اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

اختارت لجنة تنظيم الدورة الــ 25 من "مهرجان أيام قرطاج المسرحية" في تونس شعار "المسرح مقاومة والفن حياة"، والتي انطلقت فعاليتها بالمسرح البلدي بالعاصمة تونس، بتحية المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

لأن المسرح مقاومة والفن حياة، ولأن العزائم لا تهزم على رغم كل المظالم، "كان المسرح سلاحاً، وكل من يعمل في المسرح هو محارب من أجل حرية الإنسان"، يقول الكاتب المسرحي البرازيلي، أوفيستو بوال.

تجسدت هذه المقولة في أعمال مسرحية متعددة عكست الآلام والتحديات التي تواجهها فلسطين والأمة العربية، بحيث كان المسرح من أبرز الفنون وأكثرها تعبيراً عن الروح الوطنية والمعاناة الإنسانية ونقل تجارب الشعوب بطريقة فنية مؤثرة.

لذلك، اختارت لجنة تنظيم الدورة الــ 25 من "مهرجان أيام قرطاج المسرحية" في تونس شعار "المسرح مقاومة والفن حياة"، والتي انطلقت فعاليتها مساء أمس السبت بالمسرح البلدي بالعاصمة تونس، بتحية المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

وتصدرت الأوضاع المأسوية في غزة وما يعيشه أطفالها من معاناة ركح المسرح البلدي خلال افتتاح هذه الدورة، وذلك عبر عرض موسيقي قدّمه الفنان الفلسطيني، شادي زقطان، الذي غنى للإنسان وللحرية ولقيم العدالة، إضافة إلى عرض صامت قدمته مجموعة "بابا روني" لفنون السيرك بعنوان "أطفال من العالم"، وتضمن مشاهد من حياة الغزيين قبل تدمرها آلة الحرب وذلك في رسالة تضامن مع أطفال فلسطين ولبنان، وتخلل العرض مشاهد واقعية توثق الاجرام الاسرائيلي ضد الابرياء.

مدير المهرجان، محمد منير العرقي، أكد خلال كلمة الافتتاح أن "الكلمة مقاومة والبسمة مقاومة والدمعة مقاومة، والحركة والرقصة مقاومة".

وأضاف أن "أيام قرطاج المسرحية"، "تلتئم في ظرف إنساني عالمي صعب يعاني فيه الفلسطينيون واللبنانيون مختلف أشكال الغطرسة والاضطهاد من قبل الكيان الصهيوني الغاشم"، موضحاً "لهذا اختارت هذه الدورة أن تكون مساندتها مطلقة للقضية الفلسطينية العادلة، وترفع فيها قيم الانتصار للقضايا العادلة والحق في الحياة، ونشر ثقافة العقول المستنيرة ضد الإبادة، وتدعونا إلى المقاومة ثم المقاومة".

وقال العرقي إن موضوع الندوة الدولية التي ستنعقد على هامش المهرجان لهذا العام سيكون "المسرح والإبادة والمقاومة، نحو أفق إنسي جديد".

من جانبه، قال إكرام عزوز، مدير المسرح البلدي في تونس، إن: "المسرح فعل مقاوم يقوم على جدلية وقراءة نقدية للواقع بكل مكوناته السياسية والاقتصادية وغيرها"،  مضيفاً في حديث مع "الميادين الثقافية" أن "المسرح جسّد القضية الفلسطينية في عديد الاعمال المسرحية باعتبارها القضية الاصلية في الفهم الإنساني للحياة" معرباً عن مساندته المطلقة للمقاومة أينما كانت.

أكثر من 120 عرضاً

وكان الجمهور في مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، - في إثر عرض الافتتاح الرسمي في المسرح البلدي – على موعد مع عرض مسرحي صيني بعنوان "عودة النجم"، للمخرج العالمي ليمي بونيفاسيو الذي يعمل منذ أكثر من 30 عاماً على التعريف بثقافة مجتمعات السكان الأصليين حول العالم، وعرف في أغلب عروضه بدمج الأداء المسرحي المعاصر مع حكمة الشعوب القديمة، ويُعد هذا العرض الأول عالمياً لهذا العمل المسرحي بعد أن تم تقديمه لأول مرة في الصين يوم 8 تشرين الثاني 2024.

وتضمن برنامج الدورة 125 عرضاً من 32 بلداً، وتشمل العروض 12 عرضاً في المسابقة الرسمية و35 عرضاً في الأقسام الموازية، بالإضافة إلى 13 عرضاً في قسم مسرح العالم، وعرضين في تعبيرات مسرحية في المهجر، و10 عروض موجهة للطفل، و4 عروض في مسرح الإدماج، إلى جانب 11 عرضاً في مسرح الحرية الذي يخصص لنزلاء السجون، ستقدم على مدى 8 أيام.

واستأثرت تونس بالنصيب الأكبر من المشاركات بــ 23 عرضاً خارج المسابقة الرسمية، فيما كانت بقية العروض من الجزائر وليبيا وسلطنة عمان وسوريا والأردن والعراق والإمارات ولبنان وبوركينا فاسو والكونغو والسودان، في حين ضم قسم "تعبيرات مسرحية في المهجر" عرضين مسرحيين، الأول سوري – فرنسي، والثاني تونسي – فرنسي – بلجيكي.

كما تم خلال هذه الدورة دعوة مسارح مقاومة من فنزويلا والبرازيل، والانفتاح على آسيا من خلال العرض المسرح الصيني "عودة نجم".

المسرح السوري

واختارت إدارة المهرجان أن تكون سوريا ضيفة شرف الدورة الحالية والاحتفاء بالمسرح السوري من خلال تكريم عدد من الفنانين السوريين من بينهم الفنان دريد لحام، والمخرج الفنان ممدوح الأطرش.

ويُعَدّ "مهرجان أيام قرطاج المسرحية" من أبرز التظاهرات الثقافية عربياً وأفريقياً، بحيث أسسه في عام 1983 المسرحي التونسي الراحل، المنصف السويسي، وكان ينظم كل سنتين بالتناوب مع "أيام قرطاج السينمائية"، قبل أن يصبح موعداً سنوياً لعشاق الفن الرابع.

ويبقى المسرح الأفق اللامحدود للتعبير عن القضايا الإنسانية العادلة والقيم الكونية المنشودة، وأداة استثنائية ومؤثرة في مواجهة آلة الحرب القمعية ومقاومتها، لأنه "في أوقات الظلم العظيم يصبح كل فعل بسيط مقاومة"، كما يقول الكاتب والمخرج المسرحي الألماني برتولد بريخت.

الأكثر قراءة

ما قضيّة لبنان ما لبنان بعد الحرب ؟