اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


رغم أشهر الحرب والعدوان، بقيت بعلبك عنوانًا للصمود والتمسك بالحياة. اليوم، تفتح المدينة أبواب أسواقها مجددًا، تستقبل زوّارها بروح جديدة تعكس إصرار أهلها على النهوض رغم كل المحن.

بائع العصير الذي رفض الهزيمة

في مقابلة مع "الديار"، يروي الحاج صالح، صاحب عربة لبيع العصير الطازج في سوق بعلبك، كيف رفض أن يترك عمله حتى في أحلك الظروف. يقول: "كانت الغارات تُسمع من بعيد، لكنني كنت أقول دائمًا: إن بقي السوق، بقي الأمل. اليوم، الحمد لله، الناس عادت، وأصبحت أرى وجوهًا مبتسمة تشتري مني كما في أيام الخير".

يشير الحاج صالح إلى أن الحركة التجارية بدأت تستعيد عافيتها، موضحًا أن مشروب "عصير الخروب" الذي يعدّه أصبح رمزًا للصمود لدى أبناء المنطقة.

الأطفال يعيدون الألوان إلى الشوارع

اخبرتنا السيدة ليلى، معلمة في إحدى المدارس المحلية، أن الأطفال عادوا للعب في الشوارع المحيطة بالسوق بعد غياب طويل. تقول لـ"الديار": "كنا نخشى أن ينشأ هذا الجيل وسط الحرب دون أن يعرف معنى السلم. لكن اليوم، أرى الأطفال يركضون ويلعبون، وهذا دليل أن بعلبك لا تستسلم".

أما في زاوية السوق، تعمل أم حسن على خبز المناقيش التي اشتهرت بها بعلبك. في حديثها مع "الديار"، تقول: "كنت أخبز للمنازل المهجورة خلال الحرب لأشعر أن هناك حياة تستمر. اليوم، أرى الناس تصطف أمام الفرن، والحياة عادت".

وتؤكد أم حسن أنها تنوي توسيع عملها ليشمل أصنافًا جديدة تلبي حاجة السوق، مشيرة إلى أن استقرار الوضع الأمني ساهم في زيادة الإقبال على منتجاتها.

مبادرات نسائية لإحياء التراث

على جانب آخر، اجتمعت مجموعة من نساء بعلبك لإطلاق مشروعهن الجديد: "مطبخ الأمل". السيدة ندى، إحدى المبادِرات، تخبرنا: "فكرنا في طريقة لدعم أنفسنا وأسرنا، فقررنا تحويل وصفاتنا التقليدية إلى منتجات تُباع للسياح والمغتربين. هذا المشروع ليس فقط مصدر رزق، بل رسالة بأن تراثنا أقوى من أي حرب".

ومع عودة الأسواق إلى نشاطها، أشار خبراء اقتصاديون إلى أهمية دعم المناطق الريفية ومشاريعها الصغيرة كأداة رئيسية لتحريك عجلة الاقتصاد. وشددوا على أن ما يحدث في بعلبك هو نموذج يمكن أن يحتذى به في باقي المناطق اللبنانية.

ختامًا، بعلبك ليست مجرد مدينة، بل رمز للأمل والتحدي. أهلها ينظرون إلى المستقبل بأمل، وهم عازمون على تحويل صفحات الحرب إلى فصول من النهوض والازدهار.

الأكثر قراءة

العلويّون ضحايا العلويين