ملفوف البروكسل... كنز الشتاء المخبّأ بين طيّات التبريد بعد انتهاء موسمه!
اختصاصيّة تغذية: غذاء خارق لتعزيز الصحة وحماية الجسم!

اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب

يُشبه ملفوف البروكسل، في عالم الخضر، الطفل الصغير الذي يحمل في طياته حكمة الكبار. فهو نسخة مصغّرة من الملفوف التقليدي، لكنّه لا يقلّ أهمية أو قيمة غذائية، بل يُخفي بين طبقاته الصغيرة عالما من الفوائد التي تجعل منه كنزاً زراعياً وصحياً في آنٍ معاَ. فإذا كان الملفوف الكبير رمزاً للقوة والثبات، فإن ملفوف البروكسل يجسد البراعة والدقة، وكأنّ الطبيعة أرادت أن تُعيد صياغة عظمتها في شكل أكثر تواضعاً، لكنه لا يخلو من السحر والجاذبية.

رزق واستبشار بقدومه!

يوضح الخبير الزراعي يحيى لـ "الديار" ان "ملفوف البروكسل يزهر في أواخر الصيف وبداية الخريف، حيث يُطل على الأسواق كإشارة رمزية لبداية موسم الحصاد، كأنّه سفير الطبيعة الذي يبشّر بإقبال الخيرات. في المقابل، يحتاج هذا النوع من الخضر إلى تربة غنية بالمواد العضوية، جيدة التصريف، ومتوازنة الحموضة، فهو كالعازف الماهر الذي لا يُبدع إلا في بيئة متكاملة تدعمه وتُبرز جماله. في لبنان، تُعتبر المناطق ذات المناخ المعتدل والمائل للبرودة في الجبال والسفوح موطناً مناسباً له، إذ يتطلب درجات حرارة تتراوح بين 7 و24 درجة مئوية لينمو بشكل مثالي.

ويقول: "يتم غرسه من خلال البذور التي تُغرس بعناية في الشتلات، لتُنقل لاحقًا إلى الحقول في رحلتها الطويلة نحو النضج. وكما يستلزم هذا النبات رعاية دقيقة، من ريّ متوازن إلى تسميد مناسب، فإنّه يُكافئ المزارع بثمار صغيرة لكنها غنية بالعناصر الغذائية، كأنّها درر تُستخرج من قلب الأرض. لذلك، فإن عملية شتله ليست مجرد عملية زراعية؛ بل هي حكاية تعاون بين الإنسان والطبيعة، حيث يمد كل منهما يده للآخر ليخرج لنا هذا المنتج الذي يضيف إلى أطباقنا نكهة فريدة وفائدة عظيمة".

ويشير الى ان "موسمه طبيعياً يمتد من أواخر الصيف وحتى بداية الشتاء، حيث يبدأ نضجه من شهر أيلول ويستمر حتى كانون الأول. ومع حلول شهر كانون الثاني، من المرجّح أن النوع المتاح في الأسواق الآن يكون إما مستوردا أو محفوظا بالتبريد، إذ يتم تخزينه في درجات حرارة منخفضة للحفاظ على جودته بعد انتهاء فترته الطبيعية. وهذا يدل على ان الطازج، الذي يُقطف في ذروة إيناعه، قد ترك مكانه الآن للأنواع المبرّدة التي تُعد خيارا ضرورياً لضمان استمرارية توافر هذا النوع المميز من الخضر على موائد المستهلكين حتى بعد انتهاء وقته الزراعي".

مزاياه متعددة

من جهتها، تتحدث اختصاصية التغذية كاتيا قانصو لـ "الديار" عن الفوائد الصحية الكثيرة التي يتميز بها ملفوف البروكسل (Brussels Sprouts)، مشيرةً إلى أنه يُعد من أبرز الخضراوات الصليبية التي تُعرف بقيمتها الغذائية العالية، اذ تحمل هذه الخضرة الصغيرة في طياتها كنزاً من الفيتامينات والمعادن، إلى جانب قدرتها على الوقاية من الأمراض وتوطيد الصحة العامة".

منافع مميزة

وتشرح عن خصائصه الصحية الغنية بالفيتامينات والمعادن، ومنها:

فيتامين C: يحتوي على نسبة عالية من هذا الفيتامين، الذي يعزز المناعة ويحسن مظهر البشرة.

فيتامين K: ضروري لسلامة العظام ودعم عملية تخثر الدم.

عناصر أساسية: يوفر مجموعة من المعادن مثل البوتاسيوم، المغنيسيوم، والحديد، التي تدعم وظائف الجسم الحيوية.

الألياف الغذائية: تساعد في تنشيط عملية الهضم، خفض الكوليسترول الضار، وتجنب الإمساك، وتعزيز صحة الأمعاء. كما يساهم البوتاسيوم في تنظيم ضغط الدم.

مضادات الأكسدة: مثل الكاروتينات والفلافونويدات، التي تساهم في تخفيف الالتهابات وحماية الجسم من الأمراض المزمنة. كما تعمل مضادات الأكسدة وفيتامين C معاً على تعزيز إنتاج الكولاجين، مما يقوي مرونة الجلد، يمنع ظهور التجاعيد، ويحافظ على صحة الشعر ولمعانه.

الجلوكوسينولات: أظهرت دراسات علمية ان لهذه المركبات الكيميائية دوراً في الوقاية من أنواع معينة من السرطانات، مثل سرطان القولون والثدي.

فقدان الوزن: يعد عوضاً ملائماً للتخلص من السمنة، حيث انه منخفض السعرات الحرارية، غني بالألياف، ويعزز الشعور بالشبع، ما يجعله خياراً ممتازاً أثناء اتباع نظام غذائي صحي.

تنظيم مستويات السكر في الدم: أكدت دراسات عدة ارتباط استهلاك الخضروات الصليبية، بما فيها ملفوف البروكسل، بالمساعدة على ضبط مستويات السكر وتقليل مقاومة الأنسولين.

صحة العيون: بفضل احتوائه على الكاروتينات وفيتامين C، يساعد في درء أمراض العين المرتبطة بالتقدم في العمر، مثل إعتام عدسة العين.

كيفية تحضيره

وتتطرق قانصو إلى "طرق اعداده التي تتنوع بشكل كبير، بحيث يمكن طهيه بالبخار أو شويه مع زيت الزيتون والتوابل لإبراز نكهته المميزة، كما يُضاف إلى السلطات الباردة كعنصر مغذ ولذيذ. بالإضافة الى استخدامه في تجهيز أطباق الحساء أو الخضراوات المشوية، مما يجعله بديلا مثاليا للحصول على وجبة صحية متكاملة".

مميزات أخرى

وتلفت الى ان "الدراسات المنشورة في مجلات التغذية والصحة العامة، تبين أن الخضراوات الصليبية مثل ملفوف البروكسل تمتلك مركبات الكبريت العضوية التي تعزز عمليات إزالة السموم في الجسم وتحسن وظائف الكبد، مما يضيف بعدًا آخر لفوائد هذا النوع من الخضر".

الوقاية من الأمراض المزمنة

وتشدد في الختام على أن "إدخال ملفوف البروكسل إلى النظام الغذائي يمكن أن يُحدث فارقًا كبيرًا في تحسين الصحة العامة، مشيرةً إلى ضرورة اختيار طرق طهي صحية للحفاظ على قيمته الغذائية. وأضافت أن استهلاكه بانتظام قد يكون مفتاحًا للوقاية من العديد من الأمراض المزمنة".

في الخلاصة، مما لا شك فيه ان تسليط الضوء على فوائد الخضراوات بشكل عام يعكس أهمية الوعي الغذائي في مجتمعنا، حيث يساهم إدخال هذه الأنواع إلى موائدنا في تحسين الصحة العامة والوقاية من الأمراض المزمنة. مع تزايد التحديات الصحية مثل السمنة والأمراض المستعصية، تبرز الحاجة الى تعزيز ثقافة التغذية الصحية بين الأفراد. وعلاوة على ذلك، فإن التركيز على هذه الموضوعات يزيد من الوعي البيئي والزراعي، مما يرسخ الممارسات المستدامة ويرفع جودة الحياة. من خلال تناول مثل هذه المقالات الصحية المتعلقة بالتغذية، نساعد المجتمع على اتخاذ خيارات غذائية ترتقي الى مستوى حياة أفضل.