اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

لم تكن الكنيسة المارونية يوما من الفريق الداعم لحزب الله، بل كانت من المطالبين بوضع سلاحه في خدمة الشرعية والجيش اللبناني، وبعد أحداث ٧ تشرين الأول كان الكاردينال بشارة الراعي أول الداعين الى فك الارتباط بين لبنان وغزة، محذرا من الانخراط في الحرب وفتح جبهة لبنان. فالتباعد كان موجودا وبقوة بين الصرح وحارة حريك، على الرغم من القنوات المفتوحة دائما للتواصل والنقاش الفكري والسياسي.

وقد برز الفتور في العلاقة بين الطرفين مع تعثر انتخاب رئيس جمهورية، برفض بكركي استمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، حيث ركزت عظات الصرح على ضرورة ملء الفراغ في بعبدا تحسبا لأي تطورات، قد لا تكون لمصلحة لبنان.

ولعل الراعي كان محقا في مخاوفه بعد العدوان «الإسرائيلي» الذي دمر الحجر وقتل البشر، بحيث أصبح أكثر من مليون ونصف مواطن لبناني خارج منازلهم وقراهم من الضاحية الجنوبية والبقاع والجنوب، مع الترانسفيرا الشيعي الكبير الى المناطق المسيحية والدرزية والسنية، وحيث كان الموضوع السياسي سيأخذ شكلا واطارا آخر للمعالجة لو وجد الرئيس المسيحي التوافقي والقوي، الذي يقدم الحلول والمخارج للأزمة.

لكن وعلى الرغم من الاختلاف السياسي، فان الكنيسة كما تقول مصادر مسيحية لم تقف على الحياد في موضوع الحرب الدائرة، لإبادة طائفة ومكون أساسي، وقد وضعت التباين جانبا وانخرطت في معركة مساندة الهاربين من أتون الحرب، فكانت من المبادرين في ترتيبات النزوح لمساعدة النازحين التزاما بالرسالة المسيحية، وكان لافتا ان مجلس المطارنة الموارنة اعلن وقوف الكنيسة الى جانب «الشعب الجريح في الأبرشيات والرعايا» ، منطلقا من الحس الإنساني، فتم تفعيل عمل الابرشيات والمؤسسات المسيحية في لبنان والخارج، لمساندة أهل الوطن.

من الواضح ان التضامن اللبناني مع النازحين من مناطق الاشتباك كان كبيرا من المراجع الروحية الى السياسيين، فالرئيس السابق للحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، كان أول الداعمين لحزب الله من ٧ تشرين الأول، ومن المبادرين لفتح مراكز الإيواء في الجبل . والأمور لا تختلف كثيرا عن حرب تموز ٢٠٠٦ لدى بيئة وجمهور «التيار الوطني الحر»، فورقة التفاهم شكلت في الماضي ضمانة في الحرب، وأدى التيار دورا مركزيا في تعزيز التضامن والشركة باحتضان النازحين من الجنوب والضاحية الجنوبية، وعلى الرغم من الاختلاف مع حزب الله في ملف الرئاسة والانخراط في الحرب، فان التيار يقف حاليا الى جانب الحزب وجمهوره، وقام بترتيبات معينة لتعزيز التضامن الداخلي، وخلق مناخ ارتياح في ضجيح المعركة .

سنيا فتح الشمال ذراعيه لاحتضان النازحين من الجنوب والضاحية، ومن الواضح ان ثمة تغييرا كبيرا أصاب الشارع السني بعد حرب غزة، التي أرست معادلات مختلفة على صعيد العلاقة بين الجمهور السني والبيئة الشيعية.