اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

 لا ريب أن اغتيال الشهيد السيد حسن نصرالله، وقد سبقته وأعقبته سلسلة من الاغتيالات الصادمة، أحدث زلزالاً سياسياً في لبنان وبتداعيات دراماتيكية، حتى أن أكثر من جهة داخلية احترفت العداء له رأت أن مجرد غيابه، يعني أن تغييراً بنيوياً حدث في "الحالة اللبنانية"، لنكون أمام لبنان الآخر وبنوع آخر من القادة...

هذه قراءة عرجاء للمشهد الذي لا ننفي سوداويته ومأسويته، لا سيما حين تقترن تلك القراءة بالرهان على "اسرائيل" في دفع التغيير الى حدوده القصوى. فات أصحاب الرهان أن حزب الله ليس بالمنظمة الكلاسيكية، التي نشأت بدافع الوصول الى السلطة (وهو التعريف الأكاديمي لما ترمي اليه الأحزاب السياسية). 

الدافع اجتثاث الأقدام الهمجية من لبنان. هذا ما حدث، لتبقى الرؤوس الهمجية على حدوده، وبخلفية ايديولوجية تقوم على الثأر وعلى ازالة الآخر، وهذه ما يظهره الخط التوراتي على مدى المائة عام المنصرمة ، من زئيف جابوتنسكي الى بنيامين نتنياهو؟

المشهد اختزله مسؤول العلاقات الاعلامية في الحزب محمد عفيف، وبلهجة التحدي وحتى في اختيار المكان الذي تحدث منه. بدا واثقاً من أن المقاومة استعادت ـ وكان من الطبيعي أن يحدث ذلك ـ كل ديناميات القوة والمواجهة، تزامناً مع ما يحدث وما يمكن أن يحدث على الأرض.  الأميركيون أنفسهم حذروا من "المجازفة القاتلة".

عفيف قال لأصحاب الرهان اياهم "لا تحرقوا أصابعكم"... الترجمة التلقائية لذلك "لا تحرقوا لبنان"، وبعدما تجاوزت المكونات اللبنانية سنوات التعبئة السياسية والتعبئة الطائفية، لتتعاطف على ذلك النحو الرائع مع النازحين، بعيداً عن بعض "الظواهر النازية" لدى جهات  تعتبر أن ساعة تدمير"البيئة الحاضنة " قد دقت، في محاولة مروعة للانخراط في السيناريو "الاسرائيلي".

هذا حزب مقاومة، وسواء وجد فوق الأرض أم تحت الأرض، لتكشف أحداث غزة ثم أحداث لبنان، مدى التماهي بين الجنون "الاسرائيلي" والجنون الأميركي، حتى أن مفكراٍ ومؤرخاً بارزاً مثل شلومو ساند يحذّر من أن "يقودنا الجنون الأميركي الى الهاوية"، وهو ما حدث للعديد من حلفاء الولايات المتحدة في العالم.

منذ عقود، وفي رؤوسنا ما يعنيه الاستقطاب الأحادي ، أن تدور الكرة الأرضية على قرن ثور. وحين أعلن جورج بوش الأب، غداة سقوط الأمبراطورية السوفياتية قيام النظام العالمي الجديد، ودون أي تغيير في الرؤية الفلسفية للعلاقات الدولية، علّق زبغنيو بريجنسكي، وهو القارئ لجدلية الأزمنة... " بل أنها الفوضى العالمية الجديدة"!

البداية كانت بغزو افغانستان والعراق، ومع ترك اليمين "الاسرائيلي" (كظاهرة هيستيرية) يجتاح المؤسسة السياسية والمؤسسة العسكرية على السواء، لنشهد السياسة الأميركية في أقصى تجلياتها. تسعير الصراعات في الشرق الأوسط وتفعيل الترسانة "الاسرائيلية"، رغم تحذير باراك أوباما من "اللوثة الأمبراطورية" لدى بنيامين نتنياهو، ووصف جو بايدن له بـ"ابن العاهرة". وكان البعض قد استهول في بداية الثمانينات من القرن الفائت، وصف ناجي العلي (رسام الكاريكاتور الفلسطيني الشهير) لأميركا بـ"الأمبراطورية العاهرة".

الأمبراطورية التي أدارت الصراع بعصا الكاوبوي، باتت تخشى من أن يكون السقوط في الشرق الأوسط السقوط في فوهة الجحيم. المعلق الأميركي فريد زكريا "أليس بايدن من زوّد نتنياهو بأكثر الأسلحة هولاً لتحويل غزة الى مقبرة،  وهو ما تحاول أن تكرره على أرض لبنان"؟

ما قلناه في بدايات الحرب، تقوله "يديعوت أحرونوت" الآن ، أشارت الى بيان للجيش "الاسرائيلي" يعتبر فيه  رسمياً  غزة جبهة ثانوية، الأولى جبهة لبنان التي منها يبدأ تغيير الشرق الأوسط. كل فرق النخبة وبأعداد هائلة على حدودنا، لنسأل مرة أخرى الى أين يريد أن يصل بنيامين نتنياهو، الذي يعلم ما حل بكل من سبقه في الموقع على أرض لبنان؟ انها الخطوة الأولى نحو الانحدار.

أين أميركا في هذه الحال؟ الفرنسي دومينيك دو فيلبان يستغرب مدى الهلهلة في السياسات الأميركية، حين يتساءل اذا كانت الأمبراطورية قد سقطت في الدوامة "الاسرائيلية"، وهي التي تراهن على أن يسقط الشرق الأوسط كله في الدوامة "الاسرائيلية"؟ 

هذا اللبنان الذي يتوجس آموس هوكشتاين من المقاومة فيه، لا تليق به لا ثقافة الكهوف، ولا ثقافة الأقبية، ولا ثقافة الغيتو...

الأكثر قراءة

حزب الله يضرب قواعد ومصانع عسكريّة في حيفا ... وتزخيم ديبلوماسي لتطبيق الـ 1701 ونشر الجيش مُشاركة منقوصة في لقاء معراب... وجعجع يدعو لرئيس يتعهّد بنزع السلاح وتنفيذ القرار 1559 حراك ناشط على مسار البيان الثلاثي لانضاج انتخاب رئيس وفاقي