أخيراً لنعترف بأن طريق الجلجلة انتهى بتعليقنا على الخشبة. هل هي لعبة التاريخ، وقد احتفى بموتنا؟ أم هي لعبة القضاء والقدر، وقد انتقل من يد الله الى يد... دونالد ترامب؟
أما وقد اعتبرت مجلة "أطلانطيك" الأميركية أن ايران خرجت من المعادلات الجيوسياسية الراهنة في الشرق الأوسط، ما رأي العرب بالسياسات المجنونة لبنيامين نتنياهو الذي يعطي، مع شريكه في الائتلاف بسلئيل سموتريتش، الأولوية لتنفيذ الوعد الالهي على أي أولوية أخرى، بما في ذلك التطبيع الذي يفتح آخر الأبواب الموصدة أمام "الحاخامات".
لا أحد يستطيع وقف مجنون أورشليم، غير مجنون واشنطن، دون أن ندري الى أين يجرنا الثور الأميركي الذي قد يكون أفضل من أي ثور آخر، ما دمنا في العربة الأخيرة من القطار. الأوروبيون بعكسنا يصرخون. الفرنسي فرنسوا بايرو قال "ترامب يسحقنا". أولاف شولتس الذي أدار ظهره للتراث الألماني، وحيث لم يتوقف يوماً قرع الطبول ولا ضجيج الأدمغة، ووضع ظهره بتصرف البيت الأبيض، دعا الى "موقف أوروبي واثق (أم وثيق؟) في مواجهة الرئيس الأميركي"، موصياً الجميع بأن "يحافظوا دوماً على استقامة الظهر".
معلقون أوروبيون يتخوفون من نهاية وشيكة للقارة العجوز، وهذا ما حذر منه البنتاغون، الذي اعتبر أن الانفصال الاستراتيجي بين ضفتي الأطلسي، يعني وضع الولايات المتحدة بين فكي الكماشة، أي بين روسيا والصين، بعدما كان صديق ترامب اريك ازمور، السياسي الفرنسي اليهودي المتطرف (من أصل جزائري)، قد حذّر من أن أي تصدع في المعسكر الغربي يعني "فتح أبوابنا أمام البرابرة".
صرخة أوروبية ، لا صرخة في الشرق الأوسط، حتى ولو توعد ترامب بالمضاربة على النفط العربي في الأسواق العالمية ، لا يعنيه من نحن. أحد مؤيديه لويس لافام، صاحب مجلة "هاربرز"، دعانا قبل وفاته في تموز الماضي، وبكل تلك الفظاظة، الى أن نستبدل ومنذ الان طائرات البوينغ بالنوق المجنحة. الأمير محمد بن سلمان استبق الهجوم الأميركي بخطوة وقائية، اتصل بترامب مهنئاً، وواعداً باستثمار مبلغ 600 مليار دولار على مدى 4 سنوات قابلة للزيادة، على أمل ألاّ يصف الرئيس الأميركي المبلغ بـ... الملاليم!!
كفانا برؤوسنا المقطوعة لعباً في قعر الزجاجة. لا قضايا كبرى، ولا صرخات الشوارع. لقد أمضينا تلك السنوات الطويلة، ونحن نقاتل طواحين الهواء. غريب أن نصل الى تلك اللحظة التي نراهن فيها على دونالد ترامب، لانقاذنا من براثن بنيامين نتنياهو. جيوسياسياً لم يبق هناك سوى رجب طيب اردوغان الذي، لقاء البقاء على عرشه، مستعد حتى لتحويل الجامع الأموي في دمشق الى كنيس يهودي. قال انه جاهز لاستئناف علاقاته التجارية مع "اسرائيل"، ان استمر وقف النار في غزة. على من يضحك هذا الرجل الذي ظل يبعث بالخضر والاسماك، وحتى بالبارود، الى الدولة العبرية حتى فضحته الصحف "الاسرائيلية"، التي أثنت على موقفه "الأخلاقي"؟
الآن، كالعادة، لا يعتزم فقط الذهاب باللعبة الأميركية الى حدودها القصوى. أيضاً الذهاب باللعبة "الاسرائيلية" الى حدودها القصوى. قد يظن بعقل الثعبان، أن "اسرائيل" تكتفي بأن ترفرف نجمة داود على ضفاف بردى، مقابل أن تكون سورية ولاية عثمانية. نتنياهو يصرعلى التقسيم. أمامه خارطة ملونة بدويلات بعضها يكون تابعاً كلياً "لاسرائيل". "الحاخامات" يريدون أكثر من ذلك. تحقيق نبؤة اشعيا بأن "تزول دمشق من بين المدن وتغدو ركاماً من الأنقاض".
