اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


اقترب عيد الميلاد ورأس السنة، والغصة في قلوب اللبنانيين جراء الواقع المرير الذي يعيشونه، إذ فقدت معظم العائلات مقومات الحياة، التي كانت تمتلكها في السابق قبل وصولها إلى جهنم، جراء الأزمات الاقتصادية والسياسية والمعيشية اللامتناهية، التي أنهكتهم نفسياً ومادياً، متحسرين على أيام الخير والبحبوحة، عندما كان لبنان لؤلؤة مضيئة في هذا الشرق.

الأعياد في لبنان هذا العام ليست كما اعتاد اللبنانيون إحياءها في الأعوام الماضية، وعلى الرغم من تزيين بعض الشوارع والساحات، إلا أن الشوارع والمحال التجارية خالية من اكتظاظ الزبائن للتبضع وشراء لوازم الزينة والهدايا، مكتفين بتأمل الأسعار بخيبة بسبب الأوضاع الاقتصادية المتردية.

فرحة العيد لم تعد على حالها، بل باتت غصة ولوعة في قلوب الأهالي العاجزين عن تأمين أدنى احتياجات أطفالهم، وسط أزمة اقتصاديّة أدت إلى موت الليرة، وتبخر المداخيل، وتضخم الأسعار.

 لورين أم لطفلين أكدت أنها بعد جولتها في الأسواق، رأت الأسعار المرعبة لألعاب الاطفال والثياب، مضيفة وعيناها تغرقان بالدموع "وسط هذه الأسعار المرتفعة توجهت إلى البالة واشتريت ثيابا لأطفالي، فلا قدرة لي لشراء الجديد".

من جهتها، تؤكد مها أنها هي واسرتها ستحتفل بالعيد، لكن ليس كما قبل نظراً للظروف، مضيفة "في القلب غصة بسبب الأوضاع التي يمر بها بلدنا، سنكتفي بحضور القداس الإلهي إضافة إلى تقاليد العيد، أما بالنسبة للمأكولات والحلويات واللباس فستكون مختصرة وع قد الحال".

الغصة كبيرة لدى الشريحة الكبرى من المواطنين، الذين فقدوا قدرتهم الشرائية بشكل جزئي أو كامل وباتوا معدومين، بعدما كانوا يشكلون الطبقة الوسطى التي تشكل العمود الفقري للحركة الاقتصادية في البلد، ووفق بيانات البنك الدولي فان 70% من المواطنين يعانون من الفقر.

"أين ولت تلك الأيام حين كنا نمشي في شوارع وسط مدينة بيروت، ونجدها مزدحمة بالسياح العرب والأجانب"؟ بهذه العبارة بدأ جورج كلامه وهو رب عائلة ميسورة، ليضيف " الوضع هذه السنة مختلف، فلا العملة الوطنية لها قيمة، ولا حتى الدولار يكفي مع ارتفاع الأسعار، فبت افتش عن الأرخص بكل شيء".

من ناحية أخرى، وبعيدا عن كل مظاهر العيد، هناك من يسعى لعيش روحية العيد، فشربل أكد أن العيد ليس بالمظاهر والثياب الجديدة، ولكن البعض يحب أن يعيش العيد بالمظاهر، رغم أنهم اختصروا ولم يشتروا سوى الاساسيات".

أما أصحاب المحال التجارية والمطاعم، فعبروا عن تفاؤل حذر بعودة الحركة التجارية مع عودة المغتربين وقرب موسم الأعياد، مؤكدين أن وقف إطلاق النار بعد الحرب الهمجية من قبل العدو "الإسرائيلي"، أعطى للشعب اللبناني أملا في عودة الحياة إلى طبيعتها بشكل تدريجي.أحد التجار في سوق جونية فضل عدم ذكر اسمه، أكد أن "الحركة في السوق انتعشت بعض الشيء"، مشيراً إلى أن "هناك تفاؤلاً حذراً للحركة في موسم الأعياد، على أمل أن يعطينا نفساً جديداً".

ويشير الخبراء إلى أن وقف إطلاق النار قد يمنح الاقتصاد اللبناني دفعة إيجابية ولو مؤقتة، تساعد المواطنين على تجاوز جزء من معاناتهم المستمرة.

وفي هذا السياق، قال رئيس "هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية – الخليجية" إيلي رزق، "لا شك أن وقف إطلاق النار أدخل البهجة إلى جميع اللبنانيين، خاصة إلى القطاعات الإنتاجية، لا سيما أننا مقبلون على موسم الأعياد"، وأشار إلى أن "هذا الموسم يعيد الحياة إلى القطاع الخاص والدورة الاقتصادية، لأنه يشكل نحو 30% من الناتج الإجمالي".

سيحتفل اللبنانيون بالأعياد رغم كل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، لأن رمزية عيد الميلاد تتجسد بالرجاء والفرح وولادة السيد المسيح، والتي لا بد أن تجلب معها الأمل بغد أفضل للبنان.

وفي هذا الإطار أعلنت "أسواق بيروت" عن مبادرة "التبرع بدلا من التزيين" للوقوف مع الشعب اللبناني، مروجة للأمل والوحدة من أجل غد أفضل.

المدير العام لأسواق بيروت أديب النقيب اشار إلى أن "بعد تحديد عدد من المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الرائدة، التي أدت أدوارا محورية في الاستجابة للأزمات الأخيرة، تعرفنا الى الاحتياجات الأكثر إلحاحا، لدعم العائلات النازحة التي لا تزال تواجه ظروفا صعبة"، مضيفا "تشمل هذه المبادرة توزيع أكثر من 1,000 قطعة ملابس شتوية و400 مدفأة من خلال هذه المنظمات الموثوق بها، إضافة إلى إعادة تأهيل معدات أساسية للدفاع المدني اللبناني".

العيد فسحة للروح ونسيان الواقع المرير سياسيا واقتصاديا، ومساحة يهرب إليها الكثيرون، لكن رغم كل الصعوبات والتحديات سيتعافى لبنان، فهو كطائر الفينيق مستعد للتحليق مجددا، لينهض من تحت الرماد ويعود إلى الحياة بقوة وإرادة، فالشعب اللبناني شعب محب للحياة، ولنسبشر خيرا في زمن الميلاد، وندعو ونصلي من أجل لبنان ليعود الأمن والاستقرار والسلام إلى ربوعه.

الأكثر قراءة

القصر الجمهوري يستعد... هل يكون 9 كانون الثاني موعداً للحسم الرئاسي؟ «الاسرائيليون» لاهالي الجولان: لن ننسحب وستخضعون للقانون «الاسرائيلي» بالتجنيد اعتراض اميركي اوروبي على العفو العام عن الإسلاميين وطلبات إخلاء السبيل رُدّت