اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يفترض أن ننقل ما يفكر به، وما يقوله، الأميركيون حول الأحداث الراهنة، بخلفياتها، وبآفاقها، حتى لو أنهالت علينا الحجارة ـ الحجارة العمياء ـ من كل حدب وصوب. ولكن ألسنا في حالة الصدمة حين يترك رجالنا، بقاماتهم الأسطورية، يواجهون ذلك الغول التكنولوجي، وكأنه خرج، للتو، من جهنم، ليجعل من بلادنا جهنم؟

قراءة في التصريحات، وفي التعليقات والتحليلات، الأميركية. في الصحف، وعلى الشاشات. قناعتهم أن ما جرى أدى الى تعرية ايران، وقد دأبت، في العقود المنصرمة، على اطلاق صيحات التهديد والوعيد، لتدق، في ساعة الاختبار، وهي ساعة الحقيقة، الأبواب الديبلوماسية على اختلافها.

ما هي ذريعة الايرانيين لتبرير ما يدعونه الأميركيون "الكوميديا العسكرية" للنأي بأنفسهم عن الميدان، حتى اذا ما علت الصرخات "أين أنتم؟"، كانت الضربة المبرمجة الى اسرائيل، ومن ثم اللجوء الى كل الطرق الديبلوماسية للحيلولة دون بنيامين نتنياهو، وضرب المنشآت النووية والنفطية، اذ من شأن أي ضربة ليس فقط زعزعة النظام، بل تقويضه، اذا لم يكن باستطاعته الدفاع عن أكثر المرافق أهمية، على المستوى الاستراتيجي، في البلاد.

كثيرون تساءلوا كيف لدولة أن تهدد، بلسان كل مسؤوليها، وصولاً الى أئمة المساجد، بازالة اسرائيل من الوجود، دون أن تمتلك الوسائل الدفاعية اللازمة، ودون معالجة الثغرات الأمنية الهائلة، والتي أتاحت للموساد الوصول الى تلك الرؤوس، والى تلك الأمكنة، الحساسة؟

الايرانيون يعتبرون أن انخراطهم المباشر في الحرب، اذ يستدعي، تلقيائياً، التدخل العسكري الأميركي، يحول بينهم وبين مساعدة الحلفاء لوجيستياً وعملانياً. هل يعني ذلك ترك الحلفاء يواجهون، دون أي سند، مئات القاذفات المجنونة، ومئات الدبابات التي وصفها شاوول موفاز بـ"أبقارنا المقدسة"؟

الأميركيون يقولون ان الايرانيين أظهروا، خلال الاتصالات الديبلوماسية، الكثير من البراغماتية، مع استعدادهم للتفاهم مع الأميركيين حتى حول المسائل الجيوسياسية. لا نظن أن الأميركيين سيتعاملون مع الايرانيين بلغة مخملية، وهم الذين يخططون لاحتواء ايران، بموقعها الجغرافي الفائق الأهمية عند المفترق بين الشرق الأقصى والشرق الأدنى، في مسيرة الصراع حول قيادة العالم. بالأحرى قيادة القرن.

الأميركيون يعتبرون أن زمن اللعب على حافة الهاوية (Brinkmanship) الذي احترفه الايرانيون، وكادوا يقعون في الهاوية لولا الضغط الأميركي على تل أبيب، قد انقضى. بداية "المسار الاخر" اعادة البرنامج النووي الايراني الى الوراء بتخصيب اليورانيوم بنسبة 3.67%، وبوقف مشروع بناء الصواريخ الباليستية.

أكثر من ذلك الامتناع عن امداد الحلفاء بالمال والسلاح ما يعني خنق ايران جيوسياسياً وجيوستراتيجيا، ليتحقق شعار نتنياهو، ولطالما كان شعار واشنطن، "تغيير الشرق الأوسط"، بالضربات الديبلوماسية بدل الضربات النووية، وبعدما بدت ايران، على الصعيد الدولي، من دون ظهير استراتيجي. روسيا لا تستطيع، وهي الغارقة في مشكلاتها، الا أن تتعامل برؤوس أصابعها مع أزمات، وتعقيدات، الشرق الأوسط. الصين، وعلى طريقة كونفوشيوس، لا على طريقة ماو تسي تونغ، تكتفي بالنصيحة. مرحلة خطيرة ويقتضي التعامل معها بأعصاب من الحرير...

أميركا وحدها في الحلبة (الرومانية). اذ تتحدث "النيويورك تايمز" عن "الدببة القطبية وهي في بياتها الشتوي"، تترك للـ"فورين آفيرز" أن تصف الصين بـ"أمبراطورية والت ديزني"، لتنصح شي جين بينغ اذا كان يريد النزول الى الحلبة، بالانتقال ببلاده من اللغة الماندرينية الى اللغة الأنكليزية.

من الأقوال الأميركية أيضاً أن أهل النظام في حال من الارتباك، وهم يستعيدون التجربة السوفياتية في البريسترويكا (اعادة الهيكلة)، وفي الغلاسنوست (الانفتاح)، ما عجّل في سقوط الأمبراطورية، ليلاحظ الديبلوماسي الأميركي المخضرم آرون ميلر أن "الأيديولوجيات كلها في أزمة البقاء، ومن ايران الى اسرائيل".

دونالد ترامب الذي وعد بتوسيع مساحة اسرائيل، وعد أيضاً، اذا عاد الى البيت الأبيض، بالمضي في دومينو التطبيع، بماذا وعدت كامالا هاريس ايران؟ ذات يوم كتب الفرنسي ريجيس دوبريه عن "ذلك الكاوبوي الذي في البيت الأبيض والذي لا يرى العالم الا من فوهة البندقية"!!

الأكثر قراءة

الاجواء ضبابية والكرة في الملعب الاسرائيلي ونتنياهو: لهدنة لـ٦٠ يوما قاسم: نقاتل ونفاوض... اسرائيل فشلت باهداء هوكشتاين احتلال الخيام هوكشتاين طرح مراقبة دولية للحدود بين لبنان وسوريا بمشاركة الجيش