الاستزاف طويلا على كافة الجبهات، دون وجود ضمانة بعدم حصول حرب واسعة في المنطقة. فـ «اسرائيل» لا تزال تتهيب الحرب الشاملة، ويسرب اعلامها عدم المصادقة حتى الان على اي خطة للمواجهة في الشمال مع ترجيح رفع نسق المواجهة الى ما دون الحرب عبر اقرار خطط لتنفيذ غارات جوية واسعة على مراكز استراتيجية لحزب الله. لكن الخشية تبقى من رد الطرف الآخر على هجوم مماثل مع التذكير ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله هدد برد دون «سقوف».

«الهبوط الآمن»

ولهذا بدات واشنطن العمل على تحقيق ما يمكن وصفه «بالهبوط الآمن» للفشل الجديد المفترض لوقف الحرب على غزة. ووفقا لمصادر دبلوماسية، عاد ارسال «الرسائل» من جديد باتجاه طهران وحزب الله لعقلنة الردود المرتقبة، تحت عنوان عدم المخاطرة بانفجار كبير في فترة الفراغ في الولايات المتحدة، حيث لا قدرة جدية للادارة على السيطرة على ردود الفعل الاسرائيلية في لحظة «الجنون» الحالي على كافة الجبهات.

ماذا تريد واشنطن؟

و «الرسائل» التي يتولى نقلها القطري من خلال زيارة وزير الخارجية محمد عبدالرحمن آل ثاني الى طهران، وكذلك العماني، والمصري، تتضمن شرحا لصعوبة المرحلة وعدم اليقين من امكان منع التدحرج نحو الاسوأ. ولهذا فان ما تريده ادارة بايدن الان، نسق تصعيد يمكن السيطرة عليه، خصوصا على الحدود في الجنوب، باعتبارها «عود الثقاب» الذي قد يشعل فتيل الانفجار الكبير، مع ضمانة بتقييد ردود الفعل الاسرائيلية بما لا يتجاوز حدود المواجهة حاليا، والعمل على خفض اي تصعيد بسرعة كيلا يتحول الى مواجهة واسعة النطاق.

محور المقاومة يرفض «البازار»

وفي هذا السياق، علمت «الديار» انه ليس لدى محور المقاومة اي استعداد للدخول في هذا «البازار» الكارثي على المنطقة، لان ما تريده ادارة بايدن عدم انفجار الغام الشرق الاوسط في طريق المرشحة كاميلا هاريس، من خلال استرضاء اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة عبر التسليم بمنح «اسرائيل» المزيد من الوقت لاستمرار حرب الابادة في غزة، وتبحث له عن ضمانة بعدم حصول تصعيد من قبل جبهات المساندة.

لا ضمانة «لليوم التالي»

ووصفت اوساط مقربة من حزب الله الطروحات بانها وقاحة منقطعة النظير. فما تريده واشنطن عمليا تاجيل الحل الى ما بعد الانتخابات، دون وقف التطهير العرقي بحق الفلسطينيين، ثم تعود الادارة الجديدة لفرض وقائع على الارض، باعتماد «العصا» دون «الجزرة» هذه المرة، خصوصا اذا ما عاد دونالد ترامب الى البيت الابيض. وانطلاقا من هذه المعطيات، لن تحصل واشنطن على اي وعد لا تلميحا ولا مباشرة بخصوص «اليوم التالي» لفشل عملية التفاوض، فاما تنجح الان في فرض وقف النار على نتانياهو، او ستتحمل نتائج التداعيات غير المنضبطة والتي لا يمكن التكهن بعواقبها.

