اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

مما لا شك فيه أن كل المؤشرات الدولية والإقليمية توحي بأن العدوان على لبنان طويل ومفتوح على كل الاحتمالات، وخصوصاً أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يرأس أكثر الحكومات تطرّفاً منذ انطلاق دولة إسرائيل. وفي هذا السياق، ورداً على سؤال حول قراءته للوضع المصيري الذي يعصف بالبلد، يرى الوزير بارود في حديث لـ "الديار"، أن "القراءة صعبة لأن الرؤية سيئة وضبابية بفعل دخان الغارات والحرائق، بما فيها تلك السياسية والديبلوماسية، ومن يدّعي أنه يدرك ما يحمله الآتي من الأيام، فهو منجّم أو قارئ في الفنجان. والشيء الأكيد أن آلة الحرب الإسرائيلية مستمرة في غياب أي ضابط لها، بل في ظل "قبّة باط" دولية وعجز حتى من أصدقاء لبنان عن فرض وقف لإطلاق النار، وما يحصل هو اعتداء واضح على سيادة لبنان وإسقاط للقرار 1701 وجرائم حرب وصلت إلى حدّ منع فرق الإسعاف من القيام بواجبها الإنساني الذي تكفله اتفاقيات جنيف!".

وبالنسبة لما يتردّد عن أن هذه الحرب ستكون طويلة، يجيب بارود، "نحن أمام اعتداءات وحشية لا مدى زمني لها ولا مدى جغرافي أيضاً، فيما القدرة اللبنانية على الصمود تتعرض كل يوم لتحديات إضافية، وحتى المساعدات الإنسانية والطبية تبدو متواضعة نسبةً إلى الحاجات الكبرى وحركة النزوح غير المسبوقة.

وعن إمكان نجاح مبادرة الثلاثي بري ـ ميقاتي ـ جنبلاط الرئاسية، يرى بارود، أن "السؤال الذي يفرض نفسه هو ماذا تغيّر حتى يتم إحداث خرق في جدار المراوحة الرئاسية؟ فدور الرئيس أهم من شخصه في هذه المرحلة؟ ممتاز وممتاز أيضاً إداراك أهمية وجود رئيس للجمهورية في هذه الظروف. في أي حال، أي مبادرة هي حميدة ومطلوبة وأي تلاقٍ بين اللبنانيين على أسس تحمي البلد هو أمر ضروري ولو جاء متأخراً، ولعلّ تخطي الشكليات من قبل القيادات المسيحية يعبّر عن درجة عالية من الوعي ومن ضرورات الشركة التي لا يمكن لأحد تجاوزها، ولا شك أن "لبننة" الاستحقاق الرئاسي هي المعبر الإلزامي والمنطقي والسيادي، وهذه اللبننة تتقاطع، شئنا أم أبينا، سواء اعترفنا بذلك أم لا، مع مصالح إقليمية ودولية، ومن الملح أن نقدّم فيها مصلحة لبنان العليا على أي اعتبارات أخرى، فالمبادرة بداية ووسيلة وليست غاية بذاتها، ونجاحها رهن بمضمونها وبالآليات التي توضع في اتجاه انتخاب رئيس صُنِعَ في لبنان مع مهمة واضحة تحاكي التحديات إلى جانب رئيس حكومة وفريق وزاري كفوء".

وعما إذا تم سحب الحلّ الديبلوماسي من التداول كما قال آموس هوكستين، وأصبحنا متروكين، يقول الوزير بارود، "تُركنا منذ مدة ولا نزال والجهود الديبلوماسية تبدو قاصرة عن تأمين الحد الأدنى وهو وقف إطلاق النار ووحشية الضربات وعشوائيتها في التعرّض للمدنيين، ومع ذلك، أعتقد أن الحل الديبلوماسي لن يُسحب من التداول كلياً لكن توقيته بطيء وكأنه ينتظر تحقيق شيء ما في الميدان الأوسع في المنطقة ككل. نحن في حرب إقليمية تتّسع أو تضيق وفق حسابات تصل إلى ما وراء المحيط الأطلسي".

وعن اليوم التالي، يجيب بارود، "بعد أن تضع الحرب أوزارها، سيكون الحوار اللبناني - اللبناني حاجة وطنية، وآمل أن نتصارح بحرية ونستخرج الحلول التي تحمي لبنان، والتي تؤسِّس لدولة قادرة تحمي أبناءها، لا سيما أنه لدينا جيش نفخر به وسيكون له دور أساسي في المرحلة المقبلة".

وحول أن الخشية لدى غالبية اللبنانيين باتت كبيرة على لبنان، يعتبر الوزير بارود، أن "الخشية هي على معنى لبنان ودور لبنان ورسالته، هذا الوطن المتنوِّع هو حاجة للعالم ولا أبالغ في ذلك، فلعنة الجغرافيا ضربت فيه مراراً، ولكن كما نقول في العامية الموت مِش نَعَس، قدرنا أن نواجه ونعيد البناء ولكن هذه المرة على أسس صلبة تشبه ما سعى إليه يوماً الرئيس فؤاد شهاب، إن لجهة بناء المؤسسات، أو لجهة الجيش أو لجهة الخيمة على الحدود وما تعنيه من تحييد لبنان عن الصراعات وتضامنه الكامل مع القضايا المحقة عندما يتفق العرب في آن معاً".

وعن قراءته للواقع المسيحي بعد انتهاء هذه الحرب، يقول الوزير بارود، "خلافاً لما يرى البعض فيه ضعفاً، أنا أرى في التنوّع السياسي لدى المسيحيين مصدر غنى، فالمطلوب من القوى السياسية المسيحية الوطنية في حبها للبنان ولنهائيته أن تضع جانباً خلافاتها (المشروعة) انتخابياً وسياسياً، وأن تعتمد خطوطاً حمراء لا يمكن تجاوزها لجهة الدور المسيحي في لبنان، هذا الدور الذي، إن تعزّز، كان مفيدا لمجموع اللبنانيين. هنا أيضا، نختلف ما شئتم في السياسة والانتخابات، وإنما نجتمع على حماية هذا الدور وعلى حماية لبنان، فالتجذّر في الأرض لا تكسره عواصف عابرة، مهما اشتدّت".

الأكثر قراءة

من الكهوف الى الملاهي الليلية