اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


احتفلت الطوائف المسيحية بعيد مولد السيدة مريم العذراء، وسط أجواء من الفرح تنوعت بين القداديس والزياحات والنشاطات التثقيفية والترفيهية، وأكدت العظات "ان أمنا العذراء هي التي تواصل حمايتنا بصلواتها وشفاعتها".

وفي السياق، ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الرَّاعي قداس الأحد السابع عشر من زمن العنصرة ،في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، وألقى عظة قال فيها: "المحبّة والرحمة هما ثقافتنا المسيحيّة التي علينا أن نعامل بها كلّ إنسان، دونما اعتبار لدينه أو ملّته أو انتمائه. يكفي أن يكون ذا حاجة. والحاجة لا دين لها ولا انتماء. فالينبوع لا يسأل العطشان عن دينه، وانتمائه. هذه بطولة الحياة في تعليم الربّ يسوع".

وقال: "تحتفل الكنيسة بعيد مولد سيّدتنا مريم العذراء. أرادت الكنيسة أن تكرّم ميلاد مريم لأنّها تجعل منه بداءًا لخلاص البشريّة بالمسيح الذي سيولد فيها. وُلدت مريم، ككلّ إنسان، من والدَين هما يواكيم وحنّة. ولكن بتدخّل إلهيّ عصمها الله من الخطيئة الأصليّة، الموروثة من أبوَينا الأوّلين آدم وحوّاء، حسب كتب الوحي الإلهيّ. عصمها الله لأنّه أعدّها لتكون أمّ إبنه".

وتابع: "بالمحبّة والرحمة تتوقّف الحرب على غزّة وفي جنوب لبنان. استمرار الحرب ضعف وخسارة للجميع: خسارة أرواح الله وحده هو سيّد حياتها وموتها، خسارة استقرار المواطنين الآمنين بتهجيرهم، هدم البيوت وحرق الأرض والممتلكات وجنى الأعمار من دون سبب سوى الهدم. لو يفكّر ضميريًّا أمراء الحروب في كلّ هذه النتائج، لتوقّفوا عن فعلهم هذا الذي هو علامة ضعفهم لا بطولتهم. ولو يفكّرون بالأموال الطائلة التي ينفقونها في الحرب وفي التسلّح، ويحرمون شعوبهم منها، وبأيّ سلطان يفعلون هذا ولأي أهداف، لأدركوا شرّ الحرب، وذهبوا إلى التفاوض السلميّ. وبثقافة المحبّة والرحمة، تعيش مكونّات الدول وحدتها الداخليّة، على تنوّع ثقافاتها وأديانها".

اضاف:  "لا يكفي أن نعلن رغبتنا بالشراكة الوطنيّة من دون إرادة الفعل، وتغيير السلوك، ونزع الولاءات الخارجيّة، والإتفاق على "المختلف". دولة لبنان الكبير تتألّف من جماعات كانت تتفاعل قبل إمارة جبل لبنان وأثناءها وبعدها. تاريخنا الجماعيّ السياسيّ أخبار وتقاتل واجتياح وسيطرة، خلافَ تاريخنا الخاص المقتصِر بإبداعاته على النخب والأفراد. ورُغم ذلك، غامرنا وأسّسنا دولة لبنان الكبير خلاصة مكوّنات الشرق لتكون مقبولة في محيطها العربيّ، فإذا بالمحيط يقبلها، ومكوّنات لبنانيّة ترفضها. مشروعنا هو التعايش السلميّ والحضاريّ بين المسيحيّة والإسلام ومع محيطنا الطبيعيّ. نحن آمنّا بالإنتماء العربيّ، وأطلقنا الفكرة العربيّة لتحرّر شعوب المنطقة من "التتريك"، لا اللبنانيّين من "اللبننة".

وقال: "إنّ اللبنانيين يعانون من ثقل التربية والتعليم والصحة والإستشفاء والغذاء والمعيشة وفرص العمل وسواها وهي من صميم مسؤولية الدولة الملتزمة برعاية أبنائها. لكنّها معدومة طالما أنّ الدولة بلا رأس وفاقدة الجانب الأعلى من ميثاقيتها، الذي يستمر فارغًا منذ ما يقارب السنتين. إن هذا الفراغ الذي يبدو متعمّدًا يترك تداعيات سلبية كبيرة على المستوى الوطني أولها عدم انتظام المؤسسات، وتفكك الإدارة واستباحة القوانين والأعراف وصولًا إلى استهداف مواقع ومراكز مسيحية وبخاصة مارونية في الدولة تمهيدًا الى قضمها، ما بات يهدد صيغة المشاركة والمناصفة في الحكم والادارة. الكل بانتظار المبادرات الخارجية، المشكورة، التي لا يجوز أن تختزل إرادة اللبنانيين عبر ممثليهم في مجلس النواب. فمن المؤسف والمعيب ان يبقى انتخاب الرئيس أسير رهانات على الخارج، او على استحقاقات أو تطورات خارجية وهمية. وأن تبقى كتل نيابية اسيرة رهاناتها الضيقة الخاطئة. إن التحرك الداخلي المطلوب هو ضرورة لنجاح المساعي الخارجية، وأبرزها مساعي اللجنة الخماسية، التي استأنفت تحركها المتعلق بالاستحقاق الرئاسي هذا الاسبوع، والذي نأمل له النجاح بتجاوب المجلس النيابي الذي يبقى المسؤول الاول والاخير عن اتمام هذا الاستحقاق ووضع حدّ للحالة السياسية غير السليمة وغير المألوفة والشاذة في لبنان".

بعد القداس، استقبل البطريرك المشاركين في الذبيحة الالهية.

المطران ابراهيم: لنضع كل مخاوفنا وآلامنا بين يديها

ترأس رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران ابراهيم مخايل ابراهيم قداساً في باحة مقام سيدة زحلة والبقاع، وأشار في عظته الى أننا "عندما نتأمل في قداسة مريم، ندرك أننا أمام نموذج فريد في الطهارة والقداسة، نموذج للأمومة، والعطاء، والحب، والإيمان العميق"، لافتا الى أن "مولد العذراء مريم يرمز إلى إشراقة النور في عالم كان يتخبط في ظلام الخطيئة. هي الممتلئة نعمة التي اختارها الله منذ الأزل لتكون أماً لابنه الوحيد. قداسةُ مريم تتجلى في طاعتها الكاملة لمشيئة الله، وفي نقاء قلبها الذي لم يعرف أي خطيئة".

وذكر أن "هذه القداسة ليست مجرد فضيلة فردية، بل هي دعوة لكل واحد منا للسير على خطاها. عندما نتأمل في حياتها، ندرك أن الطاعة لمشيئة الله ليست عبئاً، بل هي طريق إلى الفرح الحقيقي. مريم تعلّمنا أن القلب النقي، المستعد للإصغاء لصوت الله، هو قلب يفيض نعمة وبركة"، مضيفا "في هذا الظرف العصيب الذي يمر به لبنان، نقف جميعًا أمام التحديات الكبيرة التي تهدد كياننا ووحدتنا وسلامنا. لكن، كما حمت مريم زحلة ولبنان في الماضي، هي اليوم تواصل حمايتنا بصلواتها وشفاعتها. كيف ننسى حماية مريم العجائبية لزحلة في محنتها. مولد العذراء مريم هو دعوة لنا جميعًا لكي نجدد إيماننا بالله وبقدرته على تحويل الظلام إلى نور. فلنضع كل مخاوفنا وآلامنا بين يديها، ولنتعلم منها كيف نكون أبناءً طائعين لله، ونمضي قدمًا بثقة بأن يد الله تعمل من خلالنا".

الخورأسقف فرنجية: لتُنير كلمة الله طريقنا

وفي إهدن، قال الخورأسقف اسطفان فرنجية في القداس الذي ترأسه في كنيسة سيدة الحصن: "..المنارة هي التي تدلّ على الطريق، والمنارة بالنسبة لنا نحن أبناء المسيح هي كلمة الله، هي الإنجيل، هذه الكلمة يجب أن تحتلّ المرتبة الأولى في حياتنا ونعطيها الوقت الكافي من خلال القداس أو القراءة أو التنشئة المسيحية أو القراءة الروحية، فتُنير كلمة الله طريقنا وإلا نمشي في الظلام ونرفض النور. اليوم نحن أمام خيار العودة الى الكتاب المقدس وتعليمه لأولادنا، لشبيبتنا، وفي رعيتنا مجالات جمّة لنتعمق في كلمة الله".

...ومسيرة صلاة وتأمل

نُظّمت مسيرة صلاة وتأمّل لمناسبة عيد مولد السيدة العذراء، من كنيسة مار بطرس وبولس وصولًا إلى كنيسة سيدة الحصن في إهدن، حمل خلالها المؤمنون تمثال السيدة العذراء، وتخلّلتها صلوات وتراتيل على نيّة لبنان.

ولدى وصولها إلى مدخل الكنيسة، استُقبلت العذراء بالصّلوات والزّغاريد ورشّ الورود وعزف الموسيقى والتّراتيل.

في كسروان

احتفلت بلدة بقعتوتة في كسروان وسط أجواء من الفرح، تنوعت بين القداديس والزياحات والنشاطات التثقيفية والترفيهية، والتي استمرت على مدى أسبوع.

إلى ذلك، شهد أسبوع إحياء "عيد السيدة" عرض أفلام وندوات من وحي المناسبة، فضلاً عن ريسيتال روحي.

وفي الختام، كان قداس احتفالي ترأسه النائب البطريركي العام على نيابة صربا المارونية المطران بولس روحانا، الذي ألقى عظة تمحورت حول "وجاهة ومكانة السيّدة مريم العذراء وشفاعتها ووساطتها بيننا وبين الرب من أجل نيل النعم".

الأكثر قراءة

مقاتلو الإيغور على حدود لبنان:ما وراء الحشود السورية الغامضة؟