تجاوز الارتطام الكبير؟

 خصوصا ان الميدان سيكون الحاكم في تحديد المسارات، وليس اي شيء آخر، وعندما تغيب الديبلوماسية، واصوات «العقل»، تصبح الامور مفتوحة على كافة احتمالات الحسابات الخاطئة، او الاحداث المتدحرجة، وعندئذ لا ضمانة بحدود التصعيد حتى لو كانت كل الاطراف لا تريد الحرب الشاملة. وقد وصف مسؤول سياسي رفيع الموقف بالقول» ان المنطقة اليوم تشبه سفينة دون ربان، عالقة في عاصفة، وتتلاطمها الامواج، ولا احد يعرف مدى قدرتها على مقاومة الرياح العاتية، ولا احد يدرك ايضا اذا ما كانت ستتمكن من تجاوز الارتطام الكبير والغرق».

  المرحلة اكثر خطورة

وفي هذا السياق، رات وسائل اعلام العدو ان عودة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن من الشرق الأوسط إلى الولايات المتحدة، تشير إلى اقتراب مرحلة جديدة، ربما أكثر خطراً، للحرب. ويبدو أن احتمالية التوصل إلى صفقة التبادل في الفترة القريبة انخفضت جداً. وجولة بلينكن حققت الهدف الرئيسي للإدارة الأمريكية. فقد شكل نوعاً من الدرع البشري الذي يضمن عدم حدوث أي هجوم إيراني أو من حزب الله على «إسرائيل»، في وقت افتتاح مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو ويبدو أن واشنطن أملت استمرار هذه المعجزة حتى إلقاء خطاب تتويج المرشحة كامالا هاريس. لكن مشاكل الأزمة بقيت على حالها: فالمفاوضات عالقة، واحتمالات رد حزب الله، وايران مرتفعة جدا.

حزب الله يستعد للرد؟

وفي هذا السياق، نقلت صحيفة «هآرتس» عن مصادر استخباراتية اسرائيلية تاكيدها، أن حزب الله، بات أكثر تصميماً على تنفيذ الرد في وقت قريب نسبياً. ويستعد جهاز الأمن لسيناريوهات مختلفة، منها محاولة حزب الله المس بقواعد الجيش الإسرائيلي في شمال وفي «غوش دان».

خطر الانفاق

من ناحيتها، أفادت «القناة 12» الإسرائيلية بأنّ «أكثر ما يخيف ويرعب سكان الشمال هو الدخول البري لحزب الله، ونحن لا نعرف إن كان لدينا أيّ فكرة عن وجود المزيد من الأنفاق التي تخترق الحدود في الشمال. وتعليقاً على دخول «إسرائيل» في حربٍ ضد حزب الله، قال اللواء في الاحتياط، يعقوب عميدرور، لــ «القناة 14» الإسرائيلية، إنّ «الحرب مع حزب الله ليست بسيطة، وهي حرب صعبة للجبهة الداخلية والأمامية. وأضاف عميدرور أنّ «إسرائيل، مثل غالبية الدول في العالم، عندما يكون لديها جبهتان، تُفضّل القتال في جبهةٍ واحدة، هذا هو تاريخ البشرية وكل نظريات الحروب في العالم؛ عندما يكون متاحاً إمكان الاختيار، لا تختار فتح جبهة ثانية قبل أن تنتهي من الجبهة الأولى. ولفت إلى أنّ «إسرائيل» تدرك أنّ من الصعب عليها أن تقاتل في جبهتين في آن واحد. لذلك، علينا أن ننتظر حتى ننتهي من تفكيك حماس. حينئذ، سننتقل إلى جبهة الشمال. لذلك، علينا ألا نقاتل في جبهتين.

سيناريو «الرعب»

 من جهته، حذّر الخبير الاقتصادي الإسرائيلي، النائب السابق لمحافظ بنك «إسرائيل» ومؤسس «معهد أهارون للاقتصاد» في جامعة رايخمان، تسفي أكشتاين، من حربٍ شاملة متعددة الجبهات، واعتبر أنّ «سيناريو تهديدات من جانب إيران وحزب الله، تتوقف فيه جميع الطائرات عن التحليق إلى «إسرائيل»، هو سيناريو رعب لا توجد توقعات حياله. وأضاف أكشتاين أنّ سيناريو الحرب مع حزب الله خلال الأشهر الماضية كان مقلقاً لـ «إسرائيل»، فكيف إذا تحوّلت الحرب إلى حرب متعددة الجبهات. وأوضح أنّ تسمية الحرب بـ «سيناريو الرعب» سببه أنّ الصواريخ ستصل إلى «تل أبيب»، وستتوقف الرحلات الجوية، وربما سيتم استهداف الموانئ، محذراً: «ليس واضحاً كيف ستخرج إسرائيل من هذا السيناريو»، كما أن حكومة نتنياهو لا تمللك أي رؤية لذلك...

السقوط في «الهاوية»

وفي هذا السياق، حذر الضابط المتقاعد المعروف بـ «جنرال الغضب» اسحق بريك من مستقبل اسود لدولة الاحتلال، وقال «ان اسرائيل تسرع الخطى نحو الهاوية. إذا استمرت حرب الاستنزاف مع حماس وحزب الله، فستنهار إسرائيل خلال سنة تقريبا». وقال ان «جيش الاحتياط يصوت بالأرجل بعد تجنيد متكرر للجنود أنفسهم؛ لأنه لا يوجد ما يكفي لاستبدالهم بغيرهم، والاقتصاد يتحطم. إسرائيل تظهر في العالم كدولة منبوذة، ما يستدعي المقاطعة الاقتصادية والحظر على التزود بالسلاح، وهذا يؤدي إلى فقدان المناعة الاجتماعية، والكراهية بين أجزاء الشعب التي تشتعل وتؤدي إلى تحطمه من الداخل».

بلوغ «نقطة اللاعودة»

وقال بريك «السنوار ونصر الله يدركان الوضع الصعب في إسرائيل، فهناك ديكتاتور واحد يتحكم بمصير الدولة، وقطيع أغنام يسير وراءه. قرر نتنياهو الموت مع الفلسطينيين كيلا يفقد الحكم. يجب استبداله، وأمثاله، في أسرع وقت ممكن لإنقاذ الدولة. إسرائيل دخلت إلى دوامة وجودية، وفي القريب تصل إلى نقطة اللاعودة». 

حرب استنزاف دون استراتيجية

من جهتها اكدت صحيفة «معاريف» ان إسرائيل تنجر إلى حرب استنزاف خطرة في الحدود الشمالية في غياب اي استراتيجية  لان المستوى السياسي أرسل الجيش الإسرائيلي لإطالة وقت قتال ضد حزب الله، مع تعليمات بعدم السماح بالانزلاق إلى حرب بحجم كامل أو حرب إقليمية.

تفريغ طبريا «بملعقة»؟

ولفتت الى ان لحزب الله ترسانة سلاح هائلة. وعليه، فإن ضربة المخازن تشبه تفريغ بحيرة طبريا بملعقة. قد تبدو الصورة منعشة ثم نعرضها كصورة نصر، لكن هذا ليس أكثر من قرص أسبيرين لمريض سرطان.

لا رهان على الوقت

ولهذا، دعت الصحيفة المسؤولين  الاسرائيليين الى عدم الرهان على الوقت لان حزب الله يعرف «اسرائيل» جيدا، وهو بدا يدرك في الأسبوعين الأخيرين ان المستوى السياسي مشغول بشرك سياسي داخلي خلقه هو نفسه حول قطاع غزة. ولهذا يجب العمل بقوة تجاه حزب الله. ولا ينبغي الاكتفاء بحملات شراء هدوء مؤقتة وإنتاج صور تفجيرات ليلية، وبرايها، يجب الحرص على تفكيك حقيقي لقدرات حزب الله العسكرية.

   مشاهد مرعبة في «كتسرين»

ميدانيا، وفيما تواصلت عمليات الاسناد والرد على الاعتداءات الاسرائيلية امس، وبينما طالبت الصين رعاياها اليوم بمغادرة لبنان بأسرع وقت ممكن، تصدرت مستوطنة «كتسرين» في الجولان المشهد في كيان العدو بعدما تعرضت لقصف مركز من قبل المقاومة ردا على الغارات على البقاع، في يوم شهد سقوط مئتي صاروخ ومسيرة في المنطقة، واشار المراسل في القناة «الـ14» الإسرائيلية يائير ألتمان (وهو الصحافي الذي توجه إليه انتقادات لنشره دائماً أخباراً خلافاً لتعليمات الرقابة العسكرية) الى إنّ 60 منزلاً  تضرر الأربعاء نتيجة قصف حزب الله في الشمال. وقال ضابط الأمن الإسرائيلي، أفي لوغسي، ان 4 منازل دمرت بشكلٍ كلي، والباقي تضرر بشكل جزئي، مضيفاً: «كان هناك أضرار كبيرة وحرائق هائلة. بدورها، ذكرت القناة «الـ12» الإسرائيلية أنّ الحدث المركزي في الشمال هو الأضرار الجنونية التي وقعت في مستوطنة «كتسرين» بفعل صواريخ حزب الله.  وقالت القناة إنّ صوّر البيوت المتضررة التي تأكلها النيران مرعبة.

استراتيجية خطرة

 وفي هذا السياق، نقلت منصة إعلامية إسرائيلية عن مصدر أمني إسرائيلي قوله إنّ «حزب الله أخرج إلى حيز التنفيذ استراتيجية خطرة، وهي إطلاق الصواريخ مباشرةً نحو مستوطنات لم يتم إخلاؤها في الشمال، ويجري الحديث عن تصعيد خطر. وكشفت الأضرار التي لحقت بمستوطنة «كتسرين» في الجولان السوري المحتلّ عن عجز الدفاع الجوي الإسرائيلي ومنصات القبب الحديدية عن التصدي للسلاح الفتاك. وفق تعبير صحيفة «يديعوت احرنوت» الاسرائيلية.

  خطة «اليوم التالي»

في هذا الوقت، كشف الوف بن في «هارتس» عما يخطط له لـ «اليوم التالي» في غزة. وقال «ان إسرائيل تريد ان تسيطر على شمال القطاع وتطرد الـ 300 ألف فلسطيني الذين ما زالوا هناك، فيما الجنرال احتياط غيورا آيلاند، أيديولوجي الحرب، اقترح تجويعهم حتى الموت أو طردهم إلى المنفى، كوسيلة لإخضاع حماس. اما اليمين في «إسرائيل» فينظر بنهم إلى المنطقة لاستيطانها مع الإمكانية الكامنة العقارية الضخمة في هذه الطبوغرافيا المريحة والمشهد على شاطئ البحر والقرب من «غوش دان». ويقدر نتنياهو بأنه بعد الانتخابات الأميركية، سيخفت تأثير المتظاهرين الذين يؤيدون الفلسطينيين في السياسة الأميركية، حتى لو فازت كامالا هاريس. اما اذا قلب ترامب الأمور رأساً على عقب وعاد إلى البيت الأبيض، فالمتوقع أن يطلق نتنياهو يده في القطاع.

خطر «اللائحة الرمادية»

اقتصاديا، يتصاعد خطر وضع لبنان على «اللائحة الرمادية، ووفقا لمصادر مطلعة، فقد لمس عدد من المتابعين للملف تراجع تفاؤل المصرف المركزي بامكانية ابعاد لبنان عن هذا «الكأس المر»، بعدما وردت مؤشرات الى بيروت، بان ما قدم حتى الان لا يبدو كافيا في ظل عدم نجاح القطاع المصرفي في استعادة ثقة المودعين، وبقاء الكثير من العمليات المالية ضمن اقتصاد «الكاش» الذي يسمح بعمليات تبييض الاموال. وفي هذا السياق شدد حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري على أن المركزي يعمل على إرساء حالة من الاستقرار في انتظار حلول كبرى تتطلب إجراءات من القوى السياسية، وقال «ما زلنا نعمل جاهدين لمنع إدراج لبنان على اللائحة الرمادية».

الأكثر قراءة

كلام حمادة "زحطة"... أو معطيات غربية ؟ جنبلاط ساءل نائبه... ويتحسّب للاسوأ