ما ان دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله و "إسرائيل" حيّز التنفيذ فجر الأربعاء الفائت حتى بدأ الجيش "الإسرائيلي" بخرقه، قبل إعادة انتشار الجيش اللبناني في القرى الحدودية، وقبل تشكيل "الآلية" التي ستراقب وقف إطلاق النار بين الطرفين، والتي يُفترض، بحسب الاتفاق، أن يلجأ أي منهما إليها في حال تعرّضه للتهديد، أو لانتهاك وقف النار. غير أنّ هذا الأمر لم يحصل، إذ شرع "الإسرائيلي" في خرق الاتفاق الذي لم ينشف حبره بعد بإطلاق النار على مدنيين في بلدة الخيام، وبهدم ملعب رياضي في بلدة كفركلا الحدودية، وقصف منشآت واستهداف مواقع مختلفة في جنوب لبنان، حتى وصل الى شنّ غارتين على البيسارية في صيدا التي تقع شمالي نهر الليطاني، ولا تزال الخروقات "الإسرائيلية" مستمرّة وسط عمليات تمشيط للجيش اللبناني الذي نشر فوجاً من جنوده على طول الحدود. فهل يحاول العدو إظهار أنّ هذا الاتفاق هو هشّ، أم يريد خلق قواعد اشتباك جديدة، رغم أنّ اتفاق وقف إطلاق النار يمهّد لتنفيذ القرار 1701 التي شدّد الطرفان على أهميته لتحقيق الأمن والسلم الدائمين، مع الالتزام باتخاذ الخطوات نحو تنفيذه بالكامل، دون انتهاك، وفق النقطة 3 من نصّ الاتفاق؟
كلّ المحاولات هذه التي يقوم بها العدو "الإسرائيلي" بعد أيّام من بدء تنفيذ اتفاق إطلاق النار، تؤكّد مصادر سياسية مطّلعة أنّه لم يجزها الاتفاق المذكور، فتسيير المسيّرات، وإقامة مناطق عازلة، ومنع المدنيين من العودة الى بلداتهم وقراهم، وفرض إجراءات معيّنة على سكّان القرى الحدودية، الى استهداف مدنيين لا علاقة لهم بالعمليات العسكرية، فضلاً عن إطلاق النار بحجّة التعرّض الى التهديد، وخرق وقف إطلاق النار الذي حدّده الاتفاق بمدة 60 يوماً، كمرحلة أولى، على أن يُصبح وقفاً دائماً للنار... كلّ هذه الممارسات سبق للبنان الرسمي أن رفضها. وهي تدخل ضمن بند السماح لـ "إسرائيل" بحرية الحركة بحراً وبرّاً وجوّاً، أو تنفيذ عمليات استباقية من خارج بنود اتفاق وقف إطلاق النار. وهو لم يُذكر بالطبع في الاتفاق، إنّما جرى الحديث عن أنّ الأميركي أعطاه للإسرائيلي في “اتفاق جانبي” لضمان أمنه. وهذا الأخير لا يعترف به لبنان.
ولكن كلّ ما تقوم به "إسرائيل" من خروقات، ستتقدّم به الدولة اللبنانية، على ما أوضحت المصادر، الى "آلية تنفيذ وقف الأعمال العدائية بين حزب الله و "إسرائيل"، والتي سيعمل الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز الذي وصل من قيادة العمليات الخاصّة الى بيروت منذ يومين، رئيساً مشاركاً لها الى جانب الجنرال الفرنسي والعسكريين الآخرين من لبنان و "إسرائيل" و"اليونيفيل"، كونها تُعتبر خروقات لا يحقّ لـ "إسرائيل" القيام بها تحت أي ذريعة. فآلية المراقبة، هي المخوّلة التحقيق في ما يحصل على الأرض، وهي التي عليها معالجة الأمر، وليس أي من الطرفين. وإلّا فإنّ هذا الأمر يعني، في حال استمرار الخروقات عودة المواجهات العسكرية بين حزب الله و "إسرائيل". علماً بأنّ الحزب لم يرد على أي منها، لكيلا يُتهم بنسف الاتفاق. في حين أنّ "إسرائيل" لا تتوانى عن القول انّ "الاتفاق ليس وقفاً لإطلاق النار إنّما هو هدنة مؤقّتة"، خلافاً لما أعلنه مهندس الاتفاق المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين بأنّه "اتفاق دائم لوقف النار"، مشيرة الى أنّها "في صدد التحضير الى حرب أوسع في لبنان"، وذلك بعد الموافقة على الاتفاق.
من هنا، تجد المصادر نفسها أنّه لا بدّ من توضيح كلّ هذه الأمور مع آلية المراقبة، من قبل الدولة اللبنانية، لكيلا تستمرّ الخروقات طوال الشهرين المقبلين، أو تتحوّل مجدّداً الى حرب موسّعة، بعد أن يكون الجيش "الإسرائيلي" قد أخذ قسطاً من الراحة، كان يطالب حكومته بها. وتلفت الى أنّ رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو الذي وافق على اتفاق وقف النار ولاقى معارضة شديدة في الداخل، يود استمرار الخروقات طوال فترة الـ 60 يوماً لكي يُسكت الأصوات المعارضة من جهة، ولكي يؤكّد بالتالي على وجود المستند الأميركي - "الإسرائيلي" الملحق بالاتفاق الذي "يسمح له بحرية الحركة داخل لبنان"، على ما يقول، ويشكّك البعض به، أو على الأقلّ لا يُقرّ به.
وثمّة أمران أساسيان أفسحا في المجال للإسرائيلي للقيام بسلسة خروقات أمنية بعد دخول الاتفاق حيّز التنفيذ، على ما تقول، هما:
1"- أنّ الجيش اللبناني لم ينتشر في مختلف المناطق لا سيما في القرى الحدودية الأمامية. الأمر الذي جعل القوّات "الإسرائيلية" تبقى في مواقعها وتشعر بأنّ هناك ما يهدّد وجودها. في حين أنّه بعد دخول الجيش، ستُخلي مواقعها فوراً، ما يؤدّي الى تراجع الخروقات.
2"- آلية مراقبة التنفيذ الدولية برئاسة الولايات المتحدة الأميركية وبمشاركة فرنسا لم تؤسّس، ولم تبدأ عملها بعد. ولكنّها في طور التأسيس لا سيما مع وصول كلّ من الجنرالين الأميركي والفرنسي الى لبنان أخيراً. وهذا ما دفع "الإسرائيلي" الى التحرّك من تلقاء نفسه خلال الأيام الماضية، دون اللجوء الى رفع الشكاوى الى "الآلية" هذه.
وهذان العاملان اللذان سمحا للجيش "الإسرائيلي" بالتمادي، لن يكونا قائمين خلال الأيام المقبلة، على ما أشارت، ما من شأنه وقف الخروقات أو تراجعها بعد توافرهما.
وترى المصادر السياسية نفسها أنّ الخطّة التي وضعها الجيش اللبناني سيقوم بتنفيذها على مراحل، حتى ينتشر بشكل كامل على طول الحدود، وسيكون الوحيد المخوّل بحمل السلاح أو تنفيذ العمليات، من دون المساس بقوّات "اليونيفيل" العاملة في جنوب لبنان، وتفويضها ومسؤولياتها التي ينصّ عليها القرار 1701. وهذا الأمر من شأنه لجم أي تحرّكات أو خروقات عسكرية من قبل الجيش "الإسرائيلي" خلال الأسابيع المقبلة، الى حين الإنسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية خلال فترة الشهرين المقبلين.
وهذا يعني، وفق المصادر، أنّ استمرار "الإسرائيلي" في خرقه لاتفاق وقف إطلاق النار، يُشير الى خوفه من وجوده داخل الأراضي اللبنانية، وسيكون له بالتالي تبعات في حال لم يوقف هذه الخروقات. كما لا يُمكنه خلق قواعد إشتباك جديدة لا يلحظها الاتفاق ولا القرار 1701، وإلّا فإنّه يكون يُحضّر فعلاً الى العودة الى المواجهات العسكرية بشكل موسّع. وهذا ما لا تريده واشنطن، ولا باريس اللتين قامتا بجهود جبّارة للتوصّل الى اتفاق وقف النار بغية إعادة الأمن والسلام الدوليين الى لبنان والمنطقة الحدودية.
يتم قراءة الآن
-
"بضربة معلّم" بري يعاجل الضغوط الدوليّة وسلّة أسماء من نواب وعسكريين ووزراء سابقين
-
استفزازت «اسرائيل» في الجنوب هدفها مدة اطول من 60 يوماً مصدر ديبلوماسي فرنسي: نتنياهو مصاب بالدوار السياسي ولا عودة للحرب في لبنان وصول مُوفدي اميركا وفرنسا في لجنة مراقبة وقف اطاق النار
-
دونكيشوتيّة نتنياهو ضدّ إيران
-
السوريون يقتلون سوريا
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
09:30
التلفزيون السوري يعلن أن حصيلة الأيام الـ3 الماضية من تصدي الجيش السوري لمسلحي "جبهة النصرة" قاربت الألف قتيل منهم
-
09:30
سلاح الجو السوري والروسي يواصل دك معاقل "جبهة النصرة" في ريفي حلب وإدلب
-
09:13
وزير الخارجية السوري: سنواصل العمل على استعادة الأمن والاستقرار وصون وحدة وسيادة سوريا
-
09:13
إعلام سوري رسمي: الجيش يسيطر على بلدة معردس في ريف حماة الشمالي
-
09:11
وزير الخارجية الإيراني عباس عراقتشي: الإرهاب التكفيري في سوريا أثبت أنه يتحرك في الخط نفسه مع أميركا والكيان الصهيوني
-
غارة عنيفة على حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت