اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب


أن تصرخ ميريام ادلسون، أرملة الملياردير النيويوركي شلدون ادلسون، في وجه أركان الائتلاف "انكم لا تقتلون اليهود في اسرائيل فقط. في أميركا أيضاً"... كان ذلك تعقيباً على الخلافات العاصفة التي اندلعت بسبب اتفاق وقف النار في غزة.

ادلسون المتشددة، وكانت الممولة الأولى لحملة دونالد ترامب الانتخابية، خائفة من أن يؤدي التصدع بين اليهود واليهود الى تكرار ما حدث في المملكة اليهودية عقب وفاة الملك سليمان في القرن العاشر قبل الميلاد.

الفيلسوفة الأميركية اليهودية جوديت باتلر ترى المشهد من زاوية أخرى... "الى أين ذلك الشبق اللانهائي الى الدم؟". "الاجابة عندها أيضاً" كم لا تحفرون قبوركم بأيديكم فقط، بل انكم تحفرون قبراً ليهوه أيضاً". ترى أن العالم لم يتعاطف مع الدولة العبرية كونها قدمت نفسها الظاهرة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، بل لايحائها أنها محاطة بقبائل بدائية وتشحذ أنيابها للانقضاض عليها. الصورة تتبدل، وعلى نحو خطر، حتى في أميركا. ثمة من يحدق في عيون الموتى الفلسطينيين. ما يحصل لا يقل هولاً عن محرقة أوشويتز (الهولوكوست). هناك أوشويتز اليهودية وهنا أوشويتز العربية.

باتلر لا تستبعد الانحلال التدريجي لاسرائيل. تستغرب كيف أن ظاهرة الجنون لا تقتصر على القيادة. القاعدة أيضاً راحت تقرع الطبول في الشوارع احتجاجاً على اتفاق وقف النار، ولم يكن ليحدث لولا ضغط دونالد ترامب الذي لا يمكن أن يكون البطة العرجاء، كما هو جو بايدن، أمام رئيس الحكومة الاسرائيلية. أميركا التي تحكم العرب تحكم الاسرائيليين أيضاً.

كيف يقنع ذلك أركان الائتلاف الذين يعتقدون أنه لولا اسرائيل لما كان هناك أثر للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. السناتور بيرني ساندرز علّق قائلاً "لماذا لا تحاولون ضم أميركا الى اسرائيل الكبرى على غرار غزة والضفة؟".

حتماً لم يضغط ترامب لأنه ضنين بالعرب، وبدماء العرب، الذين، في نظره، ليسوا أكثر من عباءات فارغة وتتقيأ الذهب. علماً بأنه يعتزم، في ولايته الثانية، تفعيل السلام في الشرق الأوسط، بتوسيع "ميثاق ابراهيم"، لتفتح كل الأبواب أمام الحاخامات. عينه على المملكة العربية السعودية التي اذا ما التحقت بـ "الميثاق"، تفيّرت، على نحو دراماتيكي المسارات الاستراتيجي والتاريخية للمنطقة التي وعد ترامب بتحويلها الى "الفردوس التكنولوجي"، ولكن بادارة من...؟

داخل فريق ترامب من يدعو الى استمرار الضغط على آيات الله للبقاء بعيداً عن أي نشاط جيوسياسي، أو جيوستراتيجي، في المنطقة. أوساطهم تشير الى أن رجب طيب اردوغان تعهد للرئيس الأميركي المنتخب بدفع الادارة السورية في سورية الى عقد السلام مع اسرائيل، وحتى اقامة علاقات استراتيجية معها. ما هو الثمن؟ لا دولة كردية في سورية، وضم مناطق حيوية، في مقدمها مدينة حلب، الى تركيا. لا ندري ما اذا كانت الصفقة تشمل العراق ايضاً، بعدما دعا اردوغان، ولمرات، الى تعديل، أو الغاء، مقررات مؤتمر لوزان (1923) لالحاق مدينة الموصل العراقية بتركيا، كونها كانت تشكل مع حلب جناحي السلطنة العثمانية في المنطقة. الحديث ايضاً عن كركوك وحيث حقول النفط.

لبنان تحصيل حاصل. تحت المظلة الأميركية. لا ندري دقة المعلومات التي تقول ان الرئيس ماكرون أبلغ القيادة اللبنانية بأنه، وقبيل زيارته بيروت، تحادث مع ترامب حول لبنان. ولكن ماذا في رؤوس ذئاب الهيكل. ايتامار بن غفير وبسلئيل سموتريتش لا يثقان بأي نوع من السلام مع العرب. خائفان من أن يذوب اليهود في ذلك الأوقيانوس البشري. الحل في البقاء داخل الغيتو. اي معاهدة سلام يفترض أن تبقى عبر الأسلاك الشائكة. لاثقة البتة بالآخرين (الغوييم) لأنهم يختزنون كراهية تاريجية لليهود، ويمكن أن تتفجر في أي لحظة.

ولكن أين هم الفلسطينيون في هذه الحال. ترامب يرى أن الدول العربية التي تعاني من فائض في التاريخ، وهذا له دوره في اعاقة التفاعل مع ديناميات القرن، تعاني أيضاً من الفائض الجغرافي. على هذا الأساس يمكن توزيع الفلسطينيين على أكثر من بلد عربي، أو اقامة دولتهم على أرض عربية، شرط أن تكون بعيدة عن الحدود التوراتية لاسرائيل.

ما تناهى الينا من مصادر خليجية أن غالبية بلدان الخليج التي كانت ترفض الوجود الايراني في سورية لن تقبل حلول الوجود التركي فيها. من هنا كان الاندفاع نحو دمشق التي "نرفض أن يبيعها اردوغان لاسرائيل". ولكن هل يمكن العرب بتبعثرهم الحالي، أن يمنعوا أي محاولة لاعادة صياغة خرائط المنطقة، أو أي محاولة لارغامهم على القبول باسرائيل في سلام يقوم على معادلة القوة والضعف؟

لا أحد يعلم أي أشياء غرائبية في رأس دونالد ترامب، وهل بالامكان تطبيق ذلك على الأرض؟ لعل هناك من يسرّ في اذنه المصابة، والتي تخرج منها النار، بحسب بوب وودورد وروبرت كوستا، في كتابهما Peril""، بأن الشرق الأوسط، مثلما هو أرض الديانات الكبرى، والحضارات الكبرى، هو أيضاً أرض الزلازل الكبرى.

لنلاحظ أي زلزال يضرب اسرائيل الآن، والى أين يمكن أن يأخذ حكومة بنيامين نتنياهو. ايضاً نتنياهو، وأيضاً اسرائيل!!

الأكثر قراءة

دعم دولي وعربي غير مسبوق وماكرون: مؤتمر دولي للتمويل والإعمار موقف الثنائي بعد الاطلاع على التشكيل والأجواء ايجابية بري لإعلاميين: الأجواء جيدة والأمور نحو الحل