"الاسرائيليون" لا يأمنون للرئيس التركي الذي احترف اللعب في الظلام. شخصية مكيافيلية، وقابلة للاستخدام في كل الاتجاهات لقاء طربوش السلطان، وان لم يتوقف عن محاولة التسلل تحت الخطوط الحمراء. دباباته في ليبيا (لماذا؟)، ويمد عبد الفتاح البرهان بالسلاح والعتاد، وربما بالمستشارين، لاقامة قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، وهو الذي شاطئ بلاده أربعة بحار (المتوسط، الأسود، ايجه، مرمرة). العالم التركي الذي يمتد الى الداخل الصيني (تركستنان الشرقية أو اقليم سينغيانغ)، لا يتوقف عند شواطئ قزوين، بل يتاخم شواطئ الأدرياتيك...
دونالد ترامب على أكتافنا، وقد بايعناه ـ على رؤوس الأشهاد ـ خليفة على المسلمين، بعدما قدم نفسه مبعوثاً من الله، وهذه صفة الأنبياء، من أجل انقاذ أميركا كونها، وبحسب القس جون هاغي، "أمبراطورية الله". التوصيف استقاه من الكتاب المقدس لا من كلام جورج سوروس حول "أمبراطورية الآلهة"! بالرغم من ذلك وقّع أمراً تنفيذياً باعادة فرض حظر على المسافرين من البلدان ذات الغالبية المسلمة، ومن البلدان العربية.
لا جدوى من الاعتراض، ولا من الصراخ. لا تتصوروا أن القتلى وحدهم تحت الأنقاض. يعرب بن قحطان لا يستحق أن نضع زهرة على قبره. الزمن العربي يبدأ بساقي شهرزاد وينتهي بساقي الليدي غاغا. لا تنسوا تحية كاريوكا برقصة الهوانم، ولا سامية جمال برقصة الخيول.
صادق جلال العظم قال "لكأن الفقهاء وجدوا لكي يقفلوا رؤوسنا". لا حاجة للذكاء البشري من أجل تحويلنا الى زواحف بشرية. الأميركيون أقفلوا في وجهنا باب التاريخ، وباب المستقبل، فتحوا أمامنا باب الحظيرة.
لقد مللنا من الرقص على أرصفة الجحيم. في أميركا تحار بين ارصفة لاس فيغاس وأرصفة البيفرلي هيلز. ارتضينا أن نكون أنصاف بشر، وأنصاف أميركيين. هل يقبل دونالد ترامب...؟!
يتم قراءة الآن
-
صراع الغربان لا صراع الديكة
-
لبنان امام استحقاق وقف النار وواشنطن: لإنهاء الإنسحاب بمهلة 60 يوماً سلام عرض على عون خارطة طريق لحكومة تحظى بثقة شعبية وعربية ودولية انطلاقة الجمهورية الثالثة بعد الانتخابات النيابية...وبن فرحان: السعودية لن تترك الشعب اللبناني
-
«حبس أنفاس» جنوباً... وبن فرحان يُحدد الأولويات السعودية «اسرائيل» تناور وغموض من حزب الله حول «اليوم التالي»؟! سلام يواصل تفكيك «الألغام»... وزارة المال للشيعة
-
رؤية ترامب للشرق الاوسط لم تتضح بعد... وصراع بين طرفين في فريق عمله
الأكثر قراءة
عاجل 24/7
-
22:07
جعجع: أنا كلياً ضد تأجيل الانتخابات البلدية باستثناء بعض القرى الجنوبية التي يتعذّر عودة أهلها إليها
-
22:00
جعجع: رئيس الجمهورية بالتنسيق مع وزير الدفاع يختار قائد الجيش الجديد ويُعرَض الاسم على مجلس الوزراء
-
21:59
جعجع: لا نريد وزارة الطاقة اليوم لأن تأمين الكهرباء يحتاج على الأقل إلى سنتين أو ثلاثة
-
21:49
جعجع: ترشيح نواف سلام كان لبنانياً ولم يحصل أي تدخل خارجي وزيارة وزير الخارجية السعودي تؤشر الى مرحلة جديدة ولبنان هو الذي خرج من الحضن العربي
-
21:40
أمين مجلس الأمر بالمعروف في طهران يدعو إلى اعتقال محمد جواد ظريف على خلفية تصريحاته في دافوس
-
21:19
جعجع: لا أعلم إن كنّا سنأخذ كتلة سيادية ومن مصلحة الرئيسين عون وسلام أن يكون هناك عدد كبير من القوات في الحكومة لأننا نريد نفس ما يريدون