اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

في مشهدٍ يعكس أقصى درجات الإرباك والتخبط، صعّدت إسرائيل من تهديداتها واعتداءاتها الوحشية على الضاحية الجنوبية لبيروت، متوعدة بما سمّته "ليلة إستثنائية". لكنّ هذا التصعيد، مهما بدا شرساً، ليس سوى اعترافٍ واضح وصريح من الاحتلال الإسرائيلي بنجاح صواريخ المقاومة في تحقيق أهدافها بدقة داخل العمق الفلسطيني المحتل، من كريات شمونة شمالاً إلى قلب الأراضي المحتلة وصولاً إلى تل أبيب عاصمة الكيان المحتل. الضربات النوعية التي استهدفت مواقع استراتيجية وحيوية للعدو تجاوزت الخسائر المادية لتخلق حالةً من القلق الوجودي داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي طالما اعتبر نفسه بمنأى عن تداعيات الصراع.

الضاحية الجنوبية، بحكم رمزيتها المقاومة وحاضنتها الشعبية، كانت دائماً هدفاً مباشراً للعدو في محاولاته اليائسة للردع وإظهار القوة. إلا أن التصعيد الأخير يكشف أكثر من مجرد استهدافٍ ميداني. إنه اعتراف ضمني بأن معادلة الردع التي فرضتها المقاومة أصبحت أكثر رسوخاً، وأن صواريخها ألحقت بالعدو أضراراً عميقة تتجاوز الحسابات العسكرية لتطال حالة الأمان التي طالما تغنّى بها. الردود الإسرائيلية العنيفة هي في جوهرها محاولة يائسة للالتفاف على واقع جديد فُرض بالقوة، حيث بات العمق الإسرائيلي مكشوفاً أمام ضربات المقاومة المتكررة.

ما يحدث اليوم ليس تصعيداً عابراً بل مرحلة جديدة في صراع الإرادات. الضاحية، رغم وحشية الاعتداءات عليها، تبقى رمزاً للصمود وشاهداً على عجز الاحتلال عن تحقيق أهدافه. أما صواريخ المقاومة، فهي تؤكد أن زمن الأمان الإسرائيلي قد انتهى، وأن الاحتلال أمام قوة تفرض معادلات جديدة تُعيد تجعل العمق الإسرائيلي جزءاً من ميدان الصراع المفتوح.


الأكثر قراءة

الرئيس المنتظر: هل تُحسم التسوية قريباً؟ اردوغان ينتظر ثمن ما في سوريا: هل تكون حلب الجائزة؟